يزدادُ منسوب التوتر داخل الأراضي الفلسطينية، اليوم، في ظل “مسيرة الأعلام” التي ينظمها متطرفون يهود في ذكرى احتلال إسرائيل للقدس الشرقية.
المسيرة التي تترافق مع تدابير أمنية شديدة، تنذر بحصول موجة جديدة من المواجهات بين الفلسطينيين والمستوطنين الإسرائيليين، وأول المناوشات بدأت، صباح اليوم، عندما اقتحم عشرات الإسرائيليين المسجد الأقصى، فيما انتشرت قوات الأمن الإسرائيلية بكثافة في القدس الشرقية، لمواكبة “مسيرة الأعلام”.
وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا”، إن عشرات المستوطنين اقتحموا المسجد الأقصى في حماية الشرطة الإسرائيلية، مضيفة أن المصلين والمعتكفين المحاصرين واجهوا الاقتحامات بالتكبيرات والهتاف.
وذكرت أن قوات الشرطة الإسرائيلية اعتقلت أربعة شبان، لم تعرف هويتهم بعد، أثناء تواجدهم قرب باب السلسلة.
ويحيي المتطرفون اليهود، الأحد، ذكرى احتلال إسرائيل للبلدة القديمة في حرب عام 1967 عبر تنظيم جولة في شوارعها وحول أسوارها، ما يمثل استفزازاً للفلسطينيين وانتهاكاً لواحد من الأماكن القليلة في المدينة الذي ما زال يحتفظ بطابع عربي قوي.
ودعت الفصائل الفلسطينية بعد اجتماع عقدته، الخميس الماضي، “جماهير شعبنا في القدس والضفة والداخل المحتل إلى الاحتشاد في باحات المسجد الأقصى”، واعتبار يوم الأحد “يوماً وطنياً للدفاع عن الأقصى والنفير العام”، متحدثة عن “مخططات للمستوطنين لاقتحام الأقصى”.
وقالت الشرطة الإسرائيلية إنها نشرت ثلاثة آلاف عنصر لمواكبة مسيرة “يوم القدس” التي ستبدأ الساعة الرابعة بعد الظهر بالتوقيت المحلي (13:00 بتوقيت جرينتش).
“برميل بارود”
وحذرت الفصائل الفلسطينية، إسرائيل من “ارتكاب أي حماقة بالسماح باقتحام المسجد الأقصى”، مؤكدة أن “هذا المُخطط سيكون بمثابة برميل بارود سينفجر ويُشعل المنطقة بأكملها”.
ودعت حركة حماس، السبت، إلى “النفير العام، وشدّ الرحال إلى المسجد الأقصى لإفشال مخططات الاحتلال التهويدية”.
وقال عضو المكتب السياسي لحماس غازي حمد لوكالة “فرانس برس”، “لن نتردّد في استخدام كل الوسائل الممكنة لوقف اقتحام مقدساتنا”.
ووقعت مواجهات في نيسان الماضي، في محيط المسجد الأقصى الذي تسيطر القوات الإسرائيلية على منافذه، متسببة بسقوط مئات الجرحى بين الفلسطينيين.
وفي موجة عنف بدأت في أواخر آذار، قُتل 19 شخصاً غالبيتهم من المدنيين في هجمات ضد إسرائيليين نفذها فلسطينيون من داخل الخط الأخضر وفي الضفة الغربية المحتلة، وقُتل ثلاثة من المهاجمين خلالها.
وردت إسرائيل بتكثيف عملياتها العسكرية في الضفة الغربية ما أودى بحياة 35 فلسطينياً بينهم نشطاء ومدنيون من بينهم مراسلة “الجزيرة” شيرين أبو عاقلة خلال تغطيتها عملية عسكرية إسرائيلية في مخيم جنين.
مواجهة 2021
وفي أيار من العام الماضي، أعطت الحكومة الإسرائيلية بقيادة نفتالي بينيت الضوء الأخضر لـ(مسيرة الأعلام)، بعد أيام قليلة من توليها المسؤولية، في حين شارك بها نحو 5 آلاف إسرائيلي، واعتدت القوات الإسرائيلية على المحتجين الفلسطينيين بالرصاص المطاطي والحي مخلفة عشرات الإصابات.
وحمل المشاركون في المسيرة حينها، الأعلام الإسرائيلية، وصولاً إلى باب العامود خارج البلدة القديمة التي تضم المسجد الأقصى، ونقلت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” أن أكثر من 2000 جندي إسرائيلي انتشروا في القدس المحتلة، ومحيطها، وعملوا على إخلاء الطريق لها، والاعتداء على المحتجين.
واندلعت في أعقاب ذلك مواجهة عسكرية استمرت 11 يوماً، عندما أطلقت الفصائل الفلسطينية صواريخ باتجاه القدس المحتلة ومدن إسرائيلية كبرى، رداً على اقتحام مستوطنين متشددين للمسجد الأقصى، بجانب إعلان إسرائيل عزمها طرد عائلات فلسطينية مقيمة في حي الشيخ جراح في القدس.
اختبار بينيت
وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت أن المسيرة “ستجري وفق المسار المحدد لها، وكما هو الأمر منذ عقود”، أي بالمرور عبر البلدة القديمة، لكن دون دخول باحة الأقصى.
واعتبرت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، أن المسيرة، “اختبار شخصي، واختبار لشخصية” بينيت بالمقارنة مع سلفه بنيامين نتانياهو الذي كان على رأس الحكومة في العام الماضي.
وأضافت: “كان نتانياهو متردداً، اتخذ قراراً ليتراجع عنه (تغيير المسار) بسبب تهديدات حماس، ورغم ذلك أمطرت علينا الصواريخ (..). بينيت اختار استراتيجية معاكسة، مع سياسة هادئة ومحتسبة”.
بدوره، يرى المحلل شلومو موفاز أن “لا مصلحة لحماس بدخول حرب جديدة (…) لأنها تركز حالياً على إعادة إعمار غزة”.
ودعا الموفد الدولي إلى الشرق الأوسط تور وينيسلاند الإسرائيليين والفلسطينيين إلى “أقصى درجات ضبط النفس”، وقال: “رسالة المجتمع الدولي واضحة: تجنبوا تصعيداً جديداً”.
Related Posts