بالرغم من الاختلاف السياسي حول ملف ترسيم الحدود البحرية مع العدو الاسرائيلي والمزايدات الهادفة الى تسجيل بعض النقاط والغمز من قنوات معينة، فإن احدا لا يستطيع ان ينكر بأن ما حصل هو انجاز وطني بامتياز لا يجوز ان يُحسب لطرف دون آخر أو ان يُستثنى منه أحد.
اللافت، ان رئيس الجمهورية ميشال عون الذي يفتش عن انجاز يُسجل لعهده الذي شهد أسوأ أنواع الازمات والانهيارات، حرص على أن ينسب انجاز الترسيم لنفسه وان يجيّره الى صهره جبران باسيل عندما كان وزيرا للطاقة والى فريق التيار الوطني الحر المعاون له، ضاربا بعرض الحائط جهود كل الذين ساهموا في الوصول الى الترسيم سواء من بدأ به قبل نحو عشر سنوات، أو من استكمله وصولا الى خواتيمه السعيدة اليوم.
يبدو ان الرئيس عون نسيَ او تناسى عن قصد الادوار التي قامت بها اطراف عدة في قيادة المفاوضات وتذليل العقبات وازالة العراقيل من امام هذا الترسيم الذي ما كان ليحصل لولا إتفاق الاطار الذي عمل عليه الرئيس نبيه بري وبذل جهودا مضنية فيه.
ولم يكن لهذا الترسيم أن يحصل لولا الاجماع الوطني الذي شكله الرئيس بري والرئيس نجيب ميقاتي الذي لعب دورا دوليا مكملا.
ولم يكن لهذا الترسيم أن يحصل لولا الجهود الجبارة التي بذلها مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم الذي يحتفظ بكثير من التفاصيل لنفسه وعندما يُسال عنها يرد بابتسامة رضى عن الدور الذي لعبه.
ولم يكن لهذا الترسيم أن يحصل لولا الدور الكبير الذي لعبته المقاومة في وقوفها خلف الدولة، وفي التهديدات التي اطلقتها وترجمتها في حقل “كاريش” بأساليب مختلفة، ما احدث توازن رعب دفع أميركا وفرنسا الى الضغط على العدو الاسرائيلي للتوقف عن الغطرسة التي اعتاد عليها وتقديم التنازلات ما احدث انقساما غير مسبوق بين اركان الكيان الغاصب عشية الانتخابات الاسرائيلية.
كل ذلك يشير الى مشكلة حقيقية في نهج الرئيس عون وفريقه السياسي برئاسة جبران باسيل الذي لم يتوان عن تمنين اللبنانيين بدور نسبه لنفسه في المفاوضات من دون ان يكون ذو صفة رسمية في هذا الملف، وبالتالي فإن هذا النهج لا يمكن لأحد ان يبني معه عملا مشتركا، وهو اليوم من يمنع ولادة الحكومة التي يريد أن يفاوض عليها ويربح كل شيء فيها.
يريد باسيل حكومة تضم مجموعة من المحسوبين عليه الراضخين لأوامره، يعملون على تحقيق مصالحه بإقالات وتعيينات وتصفية حسابات تؤمن له قيادة قصر بعبدا مستقبلا من الرابية او من ميرنا الشالوحي، وتكبل العهد الجديد ورئيسه بسلطة وادارة برتقالية تمدد النفوذ الباسيلي وتبقي جبران على قيد الحياة السياسية.
لم يكن خطاب رئيس الجمهورية ميشال عون موفقا ولم يكن على مستوى الانجاز الذي تحقق، حيث غلب عليه طابع الانانية والاستئثار وتجيير انجازا وطنيا لا يملكه بمفرده الى من لا يستحق!..
Related Posts