إنهم يحركون الوتد… غسان ريفي

يُحكى.. أن “إبليس أراد الرحيل من مكان كان يسكن فيه مع أبنائه، فرأى أحد أولاده من الأبالسة الصغار خيمة، فقال في نفسه لن أغادر تلك الخيمة حتى أفعل بمن فيها الأفاعيل.

ذهب الابليس الصغير الى الخيمة فوجد بقرة مربوطة بوتد، ووجد إمرأة تحلب هذه البقرة، فقام وحرك الوتد، فخافت البقرة وهاجت فإنقلب الحليب على الأرض ودهست طفل المرأة الذي كان ينام بجوار أمه وهي تحلبها فقتلته دهسا، فغضبت المرأة ودفعت البقرة وضربتها بشدة وطعنتها بالسكين طعنا مميتا فسقطت البقرة ونفقت.

جاء زوج المرأة فرأى طفله ميت وبقرته نافقة، فضرب زوجته ضربا مبرحا وطلقها، فجاء قومها وضربوه، ثم جاء قومه فاقتتلوا وإشتبكوا مع قوم زوجته وسقط عدد كبير من الضحايا من الطرفين.

تعجب إبليس، فسأل ولده ويحك ماذا فعلت؟، فقال الابليس الصغير لا شيء فقط حركت الوتد”.

في لبنان، كثيرون اليوم يحركون الوتد، من دون أن يقيموا وزنا لما يمكن أن ينتج عنه من فتن وإقتتال وأزمات وإنهيارات إقتصادية ومالية.

يحركون الوتد، في الشحن السياسي والتحريض الطائفي والمذهبي، فيصبون الزيت على النار في بلد بالغ الحساسية سبق وعانى من حرب أهلية مدمرة لم تبق ولم تذر، وكأن البعض لم يتعلم من تلك المآسي التي رافقت يوميات اللبنانيين أكثر من 15 عاما وتستكمل اليوم بوجوه وشعارات أخرى.

يحركون الوتد، في تعطيل تشكيل الحكومة تمهيدا لادخال البلد في فراغ قاتل، ومن ثم الدخول في متاهات وهرطقات دستورية حول من يتسلم السلطة إذا ما حصل الفراغ الرئاسي.

يحركون الوتد، في إذلال اللبنانيين على أفران الخبز التي تحول بعضها الى ساحات قتال بين المصطفين في طوابير الذل، وقبل ذلك على محطات المحروقات، وأمام الصيدليات.

يحركون الوتد، في العتمة الشاملة التي تعم المناطق اللبنانية وتدفع المواطنين في كل ليلة الى الخروج عن أطوارهم التي تترجم بإشكالات مسلحة وقطع طرقات.

يحركون الوتد، في حجز أموال المودعين الذين يفكر أكثرهم وبشكل يومي إقتحام المصارف وإنتزاع حقوقهم من الأموال بقوة السلاح.

يحركون الوتد، في تيئيس اللبنانيين وسد كل الآفاق الأمل والحلول أمامهم ما يدفعهم الى ركوب أمواج البحر والموت غرقا..

يحركون الوتد، في تعميم الفلتان فيصبح السلاح لغة التخاطب الوحيدة بين الناس، وتعيش المناطق على مدار الساعة حالات توتر وتشهد شوارعها محاور إشتباكات توقع قتلى وجرحى، هذا عدا تحريك الأوتاد في إطلاق النار في الهواء وقتل الأبرياء بالرصاص الطائش.

يحركون الوتد، في إفقار اللبنانيين وتهميشهم وتحويلهم الى أسرى غلاء وبطالة وعوز وتعتير، فيصبح الانتحار سبيلا للتخلص من هذا الألم الاجتماعي الكبير.

حمى الله لبنان من الأبالسة الذين يحركون الأوتاد ويدعون حماية الحقوق والدفاع عن المواطنين والعمل على تلبية مصالحهم، أولئك ينطبق عليهم قوله تعالي: ” قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالأخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ في الْحَياةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا”..


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal