قالت “الجزيرة” ان الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (Intergovernmental Panel on Climate Change) “IPCC” التابعة للأمم المتحدة، أصدرت تقريرها السادس في الرابع من نيسان الحالي، وهو التقرير الذي يتعاون في إعداده آلاف الخبراء حول العالم من أجل تقييم عديد الأوراق البحثية المنشورة سنويا بهدف تقديم موجز شامل عن دوافع تغير المناخ وآثاره، وتوضيح كيفية التكيف مع ذلك التغيير أو الحد من مخاطره.
وأشار البيان الصحفي الصادر عن الهيئة إلى ضرورة اتخاذ قرارات حاسمة الوقت الحالي من أجل خفض الانبعاثات الكربونية إلى النصف بحلول عام 2030.
وقال رئيس مجلس الإدارة بالهيئة الدكتور هوي سونغ لي تلك الحقيقة “نحن نقف على أعتاب مفترق طرق، ستؤمن القرارات التي نتخذها الآن مستقبلا مناسبا للعيش، نمتلك الأدوات والآليات المطلوبة للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري”.
تخزين الكربون طبيعيا
طبقًا للتقرير المنشور بموقع يوريك ألرت (Eurekalert) أعرب عالم الأحياء البيئية وأحد المشاركين في إعداد التقرير، جاكوبو أرانجو، عن سعادته بالتزام بعض الدول بما هو مطلوب للحد من الانبعاثات الكربونية، إلا أن تلك الجهود غير كافية لتنفيذ متطلبات اتفاقية باريس لعام 2015، والتي تنص على عدم ارتفاع درجة الحرارة العالمية عن 1.5 درجة مئوية.
ويقول أرانجو “لقطاع الزراعة دور هام في تقرير “آي بي سي سي” الأخير، فلم يَعُد الحد من الانبعاثات الكربونية أمرا كافيا، إنما علينا الاهتمام بإزالة الكربون من الغلاف الجوي”.
المفهوم الشائع المتعلق بتخزين الكربون داخل الأرض هو استخدام بعض الآلات الضخمة بهدف استخلاص الكربون من الغلاف الجوي، ومن ثم حقنه في أعماق الأرض. وطبقا لأرانجو، تستطيع النباتات ذات الجذور العميقة نقل الكربون من الجو إلى داخل التربة وتخزينه بعمق يمتد ما بين 2 و3 أمتار، وهو ما يساهم في تخزينه فترات أطول.
ويضيف أرانجو “يمكننا استبدال الآلات الفاخرة المستخدمة لتخزين الكربون بالزراعة التي تقوم بنفس المهمة طبيعيا، وبذلك تسهم الزراعة في إنتاج المزيد من الطعام، وتعمل على تقديم عديد المنافع للبيئة”.
وفي سياق نفس التقرير، يوضح نيجونيزادشي شِرينجا، الأستاذ المساعد بقسم الزراعة الاستوائية المستدامة بجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية (Mohammed VI Polytechnic University) وأحد المشاركين في تقارير “آي بي سي سي” السابقة، أن القليل من الدول تُبلغ عن تخزينها للكربون في التربة، مما يعني عدم استغلال تلك الوسيلة الهامة للحد من كمية الكربون بالجو.
الأعلاف الاستوائية لخفض الكربون
إلى جانب مشاركته في إعداد تقارير “آي بي سي سي” يعمل أرانجو ببرنامج الأعلاف الاستوائية في (Alliance of bioversity and CIAT) باحثا مختصا بدراسة النباتات المستخدمة كأعلاف للمواشي، ذات الجذور الطويلة التي تُسهم بتخزين الكربون في طبقات التربة العميقة.
ونشر أرانجو برفقة فريق من الباحثين دراسة محل إجرائها المراعي الموجودة بحوض “أورينوكيا” (Orinoquía basin) في كولومبيا، وهي إحدى الدول الاستوائية، واستطاعوا قياس نسبة الكربون المتراكم في التربة، فوجدوا الكربون متراكما في عُمق يزيد على 30 سم.
ويعتقد الباحثون أن إضافة عشب (B. humidicola) الاستوائي للنباتات الموجودة بالمرعى عزز من تراكم الكربون في التربة بذلك العمق، الأمر الذي حسَّن من جودة التربة الخاصة بتلك المراعي.
مكسب للمناخ والمزارعين
يوضح أرانجو أن تنشئة أصناف جديدة من الأعلاف الاستوائية ذات الجذور العميقة ستعتمد على استغلال التنوع الجيني الموجود ببنك بذور المستقبل الجيني (Future Seeds genebank) الموجود بمقر المركز الدولي للزراعة الاستوائية “CIAT” بكولومبيا، الذي يضم حوالي 68 ألفا من الأعلاف الاستوائية وغيرها من المحاصيل الضرورية التي تمثل مصدرا للغذاء والدخل للملايين من صغار المزارعين حول العالم.
ويقول “نبحث عن أصناف نباتية ذات جذور عميقة لتخزين الكربون في التربة، الأمر الذي يحافظ على الكفاءة الإنتاجية للمَزَارع. وإذا تمكنا من إنشاء أنظمة إنتاج حيواني غير مُسببة للانبعاثات الكربونية، فسيسمح ذلك للمزارعين ببيع أرصدة الكربون (Carbon credits) مما يمثل مصدرا إضافيا للدخل بالنسبة إليهم”.
يعد الرصيد/الائتمان الكربوني تصريحا لمالكه بسماح انبعاث كمية محددة من غاز ثاني أكسيد الكربون أو الغازات المشابهة المسببة للاحتباس الحراري أثناء نشاطه الصناعي.
ويؤدي ذلك النظام إلى دفع المؤسسات أموالا إضافية حينما تتخطى انبعاثاتها الغازية الحد المتفق عليه، كما يمكنها جني الأموال حال ساهمت في خفض تلك الانبعاثات، وهو ما قد يحدث مع المزارعين ممن يستخدمون النباتات العَلَفية.
في انتظار قمة المناخ 27
تقام قمة المناخ سنويا من أجل رصد أهم التطورات المتعلقة بالتغيرات المناخية وكيفية التعامل معها، وقد حددت القمة الـ 26 بالمملكة المتحدة، التي أقيمت يوم 31 تشرين الأول 2021 عددا من الأهداف، أهمها: تأمين وصول الانبعاثات الكربونية عالميا إلى الصفر عام 2050، والتكيف مع التغيرات المناخية لحماية المجتمعات والمساكن الطبيعية.
وينتظر العالم إقامة الدورة رقم 27 من المؤتمر في تشرين الثاني المقبل في مصر، منتظرا التحول من مرحلة التعهدات إلى مرحلة التنفيذ الفعلي للالتزامات للدول المشاركة طبقا لاتفاقية باريس، كما ستحرص القاهرة خلال رئاستها للقمة على طرح الأولويات الأفريقية المتعلقة بالتغيرات المناخية نظرًا لتحملها القارة العديد من تداعيات تلك التغيرات.
المصدر: الجزيرة
Related Posts