محاضرة بعنوان “الاخلاق في السياسة” في جمعية اندية الليونز الدولية

إستضافت لجنة الثقافة في جمعية أندية الليونز الدولية، المنطقة ٣٥١ – لبنان  الأردن فلسطين، بالتعاون مع نادي ليونز طرابلس فكتور، الدكتور سابا قيصر زريق، في محاضرة بعنوان” الأخلاق في السياسة: الفساد، تداعياته ومكافحته”، وذلك في حرم لبنان الشمالي لجامعة القديس يوسف في بيروت – راسمسقا، يوم السبت الواقع فيه 7 أيار 2022. حضرها ممثلون عن الجهة الداعية: الحاكمة الليون عايدة قعوار وزوجها الحاكم الدكتور فريد قعوار اللذين وصلا خصيصاً من الأردن، والشيخ منصور الخوري، عضو مجلس الحاكم ورئيس لجنة الثقافة في المنطقة 351 لبنان الاردن فلسطين، كما حضرها نائب الحاكم الليون بطرس عون وعقيلته والحاكم السابق المحامي ميشال كليموس وعقيلته والحاكم السابق الليون نبيل نصّور، رئيس نادي خريجي الجامعة اليسوعية في طرابلس، وأمين سر الحاكمية الليون جو توتل، ورؤوساء الأقاليم والمناطق والأندية والليونز وحشد من الليونزيين من كافة أندية لبنان.

كما حضرها راعي أبرشية طرابلس والكورة وتوابعهما للروم الأرثوذكس المتروبوليت إفرام كرياكوس، راعي أبرشية طرابلس للروم الكاثوليك المطران ادوار ضاهر، المفتي الدكتور الشيخ مالك الشعار، رئيس بلدية طرابلس الدكتور رياض يمق، الرئيس السابق لبلدية الميناء عبد القادر علم الدين. وحضر المحاضرة كذلك نقيبة المحامين في طرابلس ماري تيريز القوّال، سفير كولومبيا في لبنان الوزير المفوّض الدكتور فرناندو حلو، المديرة العامة السابقة لوزارة العدل القاضي ميسم النويري، القاضي أرز العلم وعقيلته، الدكتور وائل خير الرئيس التنفيذي لمؤسسة حقوق الإنسان، البروفسور الشيخ سليم الضاهر مؤسس وعميد كلية الحقوق في جامعة فينيسيا، عميد كلية العلوم الإقتصادية في جامعة القديس يوسف  USJالدكتور الشيخ جوزيف الجميّل، رئيس المجلس الثقافي للبنان الشمالي الاستاذ صفوح منجد، رئيس لقاء الأحد الثقافي العميد د. أحمد العلمي، وعضوا هيئته الادارية المهندس لامع ميقاتي، والدكتور الشيخ ماجد الدرويش، رئيس منتدى طرابلس الشعري المحامي الأستاذ شوقي ساسين، المؤرخ الدكتور عمر تدمري، الدكتور جان بول قندلفت، العميد الركن الدكتور كلود حايك وعائلة الدكتور زريق.

كلمات ترحيبية

بعد النشيد الوطني اللبناني ونشيد الجامعة تحدث كل من مديرة جامعة القديس يوسف في طرابلس فاديا علم الجميل، رئيسة نادي ليونز طرابلس فكتور الليون الدكتورة رنا الحسيني علم الدين، عضو مجلس الحاكم في جمعية اندية الليونز الدولية – رئيس لجنة الثقافة، الليون الشيخ منصور الخوري، وحاكمة أندية الليونز الدولية الليون عايدة قعوار، الذين أكدوا على أهمية هذه المحاضرة وخاصة في الظروف الراهنة التي يمر فيها لبنان، وأشادوا بدور طرابلس الثقافي والاكاديمي والتاريخي وبدور جامعة القديس يوسف التي لطالما كانت الداعم الاول لثقافة العيش المشترك في المدينة.

زريق

وإستهل الدكتور سابا زريق محاضرته بالقول: عرّفنا التاريخ على أخبارمجتمعاتٍ ضمّت طغاةً ومجرمين وفاسدين في مسيراتِ انحلالٍ أخلاقيٍ كبير. ولم تستقم أوضاعُها إلا بعد بروز أكثرياتٍ تتحلى بالإستقامة، تمّردت وثارت ولم تضنَّ بدمائها الصادقة التي أغرقت الحكام وقلبت العروش وأحيت في شعوبها مبادئ النزاهة. إن وطننا المظلوم يئن من جَوْر حكامه الفاسدين وهو يحتل، حسب مؤشر مدركات الفساد لعام 2019 المرتبة 137 من أصل 180 دولة شملتها الدراسات آنذاك ولا بدّ أن تكون هذه المرتبة  قد تدهورت الآن أكثر. إن الفضل لانتفاضة 17 تشرين الأول 2019 ليس لاكتشافها الفاسدين وهم معروفون، بقدْر ما كانت حافزاً للمطالبة العلنية الجريئة بمحاسبتهم. اعتاد اللبنانيون على مروحة واسعة من أبواب الفساد، غير أن مهورَها تعاظمت في العقود الثلاثة المنصرمة. وأضحى مفهوم الأخلاق مطاطاً وليّناً إلى درجة أصبح الناس فيها يعتبرون أولئك الذين يستغلّون مناصبَهم لإثراء غير مشروع من “الشطّار” أو”الحرابيق”، كما يعتبرون السياسيين الذين يراوغون لتحقيق مكاسب شخصية، مالية كانت أم سياسية، بمثابة “مدوّري الزوايا”.

ثم تناول الفساد كثقافة ممأسسة وقال: قد يعتقد البعض أن الفاسدين يقتصرون على “موظفي الدولة”، الذين يستغلون مناصبَهم لمصالحهم الشخصية. غير أن هذا الإنطباع تغير مع تفاقم الإرتكابات ليشمُلَ كلَّ من تبوّأ منصباً رسمياً. يرتدي الفساد أشكالاً وأنواعاً مختلفة ومتعددة، وهو متواجدٌ كذلك في القطاع الخاص، حيث يكون الراشون المفسِدون.

وتوقف عند أنواع وأشكال الفساد ليقول: الفساد ليس حُكراً على السياسيين والإداريين وأتباعهم وأزلامهم وعائلاتهم وخليلاتهم، بل ركب التجار هذه الموجة، وحققوا أرباحاً فاحشة، غير آبهين بفقراء هذا الوطن الذين أضحوا غالبيتَه القصوى. وأخصّ بالإتهام أولئك الذين يتعاطون تجارة السلعِ الحيوية كالغِذاء والدواء؛ أو صيرفة الأموال مثلاً. فمؤخراً، استحدث لصوصٌ في الهيكل المالي بدعةً جديدة، ألا وهي عدم قبول فئة من الدولارات الأميركية “القديمة”، التي تصبح “خَلَنجاً” بمجرد موافقة حاملها على بيعها لهم بحسوماتٍ محددة؛ وذلك على الرغم من تأكيد مصرف لبنان والسفارة الأميركية أن الإصدارات المتّهَمة بعدم الصلاحية هي صالحة مئة بالمئة.

وأكد: أنا على يقينٍ أن كلاً منكم لديه قصة يرويها عن مدى انعدام الأخلاق عند المرتشين في الدوائر الرسمية، من أقصى الشَمال إلى أقصى الجَنوب؛ إذ لا تُنجزُ معاملةٌ إلا بعد أن يتقاضى الموظف المسؤول عن إنجازها “رشوته”، الملبّسة برداء “الإكرامية” أو “الحلوانة”، مع استثناءات كثيرة جداً. لقد أضحى الفساد في بلدي ثقافةً مأسسها سياسيوه، الذين يغطون الفاسدين ويستفيدون من ارتكاباتهم.

ورأى أن السلطة التنفيذية هي المرتع الأول والمفضل للفساد وأن بيدها الوسائل والأدوات التي تسمح لفاقدي الأخلاق من أركانها، وهم كثر، أن يعملوا ما بوسعهم لتفضيل مصلحتهم الشخصية على مصلحة خزينة الدولة ومصلحة المواطنين. إن هذه السلطة، المتربصة على خطوط التماس مع يوميات المواطنين، كونها تُعنى بشؤونهم وشجونهم، هي التي توجَّه إليها عادةً تُهَمُ الإثراء غير المشروع، الناتج عن ممارساتِ أركانها للفساد. فحدّث ولا حرج عن الإقترافات الجسيمة في الوزارات وبخاصة الوزارات المسماة الخِدْماتية، أو الأداة الفضلى  لتكريس المحاصصات السياسية على مبدأ “أعطيني لأعطيك”، ليس فقط بعد أن تنطلق حكومة جديدة بعملها فحسب، بل حتى قبل ذلك، خلال مفاوضات التشكيل، تمهيداً لاقتناص وتقاسم المغانم.

وتابع: لعل أشهرَ أمثلةٍ على فساد المحاصصة ضمن السلطة التنفيذية، الصناديق والمجالس والهيئات، وما شابه من أوكار، نُصِّب على رأس كل منها، تابعٌ لقُطبٍ من أقطاب السياسة، وأبرزها مجلس الإنماء والإعمار والهيئة العليا للإغاثة ومجلس الجنوب وصندوق المهجرين، في محاصصة طائفية ومذهبية فاضحة. يتجسد الفساد فيها بأن تقومَ الدولة اللبنانية، وحتى الدول المانحة العربية والأجنبية، بمدّ هذه المجالس والصناديق والهيئات بالأموال اللازمة لتمكينها من تنفيذ مشاريعها “المعلَنة”. فيختلس القائمون عليها أموالاً منها لتمريرها إلى أولياء أمرهم، بعد أن يقتطعوا “مكافآتهم” على ولائهم وتبعيتهم لهم.

وقال: إن قانون الإنتخاب الساري حالياً، والذي فُصِّل على قياسات محددة، مع صوته التفضيلي العجائبي ولوائحه المغلقة، إنما يحفّز التنافسَ بين المرشحين على اللائحة نفسها!! ناهيكم عن أنه ينصُبُ فَخاً مذهبياً وطائفياً يُلزم المقترعَ بالوقوع فيه؛ أوليس هذا ضرباً من ضروب الفساد؟  أما قانون رفع السرية المصرفية لتمكين المحققين الجنائيين من سبر غياهب مغارة المصرِف المركزي، والذي لم يقرّ إلا بعد جَهدٍ كبير، وتحديد صلاحيته بسنة واحدة فقط، حِمايةً للمرتكبين؛ أوليس هو مثلاً كذلك على فساد المشّرعين؟ إذ كادت تنتهي هذه المدة دون أن يسلّم المصرِف المحققين المستندات التي يحتاجون إليها في عملهم، بذريعة عدم تمكّنه من إفشاء الأسرار المصرِفية.

وتساءل: أين أصبح قانون استعادة الأموال المنهوبة والأموال المهرَّبة؟ الخاضع لتقاعس وتلكؤ وتسويف المجلس النيابي وكيف خَبُتت بسحرِ ساحرٍ المطالبات الجَدّية بوجوب إقراره. ومؤخراً، جاءت مسرحية مشروع قانون الكابيتال كونترول لتدعمَ ما أدلي به، بكرِّ وفرِّ المنادين به ومعارضيهم.فماذا كان يا ترى ليفعلَ حمورابي أو مونتسكيو لو أنهما شهدا على ما يجري تحت قبة برلماننا؟.

وأعلن: السلطة القضائية هي أبرز ضحية للفساد وأقول “ضحية” لأن أركانَها هم أكثرُ من يُطلَب منهم الترفّع، بحكم موقعهم المفروض أن يُكوِّنَ حُصناً رادعاً لحماية حقوق الشعب والنُّطق بالعدالة باسمه. غير أن الفسادَ، المدعومَ سياسياً، اقتحم هيكل هذه السلطة المقدس. كان السواد الأعظم من قضاة لبنان، يتمسّكون بأهداب الفضائل، تماشياً مع نُبلِ المنصب ومصلحة المتقاضين، اللذين يتطلبان منهم وَقاراً وحِكمةً وإنصافاً. فمنهم، خشيةَ اهتزازِ سُمعته، كان يمتنع عن ارتيادِ النوادي الليلية، أو التواجدِ في أماكنِ لَعِبِ المَيْسر وإن لم يشارك به، أو حتى عن إلقاء التحية، وإن ليس في العلن، على متقاضين عُهد إليه أمرُ البتِ في ملفاتهم. وكان لهذه القاعدة استثناءاتٌ نادرةٌ جداً.

وقال: أما ما يجري حالياً من تدخلاتٍ سافرة وعلنية في عمل القضاء وانتهاكٍ لحُرمته، فهو الفساد بحدّ ذاته. فإذا هَزُلَ القضاء، إنهار أهمُ أركانِ الوطن. إن معالجةَ السياسيين لقضية الإنفجار القاتل في مرفأ بيروت وتدخلَهم السافر لتقزيم بعض القضاة، بهدف  تشويه الحقائق وعرقلة سير العدالة هي جريمة بحدّ ذاتها.

وكان الوفد الليونزي، تتقدمه الحاكمة السيدة عايدة قعوار، قد زار مقر مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية في طرابلس، حيث استقبلهم الدكتور سابا قيصر زريق، رئيس هيئتها الادارية، وشرح لهم أغراض المؤسسة وإنجازاتها وبرامجها المتنوعة الهادفة الى دعم وتعزيز مقام اللغة العربية. ثم جال الوفد في أرجاء مكتبة المؤسسة المتخصصة، العامرة بعيون من الكتب والمراجع، والموضوعة بتصرف الباحثين والطلاب.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal