تفاعلت حادثة وفاة شاب سوري تحت التعذيب داخل مركز لجهاز أمن الدولة في جنوب لبنان، أمنياً وقضائياً وسياسياً، وأعادت طرح ملف التعذيب في مراكز التوقيف الاحتياطي، وإخفاقات بعض الأجهزة في التحقيقات.
وقالت مصادر لبنانية لـ«الشرق الأوسط» إن الموقوف السوري بشار عبد السعود «توفي بعد أقل من ثلاث ساعات على اعتقاله، وإن المحققين كانوا يحققون معه للاشتباه بأنه يقود شبكة إرهابية تعمل لصالح (داعش)».
ووضع مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي يده على الملف وأشرف على التحقيقات الأولية في هذه القضية، حيث انتقل إلى مستشفى تبنين الحكومي وعاين جثة الضحية، كما عاين باقي الموقوفين في النظارة من أعضاء المجموعة وموقوفين بقضايا أخرى. وأكد القاضي عقيقي لـ«الشرق الأوسط»، أنه أمر بـ«احتجاز الضابط الذي يرأس مكتب أمن الدولة في تبنين وأربعة من عناصر المكتب على ذمة التحقيق، وإجراء التحقيق معهم ومع آخرين لتحديد المسؤوليات واتخاذ الإجراءات المناسبة بحقهم». وكشف القاضي عقيقي أن المتوفى «جرى توقيفه عند الرابعة من فجر يوم الأربعاء 31 آب الماضي، وبعد ثلاث ساعات نقل إلى المستشفى وقد فارق الحياة».
وأكد القاضي عقيقي أن «تقرير الطبيب الشرعي، أثبت أن الموقوف السوري مات نتيجة التعذيب المبرح الذي تعرض له والذي ظهرت آثاره على الجثة»، مشيراً إلى أنه «جرى الاستماع إلى رئيس القوة الضاربة التي أوقفت المتوفى وهو برتبة عقيد، وتبين أنه نفذ عملية التوقيف وسلم الشخص إلى مكتب تبنين وانتهى دوره عند هذا الأمر، فجرى تركه حراً».
وقال مفوض الحكومة: «سيتم تطبيق أحكام قانون مكافحة التعذيب بحق الضابط والعناصر المسؤولين عن حادثة الوفاة، وهذا الأمر سيشمل أماكن توقيف أخرى إذا ثبت حصول عمليات تعذيب بداخلها».
ونقلت «الشرق الأوسط»، من مصادر مطلعة على مجريات هذا الملف، أن «قلب الموقوف السوري بشار عبد السعود توقف جراء التعذيب المبرح والصدمات القوية التي تعرض لها».
وإزاء الضجة التي أحدثتها وفاة الموقوف، وعلى إثر انتشار صور للجثة تظهر آثار التعذيب الذي تعرض له، اصدر جهاز أمن الدولة بيانا جاء فيه ” أن المديرية العامة لأمن الدولة، الحريصة دائماً على المصداقية والموضوعية والشفافية، توضح أنه بنتيجة التحقيقات التي أجرتها مع أفراد الخلية، اعترفوا بمعلوماتٍ أدت إلى توقيف شريك لهم (المتوفى)، وأثناء التحقيق معه اعترف بدوره بأنه ينتمي إلى تنظيم (داعش) الإرهابي، وأنه كان من عِداد مقاتليه، ويدين بالولاء لهم».
وأضاف البيان قائلًا: «إن المديرية العامة لأمن الدولة، التي سارعت إلى وضع هذه الحادثة بيد القضاء المختص، والذي كانت تُجري التحقيقات بإشرافه، يعود إليها حصراً جلاء كامل ملابسات ما حصل، وإجراء المقتضى القانوني بإشرافه، تحرص دائماً على المصداقية وعدم خلق ظروف متوترة، في هذه المرحلة الصعبة والخطرة من تاريخ لبنان، بسبب الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية».
وكان جهاز أمن الدولة، أعلن في بيان أصدره في 29 آب الماضي، أنه «ألقى القبض على خلية تابعة لتنظيم «داعش» تنشط ما بين جنوب لبنان وبيروت». وأشار إلى أن «الخلية قاتلت في سوريا، وانتقلت إلى لبنان بطريقة غير شرعية». وأضاف أن «أفراد الخلية كانوا يقيمون أثناء توقيفهم في إحدى القرى الحدودية جنوب البلاد، وأن هذه المجموعة سبق أن أدارت شبكة لترويج العملات الأجنبية المزيفة والمخدرات، بهدف تمويل عملها».
Related Posts