آثار فيلات أثرياء العصر الروماني مغمورة بالماء قرب نابولي

تسبح الأسماك فوق لوحات الفسيفساء وتدخل الحانة التي اعتاد السكان ارتيادها للترفيه عن أنفسهم في مدينة بايا التي كانت منتجعا شهيرا في العصر الروماني وباتت اليوم الآن حديقة أثرية تحت الماء قرب من نابولي، وفق تحقيق لـ”وكالة الصحافة الفرنسية” من بايا – ايطاليا.

والتماثيل التي كانت تزين فيلات فخمة في غابر الزمان، تحولت ملعبا لأسراب السلطعون قبالة السواحل المشمسة لهذه المنطقة من جنوب إيطاليا، حيث يمكن الغواصين أن يعاينوا تحت الماء آثار القصور والحمامات الحرارية التي بنيت لعلية القوم والمجتمع الراقي في الامبراطورية الرومانية.

اعتبارا من القرن الثاني قبل الميلاد، كان النبلاء الرومان يقصدون بايا للاستمتاع بينابيعها الساخنة إذ كانت تقع في ما كان يسمى “الحقول الملتهبة”، وهي منطقة بركانية شمال غرب نابولي.

وكان لسبعة أباطرة فيلات في المدينة، من بينهم أغسطس ونيرون، تماما كيوليوس قيصر ومنافسه مارك أنطوان. ووصف الشاعر بروبرتيوس (47-14 قبل الميلاد) بايا بأنها مكان للرذيلة “عدو المخلوقات الفاضلة”.

ففيها، كان “الرجال الكبار السن يتصرفون كالمراهقين، والكثير من المراهقين يتصرفون كالفتيات المراهقات”، على ما لاحظ الكاتب فارو (116-27 قبل الميلاد).

لكن الأروقة والأعمدة الرخامية والمذابح والأحواض الترفيهية غرقت تدريجا بسبب الاختلاجات الأرضية، وهي ظاهرة تتمثل في انخفاض بطيء لمستوى الأرض بسبب النشاط البركاني المرتبط بهذه المنطقة.

غمرت المنطقة بأكملها بالمياه، بما في ذلك بلدة بوتسولي القريبة وميناء ميسينو العسكري، وتقع أطلالها الآن على عمق 4 إلى 6 أمتار تحت سطح البحر.

“فريد”

وقال مدير مركز غوص “الحقول الملتهبة” مارتشيلو بيتوسلاسو الذي يتولى إرشاد السياح في هذا الموقع المميز لـ”وكالة الصحافة اللفرنسية” إن “من الصعب وخصوصا لأولئك الذين يأتون للمرة الأولى، أن يتخيلوا أن في الإمكان إيجاد أشياء لا يمكن العثور عليها في أي مكان آخر في العالم على عمق أمتار قليلة تحت سطح البحر”.

ولاحظ أن “الغواصين يحبون اكتشاف أشياء خاصة جدا، ولكن ما يمكن اكتشافه هنا فريد”.

والموقع الذي تبلغ مساحته 177 هكتارا تحت الماء، صنف منطقة بحرية محمية منذ العام 2002، وهو قرار أنهى العصر الذهبي لناهبي الآثار ثمينة، وكان من الرائج أن يحضر الصيادون أيضا القليل منها في شباكهم.

تحت الماء ، يمكن المرء أن يكتشف بسهولة تحت طبقة رقيقة من الرمال فسيفساء رائعة لفيلا كايوس كالبورنيوس بيزو الذي دبر مؤامرة ضد نيرون هناك.

ويتيح استكشاف آثار الطريق الساحلية القديمة التي يمكن التعرف عليها من خلال حجارتها المرصوفة، يمكن مشاهدة الحمامات الحرارية القديمة أو المتاجر. وتخترق أشعة الشمس المياه فتضيء التماثيل، وهي ليست سوى نسخ طبق الأصل، إذ ان النسخ الأصلية موجودة راهنا في متحف.

وقال عالم الآثار إنريكو غالوتشيو: “عندما نستكشف مناطق جديدة، نزيل الرمل برفق في المكان الذي نعتقد أن فيه آثارا، فنسجل ما نكتشفه ونغطيه”.

واضاف: “إذا لم نفعل ذلك، فإن الحيوانات والنباتات البحرية ستهاجم الآثار، في حين أن الرمال تحميها”.

وأضاف أن “الآثار المهمة اكتشفت بسهولة بإزالة القليل من الرمال، ولكن ثمة أماكن يمكن أن تصل طبقات الرمل فيها إلى أمتار عدة. ولا شك في أن ثمة الكثير بعد من الآثار التي يتعين اكتشافها”.

Post Author: SafirAlChamal