ألقى وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب كلمة خلال الدورة العادية الـ 158 لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري، قال فيها:
“يسرّني بداية ولبنان يختتمُ فترةَ ترؤسِهِ أعمالَ مجلسِكُم الموقّر في دورته الـ157، أن أتقدّمَ بالشكرِ والامتنان إلى الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية كافة على التنسيق والتعاون مع دولة الرئاسة، مؤكدين على استمرار لبنان في دعم كل ما يرمي إلى تعزيز مسيرة العمل العربي المشترك على الأصعدة كافة. كما أتقدّمُ بالشكرِ والتقدير لمعالي أحمد أبو الغيط، أمين عام جامعة الدول العربية، وجهاز الأمانة على الجهود المقدّرة التي بذلوها خلال فترة ترؤس الجمهورية اللبنانية لأعمال مجلسكم الموقّرطز
أضاف: “شهِدت رئاسة لبنان للمجلس الوزاري العربي، زيارةَ وزير خارجية روسيا السيد سيرغي لافروف ورئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي مقرّ الجامعة، حيث ألقى كل منهما كلمةً أمام مجلسِ الجامعة على مستوى المندوبين. كما خاطبَ مبعوث الرئيس الأوكراني الى الشرق الأوسط مكسيم صبح مجلس المندوبين عبر تقنية الاتصال المرئي. إضافةً إلى ذلك، ترأَس لبنان الاجتماع التنسيقي العربي تحضيراً للاجتماع مع الاتحاد الأوروبي والاجتماع التاسع للمندوبين الدائمين لدى جامعة الدول العربية وسفراء اللجنة السياسية والأمنية لمجلس الاتحاد الأوروبي”.
وتابع: “كذلك، تشرَّف لبنان باستضافة الاجتماع التشاوري للمجلس الوزاري العربي في بيروت، والذي حاولنا فيه مواصلة تجربة خوض نقاشات حرّة وصريحة وشفافة. لقد لاقى اللبنانيون حضور الأخوة الوزراء العرب بكل سرورٍ وتِرحاب. وكان الاجتماع فرصة للاطلاع من معالي الأخ رمطان لعمامرة، وزير خارجية الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية على التحضيرات المميزة لاستضافة القمة العربية وعلى حرص القيادة الجزائرية على أن تكون قمة العرب، قمة جامعة وناجحة. وفي هذا الإطار، نعيد تأكيدَ موقف لبنان على ضرورة وأهمية أن تستعيدَ سوريا مقعدها في جامعة الدول العربية، وهي دولة مؤسسة فيها”.
وقال: “لقد فرضت التطورات الدولية بعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان والحرب الأوكرانية وما ترمز إليه من اشتباك روسي – أطلسي قد يحمل في طياته بذور نظام دولي جديد، تحديات كبرى إضافية على بلداننا وشعوبنا. ولا يتعلّق الأمر فقط بأزمتي الطاقة والغذاء على الصعيد العالمي، بل يتخطاها لعمليات الاستقطاب الجارية في سياق إعادة رسم المشهد الجيوسياسي في المنطقة والعالم. ولقد عبّر وزراء الخارجية العرب، في أكثر من محطّة، عن إدراكهم لهذه التحديات ولضرورة رفع مستوى التنسيق في ما بينهم من أجل أفضل طريقة للتعامل معها بشكل مشترك ومنسّق ويحفظ مصالح دولنا وشعوبنا. وأنوّه في هذا الإطار بتوصية المجلس الوزاري الذي أكّد على عدم تسييس المنظّمات الدوليّة وهو ما أسس لأَداء مشترك داخل العديد من المنظّمات الدولية”.
أضاف أنّ “هذا التوجّه في رفع مستوى التنسيق إلى أعلى درجة ممكنة قد أثبت نجاعته وتتأكّد الحاجة اليه يوماً بعد يوم، وهو ما ندعو لأن يكون السمة الأبرز في عملنا خلال المرحلة المقبلة على أمل أن ينسحب الى أكبر عدد ممكن من الملفّات والقضايا الحيويّة ذات الصلة بالمصلحة العربية العليا”.
وتابع: “ليست التحديات العالمية الجديدة فحسب، هي ما تستدعي الحاجة إلى بلورة وتنسيق سياسات مشتركة لمواجهتها. فقضايا المنطقة وتحدياتها، مثل الاحتلال الإسرائيلي والإرهاب وموجبات التنمية والاستقرار، تتطلب أيضاً أن نسعى للتعامل معها بشكل مشترك. كذلك هو الأمر حيال الأزمات في سوريا واليمن وليبيا واستهداف الاستقرار في العراق ولبنان وبلدان أخرى، ناهيك عن تأزّم الوضع الفلسطيني. إننا نأمل أن نتمكن من استلهام تجارب أمم أخرى في إدارة الاختلاف، والاستناد الى ميثاق الجامعة العربية نفسها، من أجل الخروج من هذه الدائرة المغلقة وفتح آفاق جديدة أمامنا جميعاً، فاحترام خصوصيات الدول والبلدان والمجتمعات والامتناع الحازم عن التدخّل في شؤونها الداخليّة، كما تنصّ المادّة الثامنة من الميثاق، ينبغي أن يكون رائد مسيرتنا المشتركة لمواجهة التحديات المستجدّة”.
وقال بوحبيب: “من شأنِ ذلك، الارتقاء بالدبلوماسية العربية وتفعيل دورها استناداً الى آليات العمل المشترك ومرجعياته وما تختزنه من قدرات كامنة تكفي لتكريس نهجٍ جديد من التعامل مع الاختلاف والتباينات، تماماً كما نفعل مع شركائنا من دول صديقة أو منظمات دولية أو إقليمية. فلتكن المصلحة، لا العواطف، هي أساس العمل المشترك وحين تتعارضُ المصالح فإن الدبلوماسية هي وسيلة معالجتِها على قاعدة الاحترام المتبادل للسيادة والمصالح الوطنية في سياق الحرص على المصلحة العربية المشتركة”.
أضاف: “لا يزالُ لبنان يعاني من الانتهاكات الإسرائيلية والخروقات اليومية والمتزايدة على نحوٍ يُرهب اللبنانيين في المناطقِ المأهولةِ كافة، دون رادعٍ إقليمي أو دولي حيث تُصرّ إسرائيل على سياستها العدوانية والدفع نحو التصعيد واستخدام الأجواء اللبنانية للاعتداء على سوريا. كما لا تزال رافضة الانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة وفقاً لقرارات الشرعية الدولية رقم 425 و1701 في مزارع شبعا اللبنانية وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من قرية الغجر. إن الصمت الدولي يشجع إسرائيل على الإمعان والاستمرار في خروقاتها واعتداءاتها وانتهاكاتها لقرارات الشرعية الدولية. ونحن نعول على الموقف العربي الموحّد دعماً للبنان بمواجهة هذا الواقع”.
وتابع: “أما في فلسطين المحتلة فلا يزال الاحتلال الإسرائيلي يتمادى في ممارساته العدائية في حق الشعب الفلسطيني وفي تأكيد سياساته الرامية الى تقويض أسس الحلّ النهائي للقضية الفلسطينية، وهو ما يؤكد انه لا يزال عاملاً مهدداً للأمن والاستقرار في المنطقة”.
وأردف: “إن لبنان يؤكّد على أهمية وحدة الصف الفلسطيني كضرورة للدفع نحو حل يستند إلى مبادرة السلام العربية الصادرة عن قمة بيروت 2002 بكامل مندرجاتها والحافظة للحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني، وقرارات الأمم المتحدة ذات الصّلة وخصوصاً القرار رقم 194، فلا سلام ولا استقرار في المنطقة من دون إيجاد حلّ كامل وشامل للقضية الفلسطينيّة. وإذ اغتنم وجود السيد لازاريني معنا، فإننا نعيد التأكيد استنادًا إلى نقاشات ونتائج اجتماعات اللجنة الاستشارية للأونروا في بيروت، إلى تمسكنا بوجوب تمديد ولاية وكالة الأونروا خلال الاجتماع المقبل للجمعية العامة للأمم المتحدة وعدم المساس بصلاحياتها ونطاق عملها أو نقل بعض وظائفها إلى جهات أخرى”.
وختم: “في ختام أعمال الدورة الـ157 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، أدعو معالي وزيرة الخارجية والتعاون الدولي في دولة ليبيا الشقيقة السيدة نجلاء المنقوش، لتَرَؤس مجلس الجامعة، في دورته الـ158، متمنياً لها كل التوفيق والنجاح، وأن يحقق هذا الاجتماع أهدافه المرجوّة”.
Related Posts