القصة الكاملة لغرق مركب الموت.. فاجعة تتكرر عند إشتداد الأزمات!… غسان ريفي

حتى ساعات الفجر الأولى كان يتردد في أجواء طرابلس صدى أصوات سيارات الاسعاف التي تنقل ناجين مصابين من مركب الموت الذي غرق قبالة شاطئ الميناء ليلا الى المستشفيات، فيما كانت أعمال البحث عن ناجين في عرض البحر من قبل الفرق المختصة في الجيش اللبناني مستمرة، لكن من دون أن تشفي صدور من فقد عزيزا وإنتظر طويلا أمام المرفأ يتحرق قلقا على مصيره.

ثقيلا وحزينا كان ليل طرابلس أمس، خصوصا أن مثل هذه الحوادث تتكرر كلما إشتدت الأزمات المعيشية والاجتماعية، حيث تنشط مافيات الاتجار بالبشر وتضرب ضربتها القاتلة، بإغراء الفقراء وإغراقهم، ومن ثم تهدأ بانتظار فريسة أخرى من اليائيسين الذين يصدقون الوعود الوردية بحياة كريمة في بلاد الله الواسعة، فيبيعون ما فوقهم وما تحتهم ويعطون أموالهم الى سفاحين مجرمين ثمنا لإغراقهم في البحر، حيث يتم إرسالهم في مراكب قديمة تفتقد أدنى شروط السلامة العامة معرضة في كل لحظة للغرق، علما أن حوادث كثيرة حصلت سابقا وكان مصير المهاجرين غير الشرعيين فيها الموت غرقا، ما يتطلب قليلا من الوعي والدراية من مصائد تلك المافيات التي تجنى أموالا طائلة لإزهاق أرواح الناس، وكثيرا من التدابير من الأجهزة الأمنية والقضائية التي يفترض بها أن تعتمد أمنا إستباقيا تجاه تجار الموت الذين لا تختلف أعمالهم عن العمليات الارهابية، لكشفهم وكشف من يقف خلفهم.

وفي غمرة الحزن الذي ساد طرابلس وكل لبنان على أبرياء ذهبوا ضحية الأزمات الاجتماعية والفقر المدقع وإنعدام الأمل، والغضب الذي عم الأهالي المرعوبين على مصير أبنائهم، فتح بعض المرشحين للانتخابات النيابية بازارا أمام مرفأ طرابلس في إستغلال إنتخابي ممجوج، فاكتفوا باطلاق الشعارات والاتهامات والكلمات العاطفية والمعسولة وتحميل المسؤوليات والنيل من بعض الخصوم، ثم عادوا أدراجهم الى مكاتبهم أو منازلهم بانتظار نتائج مواقفهم التي “لا تسمن ولا تغني من إنقاذ”.

ماذا في تفاصيل الحادثة؟

تقول المعلومات، إن مركبا غير مجهز للسفر إنطلق من شاطئ يقع بين القلمون والحريشة جنوب طرابلس، بإتجاه محمية جزر النخل التي إتجه نحوها أيضا عدد من المهاجرين في قوارب صغيرة عند وقت الغروب وموعد الافطار حيث تكون الحركة في مدن الفيحاء شبه معدومة، والرقابة الأمنية غير مشددة، ومع وصول المهاجرين الى الجزيرة التي تبعد عن الشاطئ نحو 5 كيلومترات، تجمعوا ضمن المركب وإنطلقوا متوجهين نحو قبرص، ومنها الى إحدى الدول الأوروبية، وبعد إجتياز نحو 2 كيلومترا بعيدا عن الجزيرة تعرض المركب الى خلل بانتظار أن تكشفه التحقيقات التي من المفترض أن تجريها المخابرات مع الناجين، ما أدى الى غرقه وغرق من فيه على عمق ما بين 300 الى 400 مترا.

ومع وصول إشارات إستغاثة الى القوات البحرية تحركت زوارق الانقاذ مع بعض المراكب المدنية حيث بوشرت عمليات البحث والانقاذ حيث تم في البداية إنتشال 18 شخصا من بينهم جثة طفلة تبلغ من العمر سنة ونصف، وتم نقلهم الى مرفأ طرابلس الذي كانت تنتظر فيه سيارات الاسعاف التابعة للصليب الأحمر اللبناني والجمعية الطبية الاسلامية حيث جرى إسعافهم، كما تم إنقاذ 28 شخصا نقلتهم زوارق الجيش أيضا الى المرفأ نقل عدد منهم الى المستشفيات، ولم تزل أعمال البحث جارية لكن من دون العثور على أحد.

وتشير المعلومات الى أن عدد الناجين بلغ 45 شخصا، إضافة الى الطفلة المتوفاة، في حين يوجد 14 شخصا في عداد المفقودين هذا إذا كان عدد ركاب المركب 60 شخصا.. أما إذا كان عدد الركاب أكبر فإن عدد المفقودين مرجح للارتفاع، وهم من جنسيات لبنانية وسورية وفلسطينية، ومن مناطق في طرابلس والضنية.

واللافت أن الجيش اللبناني إستعان بإحدى المروحيات الحديثة التي تكشف كل الأجسام التي قد تكون على سطح البحر، من دون العثور على ناجين جدد، في حين أكدت مصادر مطلعة أنه إذا كان هناك عددا من المفقودين فربما يكونوا قد غرقوا مع المركب خصوصا أن بعض الركاب لا سيما من النساء والأطفال كانوا يجلسون في أسفل المركب حيث توجد مساحة شبه مغلقة، وبالتالي فإن إنتشالهم قد يكون صعب للغاية أو ربما مستحيلا لكون غرق المركب تم على عمق 300 أو 400 مترا وهم بداخله ولا يمكن لأحد أن يصل إليهم لانتشالهم.

وكان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قد إستنفر قيادة الجيش ووزارة النقل وشدد على ضرورة بذل كل الجهود ووضع كل الامكانات في خدمة عمليات الانقاذ، كما أوفد وزير النقل علي حمية الى مرفأ طرابلس للاشراف على عمليات البحث التي ما تزال مستمرة.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal