لا شيء يدلّ على أنّ الأيّام الفاصلة حتى موعد بدء مهلة إستحقاق إنتخابات رئاسة الجمهورية في الأوّل من أيلول المقبل، وحتى نهاية تشرين الأوّل، ستحمل جديدا، بما يتعلق بملف تأليف الحكومة منذ تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيلها في 23 حزيران الماضي، أو بانتخاب رئيس جديد للجمهورية خلفاً للرئيس ميشال عون الذي تنتهي ولايته بعد نحو شهرين و10 أيّام.
فمنذ تكليف ميقاتي قبل نحو شهرين دبّ خلاف بينه وبين رئيس الجمهورية وفريقه السياسي حول نظرة ومقاربة كلّ منهما لتأليف الحكومة، ما جمّد التحركات والمساعي لتشكيل آخر حكومات العهد، برغم بارقة أمل صغيرة برزت في الأيّام الأخيرة بعد لقاء عون وميقاتي في قصر بعبدا، لكن سرعان ما عاد التشاؤم ليسيطر على الأجواء، ما رسّخ الإنطباع بأن حكومة تصريف الأعمال التي يرأسها ميقاتي أيضاً، ستكمل مهمتها حتى نهاية عهد عون، وأنّها سوف تملأ الفراغ بعده في حال تعذر انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
ويبدو أنّ إجراء الإستحقاق الرئاسي في موعده أصبح صعباً للغاية، وباتت أرجحية عدم إجرائه تتقدم على احتمال حصوله ضمن المهلة الدستورية، لأسباب خارجية وأخرى داخلية لم تعد خافية على أحد.
أبرز الأسباب الخارجية تتمثل في أنّ القوى الفاعلة والمؤثّرة في الملف اللبناني، إقليمياً ودولياً، ليست متفقة على مقاربة موحدة للأزمة اللبنانية، ومنها ملف إنتخابات رئاسة الجمهورية، ولا في التوصّل إلى اتفاق تسوية على إسم رئيس الجمهورية المقبل، نظراً لصراعاتها حول مواقع النفوذ في المنطقة، ومنها لبنان، الذي لم يزل ساحة صراع مفتوحة ومثالية لهذه الصراعات
يضاف إلى ذلك أن ملفات كثيرة في المنطقة، كأزمات العراق وسوريا واليمن وليبيا والملف النووي الإيراني، فضلاً عن القضية المركزية المتمثلة في الصراع العربي ـ الإسرائيلي، تتقدم ولها الأولوية على طاولة المفاوضات بين القوى الإقليمية والدولية المؤثرة، وبالتالي فإنّ معالجة ملف لبنان، وضمناً إنتخابات رئاسة الجمهورية، تبدو مؤجّلة في المرحلة المقبلة.
أمّا داخلياً، فإنّ تضارب طموحات المرشحين للرئاسة الأولى، وصراعاتهم من أجل الوصول إلى قصر بعبدا، والإصطفافات والإنقسامات السّياسية الحادّة حول الإنتخابات الرئاسية، وعدم وجود الحدّ الأدنى من التوافق بين القوى السّياسية الوازنة، تسبّب في جعل إمرار الإنتخابات ضمن المهلة الدستورية شبه مستحيل.
وما سيجعل الأمور معقدة أكثر، ما تسرّب عن أنّ عون لن يغادر قصر بعبدا بعد انتهاء ولايته، تحت حجّة أنّه لن يُسلّم السلطة وصلاحياته إلى حكومة تصريف أعمال لا يراها مؤهلة دستورياً لهذه المهمة، الأمر الذي سيفاقم حدّة الإنقسام السياسي، في ظل استمرار تدهور الوضع الإقتصادي يوماً بعد آخر وأوضاع معيشية تطبق أكثر فأكثر على أعناق اللبنانيين وسط مخاوف من توترات أمنية، كلها إشارات تدل أنّ مرحلة الفراغ الرئاسي والحكومي ستطول، وأنّ النفق القاتم الذي دخل فيه لبنان لن يخرج منه قريباً .. ولا معافياً.
Related Posts