أسبوعان فقط يفصلان عن بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية خلفاً للرئيس ميشال عون في الأوّل من شهر أيلول المقبل، غير أنّ التطوّرات والمواقف في الآونة الأخيرة دلّت أنّ المهلة بدأت مبكراً، وقبل أشهر من الآن، وهي في تصاعد مستمر حتى موعد الإستحقاق الرئاسي.
ويتلمّس المسؤولون والمراقبون، والمواطنون معهم، أنّ استحقاق إنتخابات الرئاسة الأولى لن يمرّ بهدوء، وأنّ جلسة الإنتخاب لن تعقد بسلاسة وسهولة، وأنّ طموحات المرشّحين ستصطدم بمعارضات ساخنة من هنا وهناك، داخلية وخارجية، ما أعطى مؤشّراً واضحاً أنّ التصعيد في المواقف السياسية سوف يكون على الأغلب الصبغة السّائدة في الأيّام المقبلة.
فقد بات واضحاً أنّ عملية الإصطفاف السّياسي حيال الإستحقاق الرئاسي قد بدأت فعليا، سواء بإعلان مرشحين طموحهم بالوصول إلى قصر بعبدا، أو تأييد البعض هذا المرشح أو ذاك، أو تفضيل عدد لا يستهان به من الكتل والنواب عدم إتخاذهم أي رأي أو موقف نهائي وحاسم من أيّ مرشح، رفضاً أو تأييداً ودعماً، تاركين للأيام المقبلة مهمة القول الفصل في هذا المجال، خصوصاً أنّ حلفاء اليوم قد يتحوّلون إلى خصوم الغد، والعكس، نتيجة إصطدام المواقف بالطموحات والمصالح والتحالفات، فضلاً عن الخلافات السياسية، وحتى الشّخصية، التي سيكون لها تأثير كبير لا يمكن إنكاره أبداً في هذا المجال.
هذا الغموض الذي يرافق مبكراً الإستحقاق الرئاسي أثار الكثير من اللغط ليس حول هوية الرئيس المقبل للجمهورية، بل بما يتعلق بالإستحقاق الرئاسي نفسه، وسط عدد هائل من الأسئلة الملحّة حول مصيره الذي ينتهي في أخر يوم من شهر تشرين الأوّل المقبل، وما ستشهده الفترة الفاصلة من الآن حتى نهاية المهلة الدستورية، وبعدها.
مصير الإستحقاق الرئاسي كان في الآونة الأخيرة محل اهتمام داخلي وخارجي كبيرين، نتيجة توقّع كثيرين عدم إنجازه في موعده ضمن مهلة الشّهرين الدستورية، وسط توقّعات أنّ فراغاً سيملأ منصب الرئاسة الأولى نتيجة غياب التوافقين، الداخلي والخارجي، على إسم وهوية وتوجّه الرئيس المقبل للجمهورية، ما سيدخل لبنان في مرحلة فراغ رئاسي كان شهدها في آخر إستحقاقين رئاسين، الأولى عقب انتهاء ولاية الرئيس السابق إميل لحود عام 2007، والثانية بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان عام 2014.
وما يزيد المخاوف ويرفع منسوب القلق لدى الجميع، أنّ الغموض الذي يرافق الإستحقاق الرئاسي وعدم التوافق حوله، يترافق مع أزمة إقتصادية ومالية ومعيشية خانقة لم يعرفها لبنان من قبل، وانهيار العملة الوطنية والإقتصاد المحلي، وتراجع مستوى معيشة اللبنانيين بشكل كبير، في ظلّ خشية لم تعد خافية من أن يدفع كلّ ذلك التراكم السلبي من الأوضاع إلى توتّر أمني متنقل بين المناطق، وتزايد ملامح إنهيار مؤسّسات الدولة وغياب سلطة القانون.
هي أيّام صعبة تنتظر اللبنانيين في المرحلة المقبلة، ولا يبدو أنّ ملامح الخلاص منها ستكون قريبة.
Related Posts