قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية إن مهرجان “ساوند ستورم” الذي حضره آلاف السعوديين في الرياض مؤخرا يعكس مدى الانفتاح الذي تشهده المملكة في عهد ولي العهد محمد بن سلمان، مشيرة إلى أن الشباب السعودي بات يتعلم كيفية الاستمتاع بالحفلات بعد عقود من القيود التي كانت مفروضة عليهم.
وقالت الصحيفة إن المملكة المحافظة تحاول منذ سنوات تخفيف أعرافها الاجتماعية الراسخة، بأن سمحت للمرأة بقيادة السيارة والسفر بحرية وفتحت الأبواب أمام السائحين وأظهرت تسامحا مع الموسيقى، والآن، تسمح بالحفلات الراقصة “في الصحراء”، في إشارة إلى المهرجان الذي نظمته شركة “ميدل بيست” في الرياض مؤخرا، والتي اعتبرت أنه أصبح “رمزا لكيفية تعلم السعوديين الاستمتاع بالترفيه بطرق شائعة في كثير من أنحاء العالم ولكنها ممنوعة في بلادهم منذ فترة طويلة”.
وقبل عام 2016، لم يكن لدى السعودية عمليا صناعة ترفيه، إذ لم تكن هناك دور عرض سينمائي وكانت الحفلات الموسيقية أو الوصول إليها متاحًا للجمهور من الذكور فقط.
وقالت السعودية دانا عبد الله (42 سنة) للصحيفة: “أشجع ابني البالغ من العمر 18 عامًا طوال الوقت على الخروج وحضور الحفلات الموسيقية… أريده أن يتمتع بالتجارب التي لم أحصل عليها في مثل عمره”.
وحضر مهرجان “ساوند ستورم” الذي أقيم في صحراء شاسعة بشمال الرياض عشرات الآلاف من الأشخاص، معظمهم من الشبان، الذين ارتدوا الملابس التقليدية وغير التقليدية والنظارات الشمسية المضيئة وخوذات المارشملو وطلاء الوجه المستخدم في حفلات الرقص الصاخبة. من بين الحاضرين، السعودية نورا محمد (28 سنة) وشقيقتها التوأم، عُود، وقد ارتديتا معطفين أبيضين وعصابتين وردية اللون فوق نقابهما التقليدي.
وقالت نور: “لا أصدق أن هذا يحدث في الرياض”، مشيرة إلى أنهما اطلعا على الموسيقى من خلال الأفلام الأميركية لكنهما لم يتوقعا أبدًا الرقص علانية في بلادهما.
وتقول الصحيفة إن حفلات مثل “ساوند ستورم” ستوفر لعدد كبير من الشباب في البلاد منفذًا للترفيه، اعتادوا رؤيته في أجزاء أخرى من العالم ولكن ليس في بلادهم.
ومنذ صعود الأمير الشاب للسلطة، استضافت المملكة العديد من الأحداث الموسيقية والرياضية الكبيرة، وأعلنت المملكة عن عدد من المشاريع الضخمة بهدف ترسيخ مكانتها كمركز إقليمي للترفيه والرياضة والفن. ويأتي هذا في إطار عقد اجتماعي جديد يمنح الشباب السعودي المزيد من الحريات الاجتماعية مثل الذهاب إلى السينما والرقص وارتداء ملابس أقل تقليدية، لكن مع قمع الحريات السياسية، بحسب الصحيفة.
ويقول النشطاء إن التغييرات الاجتماعية لا تعالج في الواقع قضايا أعمق مثل العلاقات الجنسية قبل الزواج والمثلية، لكن رغم ذلك يشعر العديد من السعوديين بـ”التحول”.
وتهدف السلطات عبر مهرجانات مثل “ساوند ستورم” إلى جعل السعودية وجهة سياحية جذابة في المنطقة للأجانب، الذين يتدفقون إلى مدن قريبة مثل دبي وبيروت وتل أبيب، حيث توجد ثقافة الحفلات والتسامح مع الكحول والاختلاط بين الجنسين.
وقد روج منظمو حفل الرياض بشكل كبير للحدث هذا العام، الذي أقيم للمرة الثانية بعد نسخته الأولى في أواخر عام 2019، حتى أنهم وضعوا لوحات إعلانية ضخمة في دبي.
وقال رئيس الشركة المنظمة للحفل، رمضان الحرتاني، لوول ستريت جورنال إنه يأمل في “تطوير مشهد موسيقي سعودي من الصفر تقريبًا”، مشيرا إلى أن حفل هذا العام كان أكبر حجمًا بكثير. وأضاف: “نحن هنا لتوسيع ثقافة الموسيقى من خلال تحديد الجيل القادم من فناني العروض الترفيهية الحية”.
لكن يشير التقرير إلى تحديات اجتماعية خاصة، إذ لا يزال الاختلاط جديدًا على المجتمع، وبعض الحدود الاجتماعية غير واضحة، وكانت غالبية الحاضرين في المهرجان من الرجال، ما جعل العديد من النساء يتصرفن بشكل أكثر تحفظًا. كانت صحيفة نيويورك تايمز قد سلطت الضوء على احتفال سعوديين بعيد الميلاد، في مظهر آخر من مظاهر الانفتاح.
Related Posts