أحيت عائلة الرئيس الشهيد الرئيس رينه معوض وعائلات الشهداء، الذكرى ال32 لاستشهاده ورفاقه، بقداس عائلي مصغر في كنيسة سيدة زغرتا نظرا للأوضاع الصحية، حضره الوزيرة السابقة نائلة معوض، رئيس “حركة الاستقلال” النائب المستقيل ميشال معوض وعقيلته ماريال، إضافة الى عائلات الشهداء. وترأس القداس الأب جان مورا في حضور المونسنيور اسطفان فرنجية ولفيف من كهنة الرعية.
وألقى المونسنيور فرنجية كلمة أكد فيها “ضرورة استرجاع نهج الرئيس الشهيد رينه معوض في خضم الصراعات الحادة بين اللبنانيين، النهج الوطني السلامي العابر للطوائف والباني للجسور في عز الإنقسامات”، سائلا “أين محبة الوطن وأين الإنتماء إليه وحده؟ وأين المصلحة العليا لأبنائه وبناته وقد أصبح معظمهم تحت خط الفقر بمساحات شاسعة ومنهم من غادر وطن الآباء بحثا عن وطن يقدم لهم الحرية التي اقترنوا بها واقترنت بهم منذ مئات السنين؟ فأين الضمير ومخافة الله؟ أين هم فاعلو السلام؟ أين هو لبنان الرسالة؟ أين هم المسيحيون من دعاهم الرب يسوع ليكونوا ملحا للأرض ونورا للعالم؟ هل استبدلوا قوة الله والإعتماد عليه بقوة أخرى واعتمدوا عليها؟”، وفي خضم الصراعات الحادة بين اللبنانيين لا بد لنا من استرجاع النهج الوطني السلامي العابر للطوائف والباني للجسور في عز الإنقسامات أعني به نهج الرئيس الشهيد رينه معوض الذي قال للبنانيين في خطاب القسم: (أيها اللبنانيون، لا وطن ولا دولة ولا كيان من دون وحدة الشعب، ولا وحدة من دون وفاق، ولا وفاق من دون مصالحة، ولا مصالحة من دون تسامح وتضحية، ولا شيء من كل هذا من دون ايمان ومحبة).
وقال: “نلتقي كعادتنا في كل سنة حول مذبح الرب وحول كلمة الله لنحيي ذكرى استشهاد الرئيس الشهيد رينه معوض ورفاقه الشهداء الأبرار. نلتقي في هذا الأحد في كنيسة سيدة زغرتا وهو أحد مولد يوحنا المعمدان وقد جرت العادة أن نحيي هذه الذكرى في الكنيسة التي تحمل اسم يوحنا المعمدان ولكن نجل الشهيد النائب المستقيل ورئيس حركة الإستقلال الصديق ميشال معوض وأهل الشهداء أرادوا إحياء الذكرى الإثنين والثلاثين بشكل عائلي مصغر حفاظا على السلامة العامة في وسط انتشار وباء كورونا”.
وأضاف: “زكريا وإليصابات يرمزان إلى العهد القديم، يرمزان إلى شعب شاخ وبات عقيما بسبب ممارساته الخارجية والشكلية والروتينية للكهنوت وللشريعة وللطقوس والشعائر الدينية دون العيش بحسب روحها: (هذا الشعب يكرمني بشفتيه وأما قلبه فهو بعيد عني). (إشعيا 29\13). فمن رحم العهد القديم هذا ولد يوحنا المعمدان الذي سيحضر رسالة الإبن المتجسد يسوع المسيح. وكلمة أليصابات في اللغة العبرانية تعني أن الله أقسم وقسم الله هوالوعد بمجيء المخلص. إن الله صادق وقادر على تحقيق وعوده. وكلمة يوحنا تعني باللغة العبرية أن الله تحنن، تحنن الله على زكريا المتقدم في العمر وعلى أليصابات العاقر التي انتظرت طويلا حتى انقطاع الأمل، وهي التي خضعت لقسوة المجتمع وأحكامه البالية والرديئة، وأحنت ظهرها امام هذه القسوة وفقدت معنى وجودها”.
وتابع فرنجية: “بميلاد يوحنا أعاد الله الإعتبار لزكريا ولإليصابات ولدورهما في مخطط الله الخلاصي فكان الفرح لهما ولأهلهما وجيرانهما وللعالم كله.أليصابات العاقر والرازحة تحت ثقل الأيام والعالم تشبه وطنا يرزح منذ سنوات تحت ثقل أزمات كبيرة لا ترتبط به وحده بل أصبح ومع الأسف ساحة صراع إقليمية ودولية. هذا الوطن اسمه لبنان: وطن الرسالة ووطن القداسة، وطن الثقافة ووطن الإبداع والطموح. إنه وطن العطاء والشهادة. لقد كلفني سيادة المطران جوزيف نفاع النائب البطريركي في نيابة إهدن – زغرتا نقل تعازيه وتقديره لعائلة الرئيس الشهيد رينه معوض ولعائلات الشهداء الذين يحملون في قلوبهم جراحا بليغة لا تستطيع السنوات شفاءها. ففي الذكرى الثلاثين أي في كانون الأول سنة 2019 قال سيادة المطران نفاع: (تأتي ذكرى إستشهاد الرئيس رنيه معوض هذه السنة ولبنان يمر بأدق مرحلة من تاريخه المعاصر، فإما النهوض وبناء وطن يليق بأبنائنا وبناتنا وإما الإنهيار الذي نعيش محطاته الواحدة تلو الأخرى.)، لقد مرت سنتان ولا يزال هذا الوطن يشهد إنهيارا سياسيا وإجتماعيا وأخلاقيا واقتصاديا ولا أفق لأي حل وكأننا اخترنا الإنهيار بدل النهوض والموت بدل الحياة والمصالح الخارجية بدلا من مصالحنا الوطنية”.
وأردف: “إننا اليوم وفي هذه الذبيحة الإلهية، نصلي لراحة نفس الرئيس الشهيد رينه معوض ورفاقه الأبرار وعلى نية الوفاق في لبنان الذي اعتبره الرئيس معوض أساس البنيان، وجوهر الكيان، وعهد مقدس أمام الشعب والتاريخ وهو السبيل الوحيد لإنقاذ البلاد والعباد بهدف ترسيخ المصالحة بين الناس فيما بينهم وبين الناس وقياداتهم وقد فقدوا الأمل بهم وبين الناس والدولة بكل مؤسساتها التي أصبحت مترهلة لا بل تنازع على فراش الموت فهل ندري النتائج الوخيمة لإنهيار الدولة وقد بدأنا نتلمس نتيجة هذا الإنهيار من ازدياد السرقات والفوضى وغياب القضاء وإقفال المؤسسات العامة والخاصة وغيرها ؟ هل شعر اللبنانيون جميعا بخطر زوال الوطن وفقدان هويته؟ يبقى يسوع إلهنا ومخلصنا علامة أمل ورجاء لنا جميعا. ولنا كل الثقة بأن الله معنا، لم ولن يتركنا كما قال القديس بولس: (إن كان الله معنا فمن علينا؟) ( رو 8\31). ما ينقصنا هو أن نكون معه بكل صدق، أن نتوب إليه وأن نعود إلى ذواتنا ومع يوحنا نشهد ليسوع، حمل الله الحامل خطايا العالم ، وننادي: (توبوا فقد اقترب ملكوت السماوات).(متى 3\2)
نعم إن ملكوت الله في داخلنا كما قال لنا يسوع ولا أحد يستطيع أن ينتزعه منا كما انتزعوا أموالنا وتعبنا وهناء العيش. إن يسوع يفتح لنا دائما أفقا جديدة لأن “رحمته عظيمة “. (لوقا 1\58).
وقال: “ان النعمة التي نالتها أليصابات هي نعمة لكل إنسان. فالله عندما يهب نعمة لأحد تكون لصالح كل إنسان. فهل ندرك نعم الله علينا؟ هل نشاركها مع الآخرين؟ في تسمية الطفل مشى زكريا ومعه أليصابات معا عكس التقاليد والأعراف السائدة في ذلك الزمان فسموه يوحنا بدلا من زكريا. كم نحن بحاجة إلى رجال ونساء يسيرون عكس تيار هذا العالم المليء بالفساد والأحقاد والأنانيات والخصومات متبعين نهج يسوع الذي وهبنا المصالحة مع الله وردم الهوة بين البشر دون أن يساير أو يساوم على المبادئ والقناعات”.
وختم فرنجية”: “إن السيدة الجليلة نايلة معوض – التي نذكرها اليوم في صلاتنا أيضا ليمنحها الله الصحة وطول العمر- برهنت خلال مرافقتها للرئيس معوض في كل خطواته الخاصة والعامة وبعد استشهاده أنها الزوجة الأمينة على الوديعة التي تسلمتها بعد اغتياله وأمينة على عائلتهما الصغيرة والكبيرة وعلى الوطن من خلال المهمات النيابية والوزارية التي تسلمتهما ومن خلال المحافظة على الإرث الوطني الذي نسجه الرئيس الشهيد بكل صبر وعناية ومن خلال تأسيس مؤسسة إنمائية أعطتها إسم “مؤسسة الرئيس رينه معوض ” التي عملت ولا تزال في سبيل كل إنسان مهما كان انتماؤه السياسي أو الديني أو الإجتماعي. وفي هذه الظروف الصعبة يتابع رئيس حركة الإستفلال النائب المستقيل ميشال رينه معوض نهج الوالد الشهيد بكل اندفاع وشجاعة وأمانة، ويتابع عمل المؤسسة التي استطاعت أن تحافظ على حضور الرئيس الشهيد وينقلها من نجاح إلى آخر في خدمة بيروت الجريحة وفي خدمة كل لبنان. نسأل الله بشفاعة سيدة زغرتا ومار يوحنا المعمدان الحكمة والإيمان والصبر له ليحافظ على الوديعة، وديعة المساهمة في تطوير الإنسان في هذا الوطن وتعزيز روابط الأخوة بين أبنائه وبناء جسور السلام والتلاقي مع الحفاظ على حرية واستقلال لبنان”.