البلاد تتدحرج نحو الانهيار الكامل.. والأمل الوحيد في تشكيل الحكومة!… غسان ريفي

بدأت مظاهر الشلل تفرض نفسها على أكثرية المناطق اللبنانية، فأقفلت معظم المؤسسات الرسمية والخاصة لعدم قدرتها على تأمين الانارة والتكييف وعمل أنظمة الحواسيب بفعل إنقطاع مادة المازوت، وخلت الشوارع من السيارات التي إستخدمها أصحابها للضرورات القصوى، أو آثروا ركنها تحت منازلهم والتنقل سيرا على الأقدام أو عبر سيارات الاجرة التي باتت أيضا نادرة الوجود، لتتركز الزحمة فقط أمام بعض محطات المحروقات التي ما تزال تقوم بتعبئة السيارات بالبنزين، وأمام بعض الأفران التي فتحت أبوابها وشهدت طوابير ذل جديدة للحصول على لقمة العيش التي سارع البعض الى إحتكارها وبيع ربطة الخبز بـ 13 ألف ليرة في ظل “إنعدام مسؤولية” لدى وزير الاقتصاد الذي نفض يده وأبلغ من راجعه بأن “ما خصني”.. وكذلك أمام الصيدليات التي تمعن وزارة الصحة في رفع أسعار الأدوية غير المدعومة ربطا بسعر الدولار الذي ستقوم بتحديد سعره في كل شهر، بالرغم من فقدان كل الأدوية مدعومة كانت أم غير مدعومة.

في غضون ذلك، كانت السلطة تقدم للبنانيين المثقلين بالأزمات “مسرحية” ضعيفة النص سيئة الاخراج بعنوان: “رفع الدعم”، حيث كان المسؤولون “أبطال المسرحية” يعرفون بهذا القرار ومطلعون عليه، لكنهم يريدون تحميل تداعياته الكارثية الى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي كشف المستور في آخر المسرحية وخرج عن صمته وأكد أنه قام بإبلاغ  كل “الممثلين” بحيثيات القرار لكنهم أصروا على أن يتفاجأوا به وأن يعبروا عن صدمتهم تجاهه وأن يتحركوا ضد الحاكم بحثا عن شعبوية باتت معروفة الأهداف ولتصفية حسابات شخصية معه.

وقد تجسدت تصفية الحسابات بدعوة رئيس الجمهورية ميشال عون أمس مجلس الوزراء الى الانعقاد إسثنائيا للبحث في أزمة رفع الدعم وإختفاء المحروقات من البلاد، مسجلا مخالفة جديدة للدستور ومتجاوزا صلاحيات رئيس الحكومة الذي هو من يدعو مجلس الوزراء الى الانعقاد وعندما يحضر رئيس الجمهورية يترأس الجلسة.

تشير المعلومات الى أن الرئيس عون كان يريد جلسة إستثنائية لحكومة تصريف الأعمال لطرح مسألة إقالة رياض سلامة بحجة مخالفته للقوانين المرعية بإتخاذ قرار آحادي برفع الدعم، وذلك بعد أن أمضى جمهور من التيار الوطني الحر ليلتهم أمس الأول أمام منزل سلامة بدعوة من رئيس التيار جبران باسيل، ما أدى الى مواجهات مع القوى الأمنية.

سارع حسان دياب الى رفض دعوة رئيس الجمهورية الى إنعقاد مجلس الوزراء إلتزاما منه بالدستور، ما عطل توجهات الرئيس عون في طرح مسألة إقالة حاكم مصرف لبنان، علما أن رياض سلامة إتخذ قرار رفع الدعم بموافقة المجلس المركزي لمصرف لبنان والمؤلف من أعضاء محسوبين على المسؤولين المعنيين، ما يعني أن عون كان على إطلاع بالقرار قبل أن يتخذ وهو تبلغ به في المجلس الأعلى للدفاع، لكنه أراد تأليب الناس على سلامة، في حين أن الرئيس دياب شدد على ضرورة إحتواء قرار رفع الدعم ولم يعلن رفضه أو مواجهته له، فيما تحصن الرئيس بري بالصمت.

كل ذلك يشير الى أن “ما كُتب قد كُتب”، وأن كل ما تحاول السلطة القيام به هو “ذر للرماد في العيون”، لا سيما على صعيد إعطاء راتب شهر للعاملين في القطاع العام مقسم على دفعتين أي ما يعادل صفيحتيّ بنزين بناء على السعر الجديد الذي من المفترض أن يصدر يوم الثلاثاء المقبل، وحتى ذلك الوقت سيكون لبنان في حالة شلل كاملة بفعل إنعدام المحروقات وكل ما يمت إليها بصلة، أما بعد صدور التعرفة الجديدة، فسيبدأ التدحرج نحو الانهيار الكلي، من توقف حركة الدولة لعدم قدرة الموظفين على الوصول الى أماكن عملهم خصوصا أن السواد الأعظم منهم بات راتبه لا يساوي خمس صفائح بنزين، إضافة الى إنطلاق الاضرابات والتحركات التي ستنعكس فوضى عارمة في الشارع.

أمام هذا الواقع، يبقى لدى اللبنانيين بصيص أمل وحيد، هو ولادة الحكومة، وبالرغم من صعوبة المهمة الملقاة على عاتق الرئيس نجيب ميقاتي، إلا أنه يسعى جاهدا الى تأليف حكومة يستطيع من خلالها وقف الانهيار إلتزاما بمسؤوليته الوطنية، فإما أن تبصر النور سريعا لاحداث صدمة إيجابية، وإلا فإن المسير سيكون الى ما بعد جهنم.


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal