المنظومة السياسية ″تتفرعن″ وتقطع أنفاس المواطنين!… حسناء سعادة

″يا فرعون مين فرعنك قال تفرعنت وما حدا ردني″…

هذا المثل الشعبي ينطبق اليوم على المنظومة الحاكمة التي فرعنت نفسها على كافة مقومات حياة المواطن ولم تجد من يردها، فالشعب الذي كفر بها يئس ايضاً من امكانية التغيير، ما سمح لها بان تستمر في غيها، والا ما هو تفسير واقع حالنا اليوم حيث ان ثلاثة ارباع المواطنين العاملين في لبنان يقبضون رواتبهم بالليرة اللبنانية فيما يشترون معظم حاجياتهم بالدولار على سعر صرف السوق السوداء.

انهم يشترون البنزين والمازوت والمواد الغذائية وقطع غيار السيارات وكهرباء المولد، واللائحة تطول، بالدولار الاميركي الذي فاق سعره في اسواق الصرف غير الرسمية 23 الف ليرة لبنانية، لاول مرة بتاريخ الجمهورية اللبنانية، كما ان ثلاثة ارباع الشعب اللبناني يضع مدخراته وجنى عمره في المصارف بودائع تبدأ من الالف دولار وصولاً الى ملايين الدولارات، واذا استثنيا من هرب امواله الى الخارج فان ما تبقى من المدخرين لم يتمكنوا من سحب ودائعهم الا بالقطارة وعلى سعر صرف مضحك لا يتجاوز الـ 4000 ليرة لبنانية ما يعني ان الالف الدولار المسحوبة على اللبناني لا تشتري لهم من السوق السوداء الا 150 دولاراً اميركياً.

تفرعنت السلطة، واتخذت قرارات سيئة ثم تراجعت عنها الى اسوأ منها، اذ كيف اقرت الدعم وهدرت مليارات الدولارات عليه وذهبت امواله الى كبار التجار والمهربين والمحتكرين ثم عادت ورفعته عن معظم المواد المدعومة من دون ان يسألها احد ماذا اقترفت يداك.

تفرعنت السلطة على القضاء ولم يردها احد، فبقيت التشكيلات القضائية في الادراج وفقد المواطن ثقته بالقضاة الذين تماهى معظمهم مع انتماءاته السياسية وبدل ان يكون العدل اساس الحكم باتت الاحكام استنسابية وكل طرف سياسي يتهم الاخر بتسييس القضاء فيما ما من احد بريء من شرذمة الجسم القضائي.

تفرعنت السلطة وقررت عدم دفع سندات اليوروبوند من دون اجراء دراسة وافية لتداعيات التخلف عن الدفع ما ادى الى زعزعة الثقة الدولية بالنظام المالي في لبنان وطارت اموال المودعين.

تفرعنت السلطة وغضت النظر عن الفساد والهدر والتوظيفات العشوائية كما غضت النظر عن الاصلاحات المطلوبة فوصل الوضع الى ما هو عليه ولم يقل لها احد “ما احلى الكحل في عينك”.

تفرعنت السلطة وتمادت قاطعة انفاس المواطن الذي يلهث للبقاء على قيد الحياة حيث بالكاد يتمكن من تأمين اساسيات معيشته، مستغنياً ليس فقط عن الكماليات بل ايضاً عن الضروريات ولكن ان يصل تفرعن السلطة الى حبة الدواء فهذه ليست فرعنة فقط بل محاولة قتل موصوفة لشعب بأكمله..


Related Posts


 

Post Author: SafirAlChamal