على ضوء تجارب الانهيارات الاقتصادية التاريخية وما أدت إليه من إفلاسات في العديد من الدول، أعدت وكالة “رويترز” تقريرا موجزا رصدت فيه علامات مشابهة تنطبق على عدة دول أصبحت في دائرة خطر الإفلاس، ومن بينها مصر وتونس والأرجنتين وأوكرانيا وإثيويبا وباكستان.
الوكالة لاحظت أن العلامات التقليدية لأزمات الديون، المتمثلة في انهيار العملات وفروق في عوائد السندات بمقدار 1000 نقطة أساس وتراجع احتياطيات العملات الأجنبية، تشير إلى وجود عدد قياسي من الدول النامية التي تعاني الآن من مشاكل.
وتخلفت بالفعل دول لبنان وسريلانكا وروسيا وسورينام وزامبيا عن سداد الديون، وأصبحت روسيا البيضاء على حافة الهاوية، وما لا يقل عن 10 دول أخرى في منطقة الخطر إذ أدى ارتفاع تكاليف الاقتراض والتضخم والديون إلى تأجيج المخاوف من الانهيار الاقتصادي.
وزيادة التكلفة لافتة للنظر. وباستخدام 1000 نقطة أساس من فروق السندات، يقدر المحللون وجود 400 مليار دولار من الديون.
وتمتلك الأرجنتين أكبر قدر من الديون التي تبلغ أكثر من 150 مليار دولار، وتأتي خلفها الإكوادور ومصر بديون تتراوح بين 40 و45 مليار دولار.
ويأمل المتخصصون في الأزمات أن تستطيع دول كثيرة تجنب التخلف عن السداد، خاصة إذا هدأت الأسواق العالمية وتدخل صندوق النقد الدولي للمساعدة.
وفي ما يلي نظرة على بعض البلدان المعرضة للخطر:
مصر
تبلغ نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في مصر حوالي 95 بالمئة، وتشهد واحدة من أكبر عمليات نزوح النقد الأجنبي هذا العام، والتي تقدر بحوالي 11 مليار دولار وفقا لجيه.بي مورجان.
وتقدر إف.آي.إم بارتنرز للاستثمار أن مصر لديها ديون تبلغ 100 مليار دولار بالعملة الصعبة على مدى السنوات الخمس المقبلة، بما في ذلك سندات ضخمة بقيمة 3.3 مليارات دولار تستحق في 2024.
وخفضت القاهرة قيمة الجنيه بنسبة 15 بالمئة، وطلبت من صندوق النقد الدولي المساعدة في آذار، لكن فروق عوائد السندات تجاوزت الآن 1200 نقطة أساس، بينما تم تحديد سعر مقايضات التخلف عن السداد، وهي أداة للمستثمرين للتحوط من المخاطر، عند فرصة 55 بالمئة في التخلف عن السداد.
لكن فرنسيسك بالسيلس، رئيس قسم معلومات ديون الأسواق الناشئة في إف.آي.إم بارتنرز، يقدر أن ما يقرب من نصف المئة مليار دولار التي تحتاج مصر إلى دفعها بحلول عام 2027 هي لصندوق النقد الدولي أو ديون ثنائية، ولا سيما لدول الخليج. وقال بالسيلس: “في الظروف العادية، يجب أن تكون مصر قادرة على السداد”.
تونس
توجد في أفريقيا مجموعة من الدول التي تستعين بصندوق النقد الدولي، لكن تونس تبدو واحدة من الدول الأكثر عرضة للخطر.
وفي ظل عجز موازنة يقارب 10% وواحدة من أعلى فواتير أجور القطاع العام في العالم، ثمة مخاوف من أن الحصول على دعم من صندوق النقد الدولي، أو على الأقل الالتزام به، قد يكون صعبا بسبب مسعى الرئيس قيس سعيّد لتعزيز قبضته على السلطة.
وارتفعت الفروق في عوائد السندات التونسية، وهو طلب المستثمرين لشراء الدين بدلا من السندات الأميركية، لأكثر من 2800 نقطة أساس. وإلى جانب أوكرانيا والسلفادور، تحتل تونس أحد المراكز الثلاثة الأولى في قائمة مورغان ستانلي للدول المتخلفة عن السداد.
وقال مروان العباسي، محافظ البنك المركزي التونسي: “الاتفاق مع صندوق النقد الدولي أصبح حتميا”.
الأرجنتين
من المرجح أن تضيف الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية، صاحبة الرقم القياسي العالمي في التخلف عن سداد الديون السيادية، المزيد من الديون إلى رصيدها.
ويجرى تداول البيزو الأرجنتيني الآن بخصم يقارب 50% في السوق السوداء، وانخفضت الاحتياطيات بشدة ويجرى تداول السندات عند 20 سنتا فقط للدولار، أي أقل من نصف ما كانت عليه بعد إعادة هيكلة ديون البلاد في 2020.
وليست لدى الحكومة أي ديون كبيرة لسدادها حتى عام 2024، لكنها تزداد بعد ذلك، وثارت مخاوف من أن نائبة الرئيس صاحبة النفوذ الكبير كريستينا فرنانديز دي كيرشنر قد تضغط من أجل التخلف عن سداد ديون صندوق النقد الدولي.
أوكرانيا
وحذرت بنوك استثمار، منها مورغان ستانلي، من أن الغزو الروسي لأوكرانيا يعني أنها من شبه المؤكد ستضطر لإعادة هيكلة ديونها التي تتجاوز 20 مليار دولار.
وستأتي الأزمة في أيلول عندما يحين موعد سداد 1.2 مليار دولار من السندات. وتعني أموال المساعدات والاحتياطيات أن كييف يمكنها أن تسدد. لكن مع مطالبة شركة نافتوغاز الحكومية هذا الأسبوع بتجميد الديون لمدة عامين، يشك المستثمرون في أن الحكومة ستحذو حذوها.
إثيوبيا
تخطط أديس أبابا لتكون واحدة من أوائل الدول التي تحصل على إعفاء من الديون بموجب برنامج الإطار المشترك لمجموعة العشرين.
وتعطل التقدم في هذا المجال بسبب الحرب الأهلية المستمرة في البلاد، على الرغم من استمرارها في الوقت نفسه في سداد سنداتها الدولية الوحيدة التي تبلغ قيمتها مليار دولار.
باكستان
أبرمت باكستان اتفاقاً مهماً مع صندوق النقد الدولي هذا الأسبوع، وجاءت هذه الانفراجة في الوقت المناسب، حيث دفعت أسعار واردات الطاقة المرتفعة البلاد إلى حافة أزمة في ميزان المدفوعات.
وانخفضت احتياطيات العملات الأجنبية إلى 9.8 مليارات دولار، وهو بالكاد يكفي لخمسة أسابيع من الواردات.
وهوت الروبية الباكستانية إلى مستويات قياسية منخفضة. وتحتاج الحكومة الجديدة إلى خفض الإنفاق بسرعة لأنها تنفق 40% من إيراداتها لسداد فوائد الديون.
Related Posts