صدر عن النائب في “كتلة الوسط” نقولا نحاس، البيان التالي:
ان انفجار مرفأ بيروت هو بمثابة قضية العصر فأن لم تنجل احداثها، ويحاكم المسؤولون عنها فهي بمثابة زلزال من شأنه ان يصدع البنيان اللبناني.
لاشيء يعلو على كشف كل من كانت له مسؤولية في حصول هذا الانفجار المأسوي، كما كشف كل خفايا هذا الانفجار الذي قتل وشرد وهجر البشر ودمر الحجر، وقضى على معالم أثرية تاريخية لهذه المدينة.
تعالت أصوات الانتقاد والاتهام اللاذع بعدما وقعت على عريضة تطلب بإحالة هذه القضية على المحكمة العليا للرؤساء وفقا للمادة 70 من الدستور بناء على حيثيات تتعلق بالخلل بالواجبات.
لذا لا بد من توضيح المنطلقات التي احاطت موافقتي بالتوقيع على العريضة وهي:
ـ الخيار الاساسي والأول لي وللكتلة التي انتمي اليها كان ولا يزال إحالة هذه القضية إلى لجنة تحقيق دولية تؤمن الحد الأدنى من العدالة في هذه القضية وقد وقعت على عريضة نيابية تطالب بذلك.
ـ ان حصانات النواب الواردة في المادة 40 من الدستور هي مؤقتة وقائمة فقط خلال انعقاد المجلس النيابي في دوراته العادية اوالإستثنائية. ولابد من تعديل دستوري يلغي هذه الحصانات المؤقتة خصوصا في قضايا تمس الأمن القومي مثل قضية انفجار المرفأ.
ـ ان التحقيقات بعد سنة من وقوع الجريمة وبناء على تصريحات المحقق العدلي لم تدل عن وجود مؤشرات عن قرب تحديد او صدور اتهام بحق الجهات التي استوردت او انزلت اوخزنت او حجزت او سحبت هذه المواد على مراحل.
ان موافقتي على التوقيع على العريضة، بنيت على الاسس والملاحظات التي توافرت لدي ومنها:
أولا: ان كتاب المحقق العدلي الوارد إلى المجلس النيابي يتعلق في حيثياته بموضوع “الخلل
بالواجبات” للوزراء المعنيين، علما ان في احدى الحالات كان هنالك 3 كتب على مدار 3
سنوات من الجمارك الى القاضي المعني الذي أصدر قرارا قضائيا “بحجز المواد الخطرة،
يقضي بطلب فك الحجز والتخلص منها، ولم يصر الى االاستجابة الى طلبهم، علما ان الطلب
كان عبر إحالة من وزير المال الى هيئة القضايا والاستشارات عبر وزير العدل.
ثانيا: ان حصرالاتهام ولو مرحليا بفئة محددة من المسؤولين، علما ان اهم المسؤولين في الدولة اللبنانية وعلى كافة المستويات وعلى مدار السنوات الست الماضية كانوا على علم بوجود هذه المواد الخطرة، وهذا ما يؤدي الى الشك بوجود استنسابية غير معهودة في المسار القضائي.
ثالثا: ان الاتهام الذي أصدره قاضي التحقيق مؤخرا جاء في سياق الإخلال بالواجبات”.
رابعا: ان حالة “الإخلال بالواجبات” تحال حكما على المجلس الاعلى وفقا للمادة 70 من الدستور: “لمجلس النواب أن يتهم رئيس مجلس الوزراء والوزراء بارتكابهم الخيانة العظمى أو بإخلالهم بالواجبات المترتبة عليهم ولا يجوز أن يصدر قرار الإتهام إلا بغالبية الثلثين من مجموع أعضاء المجلس”.
خامسا: ان إحالة قضية المرفأ الى المجلس الأعلى ترفع الحصانات حكما عن كل المتهمين وتفتح المجال لادانة كل مسؤول يثبت التحقيق انه مذنب في اي شكل من الاشكال.
سادسا: ان هذه المحكمة تضم 8 قضاة من أعلى درجة في الجسم القضائي تؤمن نفس مصداقية المجلس العدلي: “يتألف المجلس الاعلى ومهمته محاكمة الرؤساء والوزراء من سبعة نواب ينتخبهم مجلس النواب وثمانية من أعلى القضاة اللبنانيين رتبة حسب درجات التسلسل القضائي أو باعتبار الأقدمية إذا تساوت درجاتهم ويجتمعون تحت رئاسة ارفع القضاة رتبة”.
بناء لما تقدم:
− وبعد استشارة بعض المرجعيات الدستورية والقضائية.
− وبعدما استهولت ان التحقيقات ربما لا تزال تدور في محيط القضية وليس في صلبها،
− وبعدما كانت شكوك حول تحكم الاستنسابية في مسار الاتهامات، وبعدما اتصف الاتهام في اساسه بـ”الإخلال بالواجبات” الذي هو من صلاحية المجلس الأعلى، وبما انا الحصانات سترفع حكما في هذه الحالة او بعد تأليف الحكومة في كل الأحوال، كانت قناعتي بالذهاب الى المسار الدستوري الذي هو المجلس الاعلى.
هذا كان في الاساس، اما من أهم شروط الاحالة فهو التوافق السياسي والوطني على اتباع هذا المسار من أجل تأمين حمايته ودعمه. ان الاصطفاف والانقسام الذي حصل حول هذه العريضة عطل هذه الغاية، فكان لا بد من إعادة النظر، لكن يبقى الأهم وهو الوصول إلى لب الحقيقة والى المسؤولين المباشرين عن تدمير المدينة.