الرحلات الى الفضاء.. لماذا النساء أكثر عرضة للخطر من الرجال؟

قالت “الجزيرة” ان الأرض محاصرة كل يوم بالإشعاع المؤين الذي يأتي من كل مكان من الفضاء حولها.

والإشعاع المؤين عبارة عن موجات عالية الطاقة يمكنها إزالة الإلكترونات من الذرات في الجسم، وقد تؤدي المستويات العالية من التعرض له إلى أمراض الإشعاع والسرطان.

ولحسن الحظ، فإن وجود كل من الغلاف المغناطيسي والخلاف الجوي لكوكبنا يمنع تقريبا كل هذا الإشعاع -الذي تولده الشمس والأشعة الكونية المجرية من النجوم المتفجرة- من الوصول إلى الحياة على سطح الأرض.

بالنسبة لـ”محطة الفضاء الدولية” (ISS)، فإن الأمر مختلف، فبالرغم من أنها لا تزال محمية بواسطة الغلاف المغناطيسي للأرض إلا أنها تقع خارج إطار الغلاف الجوي للأرض، وبالتالي يتعرض رواد الفضاء لمستويات أعلى من الإشعاع المؤين، مما يزيد من خطر الإصابة بالسرطان على مدار حياتهم المهنية ووجودهم في الفضاء.

حدود جرعات الإشعاع ولماذا تختلف؟

وفقا لتقرير منشور على موقع “لايف ساينس” (Live Science)، فإنه من أجل حماية رواد الفضاء من خطر الإشعاع، وضعت ناسا حدودا لهذا التعرض الإشعاعي منذ عام 1989؛ وذلك لتحديد كم يمكن لرواد الفضاء البقاء خارج الأرض. هذا الحد الأقصى ليس متساويا لدى كل من الرجال والنساء كما أنه يختلف وفق الفئة العمرية لكل منهما. حيث إن نسب الإصابة بالسرطانات التي قد يتسبب فيها التعرض للإشعاع تختلف باختلاف العمر والأعضاء التناسلية.

وبناء عليه لا تستطيع رائدات الفضاء العاملات في ناسا قضاء الوقت نفسه الذي يقضيه الرجال في محطة الفضاء الدولية. وينطبق الأمر كذلك على رواد الفضاء الأصغر سنا، فهم لا يستطيعون البقاء في الفضاء طويلا مثل زملائهم الأكبر سنا الذين لم يتبق لهم من العمر ما يكفي للتعرض للإصابة بالسرطان.

ويعتمد الحد الأقصى على المقدار الإجمالي للتعرض للإشعاع الذي سيجعل رائد الفضاء لديه فرصة أعلى بنسبة 3% لخطر الوفاة بسبب السرطان خلال بقية حياته.

ويتم تقييم هذا الخطر بمقياس متدرج على أساس العمر والجنس، ويتراوح من حد أدنى يبلغ 180 ملي سيفرت من الإشعاع لامرأة تبلغ من العمر 30 عاما خلال مسيرة عملها مع الوكالة، إلى حد أعلى يبلغ 700 ملي سيفرت لرجل يبلغ 60 عاما خلال مسيرة عمله مع الوكالة.

ووحدة “سيفرت” (Sievert) هي وحدة قياس مدى الإصابة بالإشعاع النووي.

ففي عام 2018، على سبيل المثال، اضطرت بيجي ويتسون، الرئيسة السابقة لفيلق رواد الفضاء في وكالة ناسا -وهي أول سيدة تشغل مهمة قائد محطة الفضاء الدولية- إلى التقاعد بعد أن تجاوزت حدود حياتها المهنية للتعرض للإشعاع في سن 57، وذلك بعد أن أعربت علنا عن إحباطها من حدود الإشعاع لرائدات الفضاء التي حددتها ناسا.

ومع ذلك، من المتوقع أن تتغير حدود إشعاع ناسا في المستقبل القريب. ففي عام 2021، طلبت وكالة ناسا من لجنة من الخبراء عقدتها الأكاديميات الوطنية للعلوم والهندسة والطب تقييم خطة وكالة الفضاء لتغيير حد الإشعاع الوظيفي إلى 600 “ملي سيفرت” لجميع رواد الفضاء من جميع الأعمار.

وحددت وكالة ناسا هذا الحد من خلال تطبيق نموذج الوكالة لمخاطر الإصابة بالسرطان على الأفراد الأكثر عرضة للإصابة -وهن النساء- في بداية حياتهم المهنية. وتُترجم جرعة 600 “ملي سيفرت” إلى ما يتعرض له رائد فضاء خلال 4 بعثات مدتها 6 أشهر على محطة الفضاء الدولية.

لتوضيح ذلك أكثر، فإن متوسط الجرعة السنوية من الإشعاع التي يتلقاها شخص عادي على الأرض يبلغ حوالي 3.6 “ملي سيفرت”، مقابل 300 “ملي سيفرت” سنويا على محطة الفضاء الدولية.

مساواة وظيفية وقضية أخلاقية

يقول بريستون، الذي كان أيضا نائب رئيس لجنة خبراء الأكاديميات الوطنية المعنية بتقييم مخاطر الإصابة بالسرطان في مهمات الفضاء المأهولة، إن الحد الجديد “سيقلل من الجرعة لبعض مجموعات الذكور، وخاصة الذكور الأكبر سنا”. ولكنه سيعني أيضا أن النساء يمكن أن يكون لهن مهن ممتدة مع ناسا.

ويضيف بريستون أنه من أجل الوصول إلى هذه المساواة الوظيفية، يمكن أن تتلقى النساء جرعة أعلى مما يتعرضن له حاليا، وبالرغم من مناقشة ذلك بإسهاب كقضية أخلاقية، فإنه يصعب التوازن بين تأثير تلك الجرعة الأعلى قليلا على الأرجح وبين تكافؤ الفرص الوظيفية مع الرجال.

وتتضمن خطة ناسا المقترحة أيضا التخلي عن حد التعرض الوظيفي للمهام الأطول، مثل الرحلات إلى المريخ، والتي من شأنها أن تعرض رواد الفضاء لما يقدر بـ 900 ملي سيفرت.

وفي حال ما إذا قررت ناسا أن هذه مهمة حرجة، وكان هناك رواد فضاء معينون مهمون لهذه المهمة ويتجاوزون تعرضهم المهني للإشعاع، يمكن لوكالة ناسا التنازل عن الحد الأقصى للتعرض للإشعاع. 

المصدر: االجزيرة


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal