قالت “الجزيرة” أنه ” لم يبقَ شيء على حاله في المصلى القبلي (أحد مصليات المسجد الأقصى) بعد اقتحامه على يد قوات الاحتلال يوم الجمعة الماضي.
10 نوافذ جبصية مُطعمة بالزجاج الملون حُطمت بالكامل و3 أخرى بشكل جزئي، وكان الهدف من ذلك إطلاق الرصاص المطاطي والقنابل الصوتية تجاه المعتكفين من خلالها.
وفي غرفة الصوتيات عاثت قوات الاحتلال فسادا فألقت القنابل الصوتية وحطمت 3 أجهزة مكبرات صوت وتعمدت قطع أسلاكها.
أما السمّاعات المثبتة داخل المصلى فتم تعطيل 10 سماعات أُضيفت إلى 25 سمّاعة أخرى معطلة منذ اقتحام المصلى خلال شهر رمضان العام الماضي في ظل منع فنيي الكهرباء التابعين لدائرة الأوقاف الإسلامية من استبدالها، كما عُطلت 3 سمّاعات خارجية للمصلى وأضيفت إلى 7 أخرى عُطلت العام الماضي أيضا.
وفي كل اقتحام يتعمد الاحتلال الاعتداء على خزانة الكهرباء الرئيسية الواقعة عند مصلى الجنائز بهدف فصل الإنارة عن المصلى خاصة أثناء الاقتحامات الليلية، ولتعطيل المراوح ليكون تأثير الغاز المدمع أقوى على المصلين المحاصرين.
وقرب هذه الخزانة يعبث الاحتلال في كل اقتحام بنظام الإطفاء الآلي للمصلى بهدف تعطيل نظام الإنذار والإطفاء المبكر التي يكون المحاصرون بأمس الحاجة له نتيجة الحرائق التي تنجم عن إلقاء القنابل.
مدير المسجد الأقصى المبارك عمر الكسواني أوضح أن لجنة إعمار المسجد الأقصى ستتمكن من ترميم وصيانة بعض الأضرار، وتوقع ألا تسمح شرطة الاحتلال لطواقمها بصيانة أخرى حيث دأبت على اعتقال كل من يقدم على ذلك.
وعن ترميم النوافذ المحطمة أكد الكسواني أنّ كلا منها يحتاج لـ 6 أشهر من العمل، إذ يتم تصنيعها بالكامل داخل المسجد على يد خبراء وفنيين توضع أمامهم صورة النافذة الأصلية ويصنعون أخرى طبق الأصل عنها.
وفي ختام حديثه للجزيرة نت أشار الكسواني إلى أن عدد مشاريع الترميم التي تُعطلها شرطة الاحتلال تزيد على 23 مشروعا أهمها تجديد شبكة المياه الخاصة بالمسجد الأقصى والتي لم ترمم ولم تستبدل منذ احتلال القدس عام 1967.
الباحث في شؤون القدس والمسجد الأقصى رضوان عمرو اعتبر أن الأضرار المعنوية مؤلمة أكثر من المادية، موضحا أن تدنيس المصلى بالأحذية العسكرية خلال الاقتحام الأخير وتعمُد الجنود الدوس على المصاحف وأماكن السجود والدخول إلى المحراب يفوق إثما وخطرا على تخريب مقتنيات المصلى.
وتطرق الباحث المقدسي إلى أبرز محطات الاعتداء على المصلى القبلي تاريخيا:
– 1099: يعتبر عام 1099 خلال العهد الصليبي أقدم تاريخ مسجل للاعتداء على المسجد الأقصى، حيث جرى قتل كل من وجد على أسواره وفي ساحاته، ثم تحطيم أبواب المصلى القبلي وذبح كافة النساء والأطفال والشيوخ الذين حاولوا الاحتماء بداخله.
– 1969: محطة اعتداء أخرى استفاق العالم على بشاعتها في 21 أغسطس/آب عام 1969 عندما دخل المتطرف مايكل روهان إلى المصلى القبلي ونجح في إحراقه، حيث التهمت النيران حينها ثلث المصلى الذي عانى على مدار عقدين من آثار الحريق نتيجة عمليات الترميم البطيئة، ووصف عمرو هذه الحادثة بالمحطة الفاصلة في تاريخ المصلى القبلي.
– 1990: ولم تكن المجزرة التي وقعت داخل المسجد الأقصى صبيحة الثامن من أكتوبر/تشرين أول عام 1990 أقل خطورة على المصلى الذي تأهب المرابطون لصد اعتداءات قوات الاحتلال بالتجمع أمامه وداخله.
ويستذكر عمرو أن الدروس وشحذ الهمم ألقيت أمام بوابته الشمالية، وخلال لحظات تحول المكان لساحة حرب حقيقية وبدأ الرصاص الحي يحصد أرواح المصلين الذين ارتقى منهم 26 شهيدا سُحبت جثامين بعضهم إلى داخل المصلى وغرق السجاد بدمائهم.
ومنذ ذلك العام أصبح المصلى القبلي نقطة ارتكاز في الدفاع عن المسجد الأقصى، ونقطة استهداف لقوات الاحتلال التي تقتحم الأقصى بالمقابل وفقا لعمرو.
– هبة النفق 1996 واقتحام شارون عام 2000: وفي كل الاعتداءات اللاحقة دفع هذا المصلى وكل من اعتكف بداخله أثمانا باهظة، فلم تكن هبّة النفق عام 1996 ولا اقتحام أرييل شارون لساحات المسجد عام 2000 وما تبع ذلك من أحداث في الانتفاضة الثانية أقل وطأة على المحاصرين فيه.
– 2012: وفي دراسته لأرشيف الأوقاف الإسلامية تطرق عمرو لانتهاك خطير وقع عام 2012 ولم يسمع به الناس إذ أطلقت حينها رصاصتان بهدف قتل حارس المسجد الأقصى الموجود على رأس عمله أعلى المكتبة الختنية في مقدمة المصلى القبلي، وتضاف هذه الجريمة لجرائم إطلاق نار تاريخية متكررة باتجاه المصلى القبلي من جهة حارة الشرف في البلدة القديمة وحي رأس العامود.
وختم الباحث عمرو حديثه عن الاعتداءات على المصلى القبلي بقوله إنه “استُهدف باستمرار من قوات الاحتلال وتعرض للتخريب والتحطيم في كل المحطات، ولجأ إليه المرابطون والمعتكفون لأنه المكان الوحيد الذي يمكن أن يسترهم ويحول دون اعتقالهم وإصابتهم ولو جزئيا عبر الاحتماء من الرصاص والقنابل خلف الأعمدة الضخمة التي يصل عددها إلى 102”.
يذكر أن البناء الأول للمصلى القبلي يعود لعهد الخليفة عمر بن الخطاب عام 636م وكان بناؤه بسيطا، حيث أقيم على روابط خشبية عظيمة ومكث البناء 70 عاما حتى مجيء الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان الذي أتمّ المشروع وأكمله من بعده نجله الوليد بن عبد الملك عام 705م. مكث المصلى 41 عاما حتى أتى عليه زلزال مدمر وأعيد بناؤه في الفترات اللاحقة على مساحة 4 دونمات ونصف الدونم بطول 80 مترا وعرض 55 مترا.
ويضم المصلى القبلي 53 عامودا رخاميا إسطوانيا و49 عامودا حجريا مربّعا وله قبة مكسوة بالرصاص من الخارج وهي قائمة منذ العهد الأموي، ويتميز هذا المصلى بنوافذه الكثيرة التي يبلغ عدد العلوية منها 21 نافذة بالإضافة لعدد كبير من النوافذ السفلية الخشبية والزجاجية.
المصدر: االجزيرة
Related Posts