عقد توفيق سلطان مؤتمرا صحافيا في منزله – الميناء طرابلس، استهله بالقول: “فوجئت بالأمس باجتماع دار الفتوى وقد غاب عنه التوقف عند الفاجعة الأليمة التي حلت بنا وقد آلمنا غياب موقف عزاء شهداء المركب من الحاضرين، وهذا مؤلم ومستنكر. من الواضح أن تكرار هذه الفواجع حصراً بمنطقة وبيئة معينة، وهي تمتد من القلمون الى الحدود السورية وتشمل الى جانب اللبنانيين سوريين وفلسطينيين من الطائفة السنية”.
أضاف: “من المعلوم أن لبنان كله يعاني من ظروف معيشية قاسية لكن لم نر مركباً يحمل عائلات من رجال ونساء وأطفال يبحرون بعد بيع ممتلكاتهم. هذه الخصوصية لهذه المنطقة ليست صدفة بل هي نتيجة غياب الانماء المتوازن والمؤامرة المستمرة على هذه المنطقة وأهلها. لقد حذرنا من ذلك مراراً ولم يكن من الدولة الا الاستمرار في الاهمال والتهميش وكأنهم يريدون قصاص أهلها على عروبتهم التي ميزتهم على مر الزمن”.
وتابع: “أعود آسفا الى محاولة البعض اليوم استحضار الوجود السني بعد أن هجر زعيم الطائفة وشرذم تمثيلها، وكأني بهم يبكون حضوراً لم يحافظ عليه كالرجال جاء اليوم يبكونه كالنساء”.
وتابع: “نعلم جميعا أن الوضع مأساوي في كل البلد ولكن في طرابلس ثمة أمور مختلفة عن كل المناطق، فلم نر من القلمون وحتى الناقورة اي مركب خرج يحمل العائلات والأطفال متوجها بهم الى الخارج. وأتوقف هنا عند كلام للشاعر نزار قباني يقول فيه قبل خمسين عاما: سامحونا، إن تجمعنا كأغنامٍ على ظهر السفينة، وتشردنا على كل المحيطات سنيناً وسنينا، لم نجد ما بين تجار العرب تاجراً يقبل أن يعلفنا أو يشترينا”.
وأردف: “تعقد اجتماعات هنا وهناك منذ ما قبل الانتخابات ولكننا أمام صمت مريع، وقد عز علي أمام غرق زورق موت جديد ألا أتحدث. وأقول ان طرابلس منذ اعلان دولة لبنان الكبير تتعرض للتطويق والتهميش والخنق، وإذا استثنينا مرفأ طرابلس الذي ورغم محاربة الكل له، يجني ثمار ما زرعناه فيه، وما قدمته وبذلته من جهد يعرفه القاصي والداني، اذا استثنينا المرفأ فليقولوا لنا او يستحضروا مشروعا واحدا يعمل وينتج في طرابلس ويدخل ولو ليرة واحدة، ومع ذلك يستمر الحصار. ومنذ وقت قريب خصص للمدينة ٨٧ مليون دولار من البنك الإسلامي ربعه هبة والباقي مقسط على مدى ثلاثين عاما بفوائد متدنية، وقد خضنا معارك في مجلس النواب لتحقيقه وعندما عرض في مجلس النواب وجد من ينادي بمرفأ في الناقورة. ومن يتخوف على مرفأ بيروت قلنا لمن نادى بمرفأ في الناقورة فلتنشأ مرافىء عدة فيها، وقلنا لمن تخوف على مرفأ بيروت ان حرصنا مثل حرصه ولا سبب لمخاوفه، وانه ببساطة من حق طرابلس ان يكون فيها مرفأ. وبقينا نلاحق ال ٨٧ مليون دولار وصدر قانون بها ولزمت ثم تعطلت نتيجة تداخل ديون مجلس الإنماء والأعمار، ولا يزال الموضوع عالقا، ولا يحول المبلغ وهو بالدولار الفريش الى طرابلس. كل ذلك فيما يصل إلى يد السماسرة في النفط والدواء وغيره والى مهربي الطحين مبالغ طائلة”.
وقال: “انها مؤامرة تحاك للمدينة، وقصة نور الفيحاء الشركة التي تأسست برأس مال طرابلسي وبموجب قوانين متطورة وإشراف خبراء من بريطانيا، علق الملف وطلب من الرئيس ميقاتي أن يراجع جبران باسيل في كل مرة طالب به رئيس الجمهورية”.
أضاف: “نحن من طرابلس اليوم، نود ان نشيد باجتماع وبيان دار الفتوى بعد الاجتماع الجامع، والمقاصد شريفة والكلام معبر، ولكن لي ملاحظة هل نحن بحاجة لكي نثبت عروبتنا؟ نحن في طرابلس عروبتنا ليست موضع تساؤل فعندما اعدم عمر المختار في الثلاثينات نشبت ثورة في المدينة، وفي العام ١٩٤٨ كان مقر جيش الانقاذ الفلسطيني في طرابلس، ففي كل المحطات كنا نحن العروبة الأصلية ومن يريد أن يرجع إلى العروبة عليه ان يرجع إلينا”.
وتابع: “أود أن أشكر دولة العراق التي تعاني بدورها جراء ظروف سياسية سيئة، على المساعدة القيمة التي تقدمها والتي لولاها لما كان عندنا ولا ساعة كهرباء. وإذا تم مشروع الهبة الإيرانية لا بد الا ان نشكرها. أما عتبي فكبير على إخواننا العرب، أفلا يرون أننا في أزمة خانقة؟ أفلا يرون الجوع والمعاناة التي يعيشها إخوانهم في لبنان وهم يسألون عن جنس الملائكة؟ فهل نحن من ينصر الحوثيين في اليمن ام نحن الذين نشجع من يستهدف الامارات واراضي من المملكة العربية السعودية؟ هل من محطة مؤسفة لم نستنكرها؟ أما إذا كان الثمن التزامنا القضية الفلسطينية فنحن مستعدون لكي نموت في البحر والبر والجو وكل مكان، لا أحد يمكنه ان يشتري كرامتنا برغيف الخبز”.
وختم: “إنني باسم اهلي في طرابلس، اتوجه الى اهلنا عائلات ضحايا زورق الموت بالتعازي القلبية والمحبة الصادقة، وآمل أن نوفق في انشاء صندوق تبرعات كالذي اسسه رفيق الحريري عند حصول مجزرة قانا وتحمل أعباء ذلك، ولكن مع الأسف الشديد نكتشف كم كان اغتيال رفيق الحريري وبالا على البلد والوبال الاكثر تهجير ولده بفعل فاعل من البلد ليحصل هذا التشرذم وغياب الدور السني في البلد”.