يبدو أن أبواب الحملات الانتخابية قد فتحت على مصراعيها، حيث تفتش بعض التيارات السياسية على شعار من “لائحة الانهيار” الذي تسببت به، لتبني عليه خطابها ولتحمّل الحكومة التي جاءت للانقاذ مسؤولية ما إرتكبته يداها على مدار 17 عاما على الأقل، في ممارسة غير مسبوقة للدجل السياسي والانتهازية والشعبوية التي لم تعد تحصد أصواتا في صناديق الاقتراع بعدما “ذاب الثلج وبان المرج”.
لا شك في أن ما تشهده المصارف اللبنانية من إجراءات قضائية تحمل طابعا سياسيا إنتقاميا، بالتزامن مع الهجمة الشرسة على الحكومة ورئيسها والايحاء بأنهما يسعيان الى حماية المصارف على حساب المودعين، من شأنه أن يدخل البلاد في أزمات إضافية لا أحد يعلم كيف يمكن الخروج منها.
فقد بات واضحا أن ما يحصل غير بريء، ولا يهدف الى حماية المودعين، أو إستعادة الأموال المنهوبة أو المحوّلة، بل هو يدخل في صلب الحملة الانتخابية للتيار الوطني الحر ورئيسه النائب جبران باسيل الذي يخشى هذا الاستحقاق نتيجة التراجع في الشارع البرتقالي، لذلك، فإنه يعمل وفق مقولة علييّ و”على أعدائي” مستعينا بـ”قاضية العهد” ومن يدور في فلكها لتنفيذ هذه المهمة التي إما أن تساعده على إستمالة ما خسره في شارعه في حال الاستمرار في هذه “المسرحية” التي يبالغ الممثلون فيها بتجسيد أدوارهم، أو أن يؤدي ذلك الى هدم الهيكل المصرفي على رؤوس الجميع، فتغلق المصارف أبوابها ويشدّ سعر صرف الدولار الى إرتفاع جنوني من دون سقف، بما يدفع الى تأجيل أو إلغاء الانتخابات وهذا ما يسعى إليه باسيل الذي يواجه معارضة داخلية ضمن بيته، ربما تكون أكبر مما يواجهه في الشارع الرافض لسلوكه السياسي.
وبالتزامن، يفتح التيار الوطني الحر النار على الحكومة لخوض معركته الانتخابية في حال لم ينجح في ضرب الاستحقاق على ظهرها، ويستهدف في الوقت نفسه رئيسها نجيب ميقاتي الذي يتعرض لحملة مبرمجة تحت قيادة باسيل الذي يسعى الى تصفية حسابات معه، بعدما أفشل ميقاتي كل محاولات باسيل لانتزاع مشاريع من الحكومة لها مردود إنتخابي عليه في الشارع البرتقالي، من الميغاسنتر، الى سدّ بسري، الى معمل سلعاتا الذي سقط من خطة الكهرباء، الى التشكيلات الدبلوماسية التي يطالب ميقاتي بأن تكون كاملة ووفق المعايير وليس وفق بعض الأهواء السياسية.
لذلك، ثمة محاولات برتقالية حثيثة وواضحة لاظهار رئيس الحكومة بأنه يدافع عن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ويمنع ملاحقته، وعن المصارف، في حين أن ميقاتي يمارس دوره وصلاحياته في هذا الاطار، لجهة حماية القضاء من محاولات تسييسه ودفعه لتنفيذ رغبات برتقالية، والحفاظ على القطاع المصرفي الذي يشكل العمود الفقري للبنان، خصوصا أن ما قاله الرئيس ميقاتي عقب جلسة مجلس الوزراء أمس لا لبس فيه، حيث دعا القضاء الى “الالتزام بأصول القانون وممارسته”، وأكد أن “لا تدخل في القضاء ولا حماية لأحد ولا غطاء لأي جهة”، وهذا الكلام وافقه عليه أربعة قضاة وزراء من إتجاهات مختلفة على طاولة الحكومة، في حين ما يزال البعض يعملون على تحوير الكلام للسير ضمن الخطة الباسيلية التي باتت مكشوفة.
يقول متابعون: يجيد جبران باسيل الرقص على آلام وأوجاع الناس من دون أن يرف له جفن، لدرجة أن ثقته بنفسه دفعته الى إستغباء جمهوره بالدرجة الأولى واللبنانيين، عندما أكد في كلمته الاخيرة أننا “لح نجيب الكهرباء” و”لح نبني سدود” متناسيا أنه يقود وزارة الطاقة شخصيا أو بالواسطة منذ 15 عاما وقطاع الكهرباء يسير من فشل الى فشل، أما السدود الفاشلة فحدث عنها ولا حرج!..
Related Posts