مع معايشة ايام صعبة سياسيا واقتصاديا وامنيا واجتماعيا وصحيا وتعليميا وخدماتيا واقتراب موعد تصفية الحسابات بين المواطن والسلطة بالمساءلة والمحاسبة يوم الانتخابات النيابية في لبنان في 15 ايار المقبل .
كل مواطن مسؤول عليه ان يتابع الاخبار بشتى الوسائل والطرق سواء التقليدية منها او الحديثة ليواكب المستجدات على الساحة ويتناقل الاخبار القليل منها الصحيح والكثير منها مطبوخ في الغرف السوداء والمواطن اللبناني خبير بالتحليلات في شتى المجالات بفضل خدمة الخبر العاجل عبر الهاتف على مدار الساعة، وهو الذي يقضي معظم وقته يتابع مواقع التواصل الاجتماعي اضف الى كثرة البرامج السياسية التي تغزو الشاشات المحلية والفضائية، هنا تطرح امامنا أسئلة كثيرة: ما هي وسائل الإعلام ومدى حريتها ومصداقيتها في لبنان وما هو دورها، هل دورها نقل الاخبار او بيعها!!! وفي الحالتين عليها واجبات النقل والالتزام بشروط البيع وسلامته؟!؟!
يطلق مصطلح الإعلام على كل الوسائل المكتوبة، المسموعة او المرئية التقليدية منها كالصحف والمجلات، الإذاعة والتلفاز، او الحديثة كالمواقع الإخبارية الإلكترونية أو وسائل التواصل الإجتماعي .
إن هذه الوسائل مهمتها الأساسية نشر الأخبار والمعلومات وإعلام الجمهور بكل ما يدور حوله من مختلف المواضيع الأمنية والإقتصادية والثقافية والصحية وغيرها .
ولكون الإعلام هو ضرورة إجتماعية وإقتصادية قبل أن يكون ضرورة سياسية وبما انه صلة الوصل بين المواطن والسلطة لذلك يُفترض بالاعلامي التحلي المهنية كالصدق والموضوعية والأمانة والسرية.
كما يُفترض بالمؤسسات الإعلامية أن تتمتع بحرية الوصول الى المعلومات ونشرها للراي العام بحرية وشفافية محصنة ضد اي استبداد سياسي من السلطة او مالي في ظل استحواذ المال للساحة السياسية .
تعتبر وسائل الإعلام اللبنانية الأكثر حرية في العالم العربي كونها غير تابعة مباشرة للسلطة، اي ان الاعلام اللبناني هو عبارة عن مؤسسات خاصة غير رسمية وغير خاضعة لأي رقابة مسبقة من وزارة الداخلية او الاعلام، لكن هل هذا يكفي ليؤكد تمتع الإعلام اللبناني بالحرية، هل هي حقا” حرّة ام أننا نتوهم هذه الحرية لنتغنى بها امام الغرب؟!؟!
في الحقيقة هذا التنوع الظاهري يمس بالحرية الإعلامية التي لا يمكن فصلها عن المصداقية والموضوعية، فكيف لهذه المؤسسات ان تلتزم الموضوعية وهي ملك لأحزاب أو شخصيات سياسية موجودة في السلطة أو تتسلق للوصول اليها أو هي حكراَ لعائلات ثرية، إذن هي بشكل او بآخر رهينة المال أو السلطة .
إن عدم إستقلالية هذه المؤسسات يسمح لأقلام تدعي المهنية والمناقبية بالظهور على الساحة، هي في الحقيقة ليست سوى اداة للتسويق السياسي والمراكز وتضعف أمام الإغراءات بشتى انواعها.
صحيح لا يوجد في لبنان ما يسمى صحافة صفراء بالمعنى الواسع للكلمة اي صحافة الفضائح وهي صحافة غير مهنية وغير صادقة تفتقر الى الدقة وتعتمد القدح والذم والتهويل والأخبار المحرّفة والإشاعات مما يسهم في إنهيار الذوق العام وإثارة الكراهية والعنصرية، الا ان بعض وسائل الإعلام المرئي والمسموع كما بعض مواقع التواصل الإجتماعي تعج وتضج “بأقلام غير مهنية” وما نشهده خلال موسم الانتخابات اكبر دليل على ذلك، لذا علينا التنبه والحذر والتاكد من كل خبر قبل تداوله او نشره حتى لا نكون شركاء في تضليل الرأي العام .
إعلامنا للأسف بحاجة لجملة إصلاحات باتت ملحة، تبدأ بتحديث القوانين الحالية ووضع قوانين جديدة تواكب التطور، سواء لجهة تأسيس مؤسسات إعلامية شاملة لكل مكونات المجتمع اللبناني المتنوع، اضف الى ضرورة تحديث عمل نقابتي الصحافة والمحررين والمجلس الوطني للإعلام وتحرريهم من الطائفية والمحاصصة ليصبحوا فاعلين على ارض الواقع لجهة تنظيم المهنة وفرض عقوبات حاسمة بحق كل قلم يسمح لنفسه ان يضلّل الرأي العام عن الحقيقة ويسيء الى المصلحة العامة للوطن .
Related Posts