توجهت ذات يوم الى المسـجد الحـرام، بمكة المكرمة حرسـها الله، لأدرك صـلاة المغــرب، أنا وصـديـقي أبو حذيفة، وكان يوماً من أيام شهر رمضان المبارك.
وما إن وصلنا المسجد حتى رأينا سفراً ممتدة لمسافات طويلة، وعليها من أطايب الطعام والشراب، والناس حولها جلوس ينتظرون أذان المغرب.
ووالله ما مررنا بسفرة من هذه السفر إلا دعانا أصحابها للجلوس إليهم وتناول الإفطار معهم، بل كان بعضهم يلح علينا في إجابة دعوته ويتعطفنا حتى لا يُحرم أجر إفطار صائم.
تأملت في هذا المشهد الجميل، كيف يجلس أناس غرباء – على تعدد جنسياتهم واختلاف ألسنتهم وألوانهم – إلى مائدة واحدة، وكأنهم عائلة واحدة.
وعندها أدركت بعضا من معاني رمضان.
أدركت أن رمضان لم تكن الغاية منه أن نقاسي الجوع والعطش، بل شرع رمضان ليكون محطة نتذكر فيها أننا أمة واحدة، فالمسلمون في أرجاء الارض، رغم الحدود التي فرقت بينهم، يجمعهم شهر للصيام والقيام.
وأدركت أن رمضان مكرمة، يتعطف الغني فيه الفقير ويلح عليه حتى يقبل دعوته
وأدركت أن رمضان مرحمة، يشعر فيه المتخمون بألم الجوع فيرحمون المحرومين
وأدركت أن رمضان مدرسة، تتعلـم فيهـا العـائلـة كيف تجتـمـع على مـائـدة واحـدة
في إفطارهـا وسـحورها وتـلـم شــمـلهـا، بـعـد أن باعــد الجـوال بـيـن أفـرادهـا.
وأدركت أخيراً أن رمضان باب نعبر منه إلى الجنة لا يدخله إلا الصائمون.
Related Posts