شهدت الليرة اللبنانية خلال الأيام الـ10 الأخيرة تحسناً ملحوظاً أمام الدولار الذي تراجع سعره من 33 ألف ليرة إلى ما دون 23 ألف ليرة.
ووفقاً لتقرير جديد نشره موقع “الجزيرة نت”، فإنّ انخفاض سعر صرف الدولار يرتبطُ بإعلان حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة، منتصف الشهر الجاري، اتفاقه مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير المالية يوسف خليل على السماح للمصارف التجارية بشراء الدولارات منه دون سقف بالسعر الذي تحدده منصته “صيرفة”.
وعليه، وسّع سلامة صلاحيات المصارف في تعميم 161، الذي أصدره منتصف كانون الأول 2021، وسمح للمصارف بدفع السحوبات النقدية لعملائها، ضمن الحدود المعتمدة، بالدولار النقدي وفق سعر “صيرفة”.
وساد منطق المضاربات السوق النقدي طوال الأزمة، لكن قيمة الليرة تحسنت أخيراً برأي مراقبين، نتيجة امتصاص المركزي الكتلة النقدية بالليرة، وتزايد الطلب عليها وتراجعه عن الدولار. يعتبر رئيس قسم البحث والتحليل الاقتصادي في بنك “بيبلوس” اللبناني نسيب غبريل أن إجراء المركزي يهدف لضبط سعر الصرف، وأن سماحه للمصارف بشراء الدولارات دون سقوف وبيعها لزبائنها، أفراداً ومؤسسسات، أدى لضخ الدولارات.
وفي حديث لموقع “الجزيرة نت”، أشار غبريل إلى أنّ الهدف من ضخ السيولة هو تخفيض سعر الصرف بالسوق الموازي لإلغاء الهامش مع منصة صيرفة، وللتشجيع على شراء الدولارات من المصارف. من جانبها، تشير الأكاديمية والباحثة في القوانين المصرفية سابين الكيك إلى أن المصارف المركزية تلجأ عادة لمثل هذه الإجراءات في ظروف استثنائية ومفصلية، ليكون لها أثر صادم في السوق النقدي.
وتجد أن خطوة مصرف لبنان ليست إصلاحية، بل هي تدخل تقني بمفاعيل اصطناعية، ولا تندرج ضمن التقنيات الطبيعية المعتادة للمصارف المركزية.
بدوره، يقول الباحث والصحافي الاقتصادي منير يونس أنّ إجراء المركزي يضمر أهدافاً منها:
1- إثبات قدرته على كسر الحلقة الصاعدة بعدما تجاوز سعر الصرف 33 ألف ليرة للدولار الواحد.
2- إثارة القلق النفسي لدى أصحاب الدولارات المخبأة بالمنازل، ودفعهم لبيع دولاراتهم قبل هبوط سعر الصرف أكثر، ليسحبهم من السوق.
3- الدفع نحو سعر صرف معتدل لإقرار الموازنة، وللتفاوض مع صندوق النقد.
4- سعي السلطة والمركزي لتهدئة المناخ الشعبي قبيل الانتخابات، وللإيحاء بأن الوضع النقدي والاقتصادي يتجه للتحسن.
من أين يأتي المركزي بالدولارات؟
يفيد منير يونس بأن المركزي ضخ حتى الآن (عبر تعميم 161) نحو 150 مليون دولار، ويرجح أن تكون عبر 3 مصادر: الصرافين، شركات تحويل الأموال، وجزء من الاحتياطي الإلزامي.
وأوضح أن من يستفيد من ضخ الدولارات هم المصارف لأن لديها نسبة أرباح، وكبار التجار حاملو المليارات بالليرة، والمضاربون نظراً لعدم وجود معلومات كافية حول حجم السوق النقدي.
ويضيف نسيب غبريل مصادر أخرى للدولار لدى المركزي:
1- حصوله على مليار و100 مليون دولار من السحوبات الخاصة بصندوق النقد الدولي في سبتمبر/أيلول 2021 (علما بأن الصندوق تمنى ترشيد استعمالها بقطاعات إنتاجية).
2- شركة طيران الشرق الأوسط المملوكة من المركزي، أعلنت أخيراً أرباحها الممتدة من 2011 حتى 2020 بـ700 مليون دولار، ووصل منها 440 مليون دولار للمركزي.
3- لدى المركزي عمليات تعزز إيراداته بالعملات الأجنبية، علما بأن مصادر الاحتياطي بالعملات الأجنبية جفّت بالكامل بعد توقف تدفق الودائع الخارجية، وتخلف الحكومة عن سداد سندات اليوروبند في آذار 2020.
Related Posts