في مذكرات رئيسة وزراء الهند السابقة أنديرا غاندي التي إغتيلت على يد ناشط من طائفة السيخ، سألت والدها جواهر لال نهرو: ماذا يحدث في أي حرب؟.. رد عليها: ينهار الاقتصاد… قالت له: ماذا يحدث لو انهار الاقتصاد؟ أجابها: تنهار الأخلاق… قالت له: وماذا يحدث أيضا لو انهارت الأخلاق؟ رد عليها بمنتهي الحكمة: وما الذي يبقيك في بلد انهارت أخلاقه، وتابع: يستطيع الإنسان أن يتعايش في أي مجتمع فيه بعض النقص الغذائي والاقتصادي والثقافي والترفيهي، إلاّ إنعدام الأخلاق حيث تذهب الأعراف والقوانين ويتبخر الخير ويتحول كل شيء إلى غابة”.
قد ينتقد قارئ بأنني أعيد التذكير بهذه العبارات التي تضج بالحكمة للمرة الثانية، للفت نظره إلى أن ما نشاهده على هامش الأزمات في بلدنا قد خرج عن كل منطق أخلاقي، ويبدو أننا بتنا في غابة جهنمية بعد الذي نتابعه من أحداث يومية خرجت عن كل منطق:
فقد يبرر قاضٍ لفقير أنه سرق رغيفاً من الخبز أو كعكة ليسد رمقه، أو حتى لمن يسرق ربطة خبز لكي لا ينام أفراد أسرته وأمعاءهم خاوية ، ولكن ما هو التبرير الذي يمكن ان يُعطى لشخص أو مجموعة أقدموا على قطع أعمدة الهاتف التابعة لشركة أوجيرو في بلدة السمونية – الحيصة بمحافظة عكار بهدف سرقة الاسلاك المعدنية، وفي أقل الأضرار الممكنة إنقطاع تلك المنطقة ومحيطها عن باقي المناطق لحين إعادة تلك الشبكة إلى العمل الأمر الذي يتطلب بالتأكيد شهوراً وربما سنوات من أجل حفنة تافهة من النقود؟
وما هو مستوى الأخلاق المسيطر على عقول أولئك الذين سرقوا ستة عشر بطارية من سنترال علما في قضاء زغرتا مما ادّى الى تعطل شبكات الهاتف والانترنت لأشهر وربما لسنوات في المنطقة المرتبطة بذلك السنترال؟
من دون أن ننسى السرقات المتكررة للأسلاك الكهربائية أو محوّل من هذه المنطقة أو تلك. الأمر الذي يترك أبناء تلك المناطق أسابيع من دون أي دقيقة من التيار الكهربائي إزاء برد قارس، لأن شريحة واسعة من أبنائها لم يعد باستطاعتهم الإشتراك في المولدات الخاصة بعدما بات كل إشتراك شهري يفوق راتب رب العائلة!
منتصف الأسبوع الفائت أوردت وسائل الإعلام خبراً أشار إلى: “أن وزير الداخلية القاضي بسام مولوي قد وضع رئيس الجمهورية ميشال عون بأجواء الأوضاع الأمنية في البلاد التي يمكن القول انها جيدة جداً، كما أطلعه على التحضيرات المستمرة للعملية الانتخابية”! ويبدو وفق العديد من المراقبين أنه قد سها عن بال الوزير القاضي الموقّر أن أخلاق الكثيرين قد إندثرت في هذا الوطن ولم يعد يهم المواطنين المغلوب على أمرهم إذا كانت الأوضاع الأمنية جيدة جداً أم لا!..
Related Posts