طرابلس الأسيرة… بقلم: المهندس يحيى مولود

ما هو هذا السجن الكبير.. الذي يتسع لمدينة بأكملها ويأسر شعبها الطيب ويحرمه الحياة.. على أمتداد حياته المستمرة؟!

ما هو هذا السجن الذي لا أفق بعده ولا غد! يجتر قضبانه “بقبضاياته” ليُطبق الخناق الدائم علينا!؟

لماذا نحن محكمون بالفشل والفاشلين؟ نعيش بين فكيّ التسخيف والسطحية والخضوع والفساد. لماذا نحن أبناء ذمة في وطنٍ لا ذمة له.. ولا ضمير.. يُضمر الشرّ لأبنائه ويتغّنى بالأرزةّ! فقط الأرزة، وكأنها ستقيهم غضب العواصف أو هيجان العواطف.. لتعطيهم الدفء والماء! أو الدواء…

هو هذا الوطن المجروح، المسيطر على رقابه مجموعة من المجرمين والحاقدين.. ونحن أبناء طرابلس ندفع ضريبة الدّم والجهل كلَّ حين…

فإذا “حبلت بأي بقعة من الأرض بتخلّف عنّا” وكأننا أرتضينا التملص والتشرد والشرذمة على أشلاء مدينتنا..

واليوم على أبواب معركة انتخابية جديدة تضيع الوجوه بالوجوه… ويصبح الخطاب الجامع لا طائل منه ولا هدف. كأنما شحد الصوت هو الهدف بحدّ ذاته.. فتصبح جميع الخطابات جماهيرية غير مبنية على واقعٍ أو خطة. تستعيد الغرائز وتعززها من دون أي رؤية أو مواجهة.

لكن مدينتي لا تشبهكم، حقاً مدينتي لا تشبهكم، ولا تشبه فرقتكم او حقدكم!

مدينتي محبة وبسيطة ومؤمنة.. مدينتي حالمة!

لا تستعيد الحرب من أجل كرسي.. ولا تنكأ الجراح سعياً وراء هذا الكرسي!

فيها الحب وفيها القلب ولها وحدها تتلى آيات العشق!

مدينتي، لا تحتاج لخطابات الوهم وصراخكم!

هي فقط تطلب بعض صدقكم، لكي تصدقكم!

لماذا كل هذه التمثيليات؟ من دم الرشيد، لأحقاد المذاهب، ومن خطابات الحرب والكل كاذب؟

إنها عبثية اللحظة، عبثية المشاركة بحفلة جنون أو جموحٍ نحو المجهول.. أو المعلوم خراب…

إنها اللحظة السياسية الحقيقية التي فضّلتُ فيها الوضوح على المصلحة الشخصية. ووقفت بوجه الغوغائيين لأقول لا لتسخيفكم لهذا الاستحقاق، إنما هي مواجهة سياسية مستمرة على مدى ساحة الوطن من أجل الوطن ولن تقف عند كرسي (بلا أرجل) زائد بائلٍ لا طائل منه.

الوضوح وحده يستوجب مصارحة الناس بالحقيقة المرّة بأننا أمام كارثة فعلية، بأننا أمام أزمة اقتصادية اجتماعية ستتضح ملاحمها أكثر فأكثر بالقريب العاجل، ولن يستقيم الوضع العام إلا اذا عدنا الى صلب المشكلة المتمثلة بالنظام ومنظومته وأجهزته الأمنية والقضائية.

وعليه، لا يمكن لإنتخابات معلبة القانون والنتائج أن تنصف الديمقراطية غير المحترمة لبنانيًّا. فالديمقراطية تحتاج لوعيٍ عام وعملٍ سياسي منظم عبر أحزاب ومجموعات للخروج من هذا السجن الكبير…

طرابلس أسيرة …

ولانقاذها علينا أن نُخرج لبنان من سجنه الكبير بالموقف، بالقلب، بالحب.. بالشارع، باستعادة الثورة!..


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal