ثقيل وحزين ومفجع خبر رحيلك أيها الصديق الودود والمحب..
عبدالله خالد، الكلمة الطيبة الراسخة التي بقيت على مدار عقود تمحو الحقد والضغينة، وتؤلف بين القلوب، وتجمع بين المتخاصمين، وتصوّب الاعوجاج في المسارات السياسية والعروبية والقومية.
جمع عبدالله خالد بين جيلين، فكان الصحافي المناضل صاحب الفكر السياسي الثوري، الوفي لمبادئه وثوابته التي لم يحد عنها رغم كل الظروف الصعبة التي ألمت به، كما شكل حاضنة للشباب الواعد الذي آمن بقدراته وسعى الى تثقيفه سياسيا وحزبيا ليأخذ دوره الريادي إيمانا منه بأن التغيير لا يكون إلا من خلال الشباب، وأن تأبيد المناصب هو مقتل كل حزب أو تيار سياسي أو عقائدي مهما كان حاضرا وقويا.
لم يتخل عبدالله خالد يوما عن الدور الذي إرتضاه لنفسه، فتقدم عندما تراجع الآخرون بحجة الظروف السياسية والأمنية، وحضر بقوة عندما غاب أصحاب المصالح، وتجرأ عندما خاف أصحاب النفوس الضعيفة، وبقيَ ناصحا لكثير من الشخصيات السياسية، وأمينا على الأحزاب الوطنية والتقدمية، ومؤمنا بمبادئ حزبه الذي أنصفه مؤخرا لكن حق الموت سبقه إليه..
كان عبدالله خالد رغم سنواته التي قاربت الثمانين يمتلك قدرة إستثنائية على العمل جعلته حاضرا في كل المنتديات السياسية والثقافية والاجتماعية محاضرا وموجها وطارحا للأفكار التقدمية والعروبية، فضلا عن كتاباته ودراساته التي كانت تشكل قيمة مضافة على الصحافة اللبنانية والعربية.
يختزن عبدالله خالد كمّا هائلا من الحب لعائلته التي حمل همها وحرص على إفناء حياته للاهتمام بها لتبقى عزيزة كريمة، ولأصدقائه الذين كان يجول عليهم يوميا كالأب الذي يتفقد رعيته، ولتلاميذه الذين كان يتابعهم في كل خطوة راسما لهم خطا مستقيما للسير عليه، أما الحب الكبير فكان لـ غزل إبنة الأخ، الأغلى من الابنة التي يرى فيها المستقبل الواعد والباهر وهو أبى أن يفارق هذه الدنيا قبل أن يطمئن عليها بأنها سلكت طريق النجاح..
عبدالله خالد يا صديقي.. سأفتقد بغيابك أخا كبيرا ورقيبا قاسيا كان يتابع كل خطواتي فيشيد تارة ويصحح ويصوب تارة أخرى، سأفتقد زياراتك وفنجان القهوة وأحاديثك وقصصك وتحليلاتك والحكايا النضالية التي تختزن الحكمة والحنكة والذكاء في إدارة الأمور، وسأفتقد محبتك وإخلاصك وودك وغيرتك وتوجيهاتك ومساهمتك الدائمة في “سفير الشمال” التي كنت ترى فيها مشروعا إعلاميا واعدا.
عبدالله خالد، ليس غريبا أن تنتقل الى جوار ربك في عيد الحب، فقد شكلت رمزا لهذا الحب الذي جسدته عطاء غير محدود وإيثارا على النفس وبذلا وتضحية من أجل الآخرين..
سلام عليك.. ورحمك الله رحمة واسعة وجزاك خيرا على ما قدمت وأسكنك الفردوس الأعلى.