غريبة جداً كانت تصرفات بعض المرشحين إلى الانتخابات النيابية التي ستجري غداً الأحد في لبنان وسط تجاذبات حادة جداً حول من يستطيع أن يحقق بصمته التي ستكون العامل الأساسي في إختيار رئيس الجمهورية المقبل، من منطلق ان فترة ولاية الرئيس ميشال عون ستنتهي في الحادي والثلاثين من تشرين الأول في اواسط الخريف.
بعضهم إستغل مثلاً قضية المركب الذي احدث كارثة قبالة شواطئ عاصمة الشمال، وآخرين أطلقوا وعوداً بتأمين الرعاية الصحية أو التحصيل العلمي للمواطنين، وهي الأمور التي عجزت عنها الدولة.. وسواها من الأمور غير القابلة للتطبيق! أما أن يعمد بعضهم كما تردد في وسائل التواصل الإجتماعي إلى استغلال زيارات الأهالي لقبور موتاهم عشية عيد الفطر السعيد فتلك خرجت عن أي منطق سياسي أو انتخابي!
فصحيح أن الكثير من السياسيين يستثمرون المناسبات الحزينة للتعبير عن مشاركتهم أهل الفقيد وهذا من ضمن الاجتماعيات المعهودة التي يتبادلها اللبنانيون في مثل هذه الظروف. ولكن أن يقوم بعض المرشحين بمواكبة أشخاص يريدون ان يتذكروا موتاهم إلى القبور فتلك سابقة تذكر بمشهد تأدية الرقص الحديث بالنعوش التي إنطلقت من بعض المجتمعات الأفريقية ليتوسع إنتشارها حتى عند المجتمعات التي تتعاطى بواقعية مفرطة أحياناً. والتي إزداد أفقها على هامش انتشار وباء الكورونا، ليتحول العزاء إلى اقرب ما يكون من اية مناسبة اجتماعية أقل من عادية!
فماذا سيقول هذا المرشح مثلاً لأبنائه، إذا أراد أن يخبرهم عن مآثره. فهل يخبرهم أنه ملأ ثلاث محارم دموعاً على ذاك العجوز الذي توفي بمرض عضال، أو أربعة محارم على تلك السيدة التي خطفها وباء الكورونا لأنها كانت تعاني من انسداد مزمن في رئتيها؟
وماذا سيكتب في نبذته الشخصية لأولئك المواطنين الذين ينتظرون إنجازات منه على الصعد الإجتماعية أو الصحية أو التربوية، أو إهتمامه بتقديم مشاريع قوانين في مجلس النواب؟ فهل يخبرهم أنه نفذ العشرات من الزيارات إلى القبور لاسترضاء عائلات لم تقتنع بصورته أو ببرنامجه الانتخابي الذي استعاره من إحدى الموسوعات أو عبر ويكيبيديا البحث العالمي؟
بالفعل إنها أنماط من البشر لم تعد تستحي بما تقوم به، وهمها الوحيد التسلق على أكتاف الآخرين حتى ولو كانوا يقفون بين القبور!.