يصرّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على ضمان شفافية الانتخابات النيابية المقبلة وديمقراطيتها، وعلى عدم اعطاء هدايا انتخابية لأي تيار سياسي عشية الاستحقاق، وذلك في انقلاب واضح على السلوك الذي كان سائدا في الحكومات الماضية التي حولت الوظائف والمشاريع والتقديمات والتعيينات الى رشاوى انتخابية ارهقت خزينة الدولة التي اخذت طريقها بفعل السياسات الخاطئة الى الانهيار.
بالامس قطع مجلس الوزراء الشك باليقين، ووافق على السير بعقود انشاء وتمويل وتشغيل محطات كهرباء جديدة في معملي دير عمار والزهراني، وطوى بذلك معمل سلعاتا الذي لطالما كان سببا في تعطيل او عرقلة خطة الكهرباء ومنع بالتالي الاستثمار الانتخابي فيه.
وكان ناشطون في التيار الوطني الحر ولدى الموافقة المبدئية من قبل الحكومة على الخطة الكهربائية المقدمة من وزير الطاقة وليد فياض، حاولوا الترويج شعبيا بأن معمل سلعاتا تم اقراره من ضمن هذه الخطة، وان النائب جبران باسيل قد حقق انتصارا بانتزاع هذا المعمل من الحكومة، وذلك بهدف الاستثمار الانتخابي الذي ترجم قبل ايام برحلة مائية في سد المسيلحة، للتأكيد على صوابية المشاريع التي يطرحها ويصر عليها رئيس التيار البرتقالي.
لكن شيئا فشيئا تبين ان المعمل لم يقر، وقد تأكد ذلك امس لدى موافقة مجلس الوزراء على خطة الكهرباء التي تضمنت تمويل وتشغيل معملي دير عمار والزهراني فقط، وهذا يعني انه بعد انتهاء مشروع انجاز المحطتين الذي قد يستغرق نحو سنتين، وفي حال تبين بعد ذلك ان انتاج الطاقة غير كاف، وان ثمة ضرورة لاقفال معمل الذوق لاسباب بيئية، عندها يمكن انشاء ما يعرف بالمعمل الثالث الذي سيكون على الساحل الشمالي من دون تحديد موقعه على خريطة هذا الساحل كونه ما يزال في علم الغيب..
لا شك في ان الموافقة الحكومية على الخطة الكهربائية من المفترض ان تقترن بتدابير سريعة لتحسين التغذية لساعات اضافية، خصوصا ان وزير الطاقة المتحمس للمشروع معتبرا انه “وطني بامتياز”، اكد ان الأزمة لا علاقة لها بالانتاج بل بتأمين الفيول، الامر الذي يضعه امام مسؤولية وطنية ايضا في السعي الحثيث لانهاء ملف استجرار الغاز المصري وكذلك الكهرباء الاردنية ومصارحة اللبنانيين بالاسباب التي تحول دون اتمامهما، وعما اذا كانت العرقلة لوجستية او تقنية وفنية او سياسية او بفعل قانون قيصر الذي لم تبادر اميركا الى اعفاء الدول المعنية بايصال الطاقة الى لبنان بالكامل من مصر الى الاردن فسوريا، ام ان الامر يتعلق بالبنك الدولي الذي يرفض تمويل هذا المشروع الى حين تنفيذ شروطه التي ما تزال الصراعات والمناكفات والمصالح السياسية والانتخابية تحول دون تمكين الحكومة من تنفيذها؟!..
Related Posts