بالأمس القريب بدأت الدولة اللبنانية بالحديث عن الاستعدادات لإجراء الإنتخابات النيابية في مطلع الربيع المقبل، والتي يتوقع لها البعض (ومنهم جهات خارجية ناشطة في بذر العملة الخضراء في الأرجاء اللبنانية) أن تقلب مقاييس التركيبة القائمة في لبنان، لا بل تبديل المعادلات إذا أمكن.
ولكن فور إطلاق وسائل الإعلام الحديث عن هذا الموعد الهام في الحياة السياسية بعد الفوضى المدمرة التي إجتاحت ساحات الوطن، وما قد يرافقه من بازارات وتسويات ودفع أموال و”قطع الكهرباء” كما جرت العادة. إستذكر العديد من المراقبين والمتابعين ما جاء في مذكرات الكاتب الإيرلندي الشهير “جورج برنارد شو” أنه في احدى الحفلات جلست امرأة فاتنة بقربه فهمس باذنها: “هل تقبلين بقضاء ليلة معي مقابل مليون جنيه” فابتسمت وردّت في استحياء: “طبعا.. بكل سرور”. وبعد لحظات سألها: “هل يمكن ان نخفض المبلغ الى عشر جنيهات؟ فغضبت وصرخت: “من تظنني اكون يا هذا” فقال لها: “سيدتي.. عرفت من تكونين، نحن فقط اختلفنا على قيمة الأجر!”.
ويضيف أنه أدرج هذه القصة مشبها إياها بما كان يحصل في بعض البلدان حيث تتغير المواقف عند الانتهازيين بناء على من يدفع أكثر، فاذا انخفض أجرهم إنقلبوا الى المعارضة وحدّثونا عن الوطنية وعن المبادئ والشرف!!
فهل ان السياسيين والمسؤولين الذين “تحالفوا” مع المؤسسات والمالية وأصحاب المصارف الذين “شفطوا” أموال المودعين وهرّبوا الأموال إلى خارج لبنان. لا يشبهون صاحبة تلك الرواية؟..
وهل أن السياسيين والمسؤولين الذين أداروا الظهر لشركات استيراد الأدوية وأصحاب مستودعاتها والصيدليات الذين أخفوا العلاجات عن أصحاب الحالات المستعصية. لا يشبهون صاحبة تلك الرواية؟..
وهل أن السياسيين والمسؤولين الذين لم يلاحظوا آداء التجار ولم يحركوا ساكناً لمحاسبتهم او على الأقل ضبطهم، لا يشبهون صاحبة تلك الرواية؟..
وبين هذا وذاك، ماذا عن السياسيين والنواب الذين إرتضوا أن يكونوا وشاةً أو كاتبي تقارير لصالح هذه الجهة الخارجية أو تلك، وسيتنطحون بقوة للترشح إلى الانتخابات النيابية المقبلة تحت عناوين وطنية بكل وقاحة. وهؤلاء ألا يشبهون صاحبة تلك الرواية؟..
أليس بمثل هؤلاء تتلوث الأوطان ويعم الفساد، ويتحولون إلى باعة يفتشون عن الثمن الأعلى، مهما كانت الحيثيات. فكم نحن بحاجة لتطهير المنظومة؟..
Related Posts
