وسط حضور فني وثقافي مميز، وضمن النشاطات الثقافية المرافقة لمهرجان طرابلس للأفلام في دورته السابعة للعام 2021، تم توقيع وعقد ندوة حول كتاب “العرض الأخير سيرة سيلَما طرابلس” للكاتب والمخرج هادي زكّاك ومشاركة الدكتور خالد زيادة فيما أدار الندوة المخرج المسرحي جان رطل.
بعد الترحيب بالحضور والتعريف بزيادة وزكاك، تساءل رطل ما الذي يمكن أن يجمع بينهما، وقال: “يجمعهما الإشتغال على تفاصيل الحياة في طرابلس اجتماعياً عمرانياً وثقافياً فقد اهتم زيادة بحقبة الانتقال من شرق المدينة إلى غربها عبر ثلاثيته “مقاطع من سيرة مدينة على المتوسط” لاحظاً التطور بين القديم والحديث في إطار سعيه الى كتابة تاريخ السوسيولوجيا انطلاقاً من وثائق المحكمة الشرعية التي توثق للتاريخ الاجتماعي والانتروبولوجيا لطرابلس.
وتابع رطل: “أما زكاك الباحث السينمائي فقد أصيب بحب توثيق تاريخ السينما في طرابلس بل أصيب بحب طرابلس، فراح يبحث أين انتشرت هذه السينمات وكيف تنوعت من ناحية اختصاصاتها وأنواع الأفلام التي تعرضها حتى وصولنا الى السينمات ذات الطابع الثقافي مع نوادي السينما وكيف استقبلت هذه السينمات نشاطات أخرى في مراحل لاحقة من المهرجانات السياسية والأفلام الخاصة والمسرحيات وسواها وارتباطها بالحياة اليومية في المدينة”.
من جهته اعتبر زكاك أن طرابلس بالنسبة إليه كانت مدينته بيروت التي فقدها قائلاً: “تحمست جداً لعاصمة الشمال فنحن نفقد ذاكرتنا شيئاً فشيئاً والسينما كانت تعكس أين كنا في التاريخ وكيفية دخولنا في التكنولوجيا وسينمات طرابلس هي بمثابة متحف حي لأنها تبدو وكأنها وقفت في الزمن، من هنا أردت أن أكتشف مدى ارتباط تاريخ قاعات السينما في طرابلس مع حياة وتاريخ المدينة وارتباطها بالرأسمال الأساسي لطرابلس وهو الإنسان من خلال بناء العلاقات الإنسانية بشكل أفضل وأسلس في طرابلس، وقد اصطحبني الصديق جان رطل إلى التعرف على الأرشيف الغني لجريدة الإنشاء الطرابلسية مع الأستاذ الصحافي مايز الأدهمي لندخل إلى الذاكرة المكتوبة ولا نكتفي بالذاكرة الشفهية التي يمكن أن تغشنا فنقع في معرض النوستالجيا، مما دفعني الى التوغل في زواريب المدينة والدخول الى القاعات السينمائية المهجورة فكان ذلك بمثابة مغامرة كبيرة لا بد منها بالنسبة إليّ. من هنا نستطيع ربط الأحداث اليومية المحلية في طرابلس ولبنان، كما الأحداث العربية والعالمية مع الدور الذي لعبته السينما والعكس صحيح، خاصة إذا علمنا بانتشار صالات السينما في أكثر الأماكن شعبية في طرابلس لا سيما في الميناء والتبانة وهذا ما ذكره دكتور زيادة في كتبه التي تعكس الذاتية والسوسيولوجيا على السواء، من هنا كان لا بد لي من الإطلاع على هذه الثلاثية. كما كان لا بد من الحديث عن رواد السينما الطرابلسيون من جورج نصر وغيره ممن تناولوا تاريخ ورواية المدينة مثل جبور الدويهي ورياض بيضون وسواهم كثيرون وكانت السينما حاضرة في كتاباتهم بشكل أو بآخر وكذلك نوادي السينما التي نشطت في فترات عديدة.
وختم زكاك: “كل منا في لبنان محكوم عليه الصراع اليومي مع الموت كل شي يوشك أن يموت لذلك نبدو وكأننا في “العرض الأخير” على كل المستويات.
الدكتور خالد زيادة أثنى على جهود زكاك وجميع من ساعدوه في انجاز الكتاب الذي: “خرج علينا بمعلومات قيمة ومدهشة فضلاً عن أرشيف صور غني ومميز.
وهو انطلاقا من عنوانه “العرض الأخير واستخدام تعبير “سيلما” باللهجة الطرابلسية القديمة يحمل دلالة على التعلق بالحنين الذي يعيشه كل فرد منا خاصة من هم من جيلي، إنه كتاب عن طرابلس من زاوية السينما التي هي جزء من ثقافتنا وتاريخ أجيالنا وتعكس حقبة ازدهار طرابلس في الخمسينيات والستينيات. والسينما كانت إحدى العلامات البارزة على التحديث الثقافي والاقتصادي في آن معاً ودورها أساسي في هذا التحديث من هنا يطرح السؤال: “إذن ماذا فعلنا بمدينتنا؟” لنستطيع مقاربة كيفية دخول الحداثة”.
واعتبر زيادة أن “العرض الأخير” يمثل أكثر من كتاب عن تاريخ السينما في طرابلس فهو يصوّر جوانب الحياة المختلفة في طرابلس بعين سينمائية.
وأكّد مجددًا على القيمة الفنية والثقافية الكبيرة التي كانت تتمتّع بها طرابلس وخاصة في مجال السينما وعرض الأفلام وهي قيمة يحاول زكّاك من خلال كتابه الإشارة إليها في ظل التهميش الذي تعيشه المدينة.
ختاماً أشار رطل إلى أن: “هدف زكاك الأساسي كان صناعة فيلم عن “سيلما طرابلس” لكن الأمور سارت باتجاه إصدار كتاب وأؤكد لكم أن الفيلم سيتحقق قريباً مع هادي زكاك”.
تصوير: إسبر ملحم