النقيبة القوال خلال إستقبالها وفد نقابة المحامين في بيروت: لماذا لا نكون واحداً في عالم السياسة كما في عالم المحاماة

إستقبلت نقيبة المحامين في طرابلس ماري تراز القوال فنيانوس وفداً من نقابة المحامين في بيروت ضم: النقيب ناضر الكسبار، وأعضاء المجلس الأساتذة : سعد الدين الخطيب، عماد مارتينوس، بيار حنا، عبدو لحود، مايا الزغريني، فاديا مصري، الكسندر نجار، وأعضاء لجنة إدارة صندوق التقاعد الأستاذين سعاد شعيب وميلاد حكيّم، في زيارةٍ بروتوكولية بحضور النقباء السابقين: جورج طوق، جورج موراني، خلدون نجا، عبد الرزاق دبليز، أنطوان عيروت، ميشال الخوري، فهد المقدم، محمد المراد، وأعضاء المجلس الأساتذة: محمد نشأة فتال، محمود هرموش، مروان ضاهر، باسكال أيوب، بطرس فضول، وأعضاء لجنة إدارة صندوق التقاعد الأستاذين: سمير الحسن وخالد مطرجي.

وللمناسبة قلّد النقيب كسبار النقيبة القوال الميدالية النقابية الذهبية، ثم ألقى كلمةً جاء فيها : “من أرض طرابلس وإلى أرضها أعود ، طرابلس الحب والجمال والإبداع والوفاء ، العابقة برائحة العطر والياسمين والبخور والليمون ، طرابلس التي تعلمنا في مدارسها ، وتجوّلنا في شوارعها ، وتسلينا في مقاهيها، طرابلس أم الفقير والتي يصرّون على جعلها فقيرة ، ولكن طرابلس غنية بشعبها الوفي والأبي ، وبمحبتها للآخرين ومحبتهم لها، فطرابلس غالية ، وأغلى ما فيها نقابة المحامين ، نقابة الحق والعدل والدفاع عن المظلوم وعن كل صاحب حق .

وتابع قائلاً:” إن نقابتي المحامين في بيروت وفي طرابلس ، كانتا وستبقيان المدافعتين الشرستين عن الحريات العامة وحقوق الإنسان ، وستبقيان السد المنيع في مواجهة الظلم والإستهتار والإستلشاق والفساد، والصوت الصارخ في وجه كلّ مسؤول بعيد عن مطالب شعبه، وغير مهتم لشؤونه، فالوضع لم يعد يحتمل مثل هذه التصرفات التي سوف تؤدي إلى انفجارٍ في المجتمع ، كما لم يعد يحتمل النكايات والمناكفات وتقويم الكلام، فيما الشعب يئن من الوجع والجوع والفقر والعوز ، خصوصاً بعد نهب أمواله وشفطها من قبل المصارف ولا من يسأل أو يحكم باستردادها .

وأضاف :” في حرب فيتنام ، سأل أحد الصحفيين الجنرال ” غياب ” وهو كان في الأساس محامياً ، حول قدرته على مواجهة الطائرات العملاقة B52 ومدافع الميدان من عيار 155 ، فأجابهم مستلهماً حكمة الشرق العميقة وقال : ” يتكيف الإنسان مع الجو الخارجي بسهولة مذهلة فيعيش بدون خطر في جو حرارته أربعين درجة فوق الصفر ، كما يعيش في جو حرارته أربعين درجة تحت الصفر ، إنما لا يقدر ان يستمر في الحياة إذا تدنت حرارته الداخلية عدة درجات ، لذلك يجب ان تبقى الجبهة الداخلية متماسكة .

وختم قائلاً:” هذا ما أتمناه على نقابتي المحامين بأن تبقيا يداً واحدة، ومتى بقيتا كذلك فلا أحد يستطيع ان يتغلب عليهما وأبواب الجحيم لن تقوى عليهما .

ثم القت النقيبة القوال كلمةً جاء فيها :”لا أعرف لغةً احتفت بصيغة المثنّ كالعربية، فهذا تجلّى في مجمل تراثها الذي نقلته إلينا العصور، لكن لا يتبادر إلى ذهن أحدٍ أنني أبتغي هنا اليوم، التحدث في هذه الظاهرة اللغوية أو تقديم تفسيراتٍ أدبيةٍ أو اجتماعيةٍ لها، فرغبتي تنحصر في أن أتوقف عند تفسير واحد رأى فيه بعض النقاد الحديثين أن العربيّ في نداء المثنّ إنما كان ينادي نفسه، بحيث اعتبروا المنادى هو المنادي أو هو مرآتُه، والغاية من هذه المقاربة أن تكون لكلمتي جسر عبورٍ إلى صيغة مثنى حقوقية عرفها لبنان، هي نقابتا المحامين في بيروت وطرابلس، اللتان تشكلُ الواحدةُ منهما مرآةَ الأخرى كما في التفسير الذي أشرتُ إليه”.

وتابعت: “صحيحٌ أنهما اثنتان، لكن الاستقلال الإداري والمالي للنقابتين، وتمتع كل منهما بالشخصية المعنوية بالانفراد عن الأخرى، لم يحرماهما أن يكونا واحداً في الهمّ الوطني والمهني على السواء، من هنا يمكنني القول إننا دوماً على لقاء، لا في الزيارات البروتوكولية التي يجريها النقيبان والمجلسان عند كل استحقاق انتخابي، بل في الأهداف والتطلعات، وفي الجهود والوسائل، وبالاختصار في جميع مناحي النشاط النقابي بلا استثناء، فهذا توارثناه منذ مئة عام وسيبقى قائماً الآن وفي المستقبل لأنه أثبت فعاليته في مواجهة التحديات التي تعترض الحياة النقابية، وهو مثالٌ يجب أن يُحتذى في الوطن كله مؤسساتٍ إدارية وسلطاتٍ سياسية، لأنه جعل من التعدد بوابةً للتكامل المفضي إلى صيانة لبنان، بدلًا من الفرقة والصراعات والمناكفات، كما دأبنا على عيشه وسماعه في هذا الوطن الجريح، نعم، يمكننا أن نكون اثنين وواحداً في الوقت نفسه، فلماذا لا يتحقق في عالم السياسة ما هو متحقق في عالم المحاماة؟

وأضافت: “وفي كلّ حال، لقاؤنا اليوم تعبير عن هذه الحقيقة، وتأكيدٌ على وقوف النقابتين معاً يداً بيد من أجل استرداد حقوق الناس المسلوبة وكراماتهم المنتهكة ووطنهم المتهالك، ومن أجل الحفاظ على العدالة كقيمةٍ إنسانية سامية لا نهوض لأمة إلا بها، وهذا الواجب يفترض أن يكون جناحا العدالة مصونين مادياً ومعنوياً ومحصنين أدبياً ومناقبياً، والأهم متعاونين متفاهمين، فإن هذه أيضاً صيغة مثنى جميلةٌ تفضي إلى تحقيق رسالة واحدة، فينبغي لنا العمل على ترسيخِها.

وأردفت: “لا شك أننا في مرحلة صعبة جداً لم يشهدها لبنان منذ نشوء دولته، مليئةٍ بالصعوبات المعيشية والمالية والصحية في مقابل تخاذل رسمي متمادٍ عن الشروع في إعداد وتنفيذ خطط المواجهة المتاحة للإنقاذ، وقد انعكس ذلك سلباً على وضع المهنة والمحامين، مما تعرفون ولا حاجة بنا إلى تكراره، وهذا الواقع المرير يفرض على النقابتين التحرك على أكثر من صعيد حمايةً لمصالح المحامين وأمان أعمالهم ومستقبل أولادهم، ومن وجوه التحرك التي تحضرني الآن تفعيل العمل المشترك بخصوص استعادة أموال المودعين المستولى عليها “والمحامون منهم “، وكذلك ينبغي لنا السعي لتوسيع فرص العمل عبر استصدار تشريعات تحصر جميع الأعمال القانونية بالمحامي وهذا يؤدي أيضًا إلى تلافي الكثير من النزاعات القضائية التي لم تكن لتقع، لو تولى العمل القانوني صاحب اختصاص، بالإضافة إلى السعي لمعالجة المسألة الصحية التي تلقي بظلالها السوداء علينا.

وختمت : “باسمي وباسم النقباء السابقين وأعضاء مجلس النقابة في طرابلس أرحب بكم فردًا فردًا أنتم الصاعدين شِمالًا إلى جهةِ القلب، فها بكمُ امتلأتْ قلوبُنا فرحًا، عشتم وعاشت نقابتا المحامين في بيروت وطرابلس وعاش لبنان”.

Post Author: SafirAlChamal