طرابلس تحيي الذكرى السنوية الرابعة لوفاة حكيمها عبدالمجيد الرافعي

تكريماً للقائد المناضل الدكتور عبدالمجيد الرافعي في الذكرى الرابعة لرحيله، وبدعوة من لجنة إحياء ذكراه ومن “لقاء الثلاثاء” الذي اسسه الراحل، إلتقى عدد من رفاقه وأصدقائه ومحبيه في دارته في طرابلس مساء اليوم.

تحدث في بداية اللقاء، رفيقه المناضل هشام عبيد مُرحباً بالحضور معتذراً عن الطابع المتواضع للتكريم بسبب الظروف الراهنة. ثم ألقت زوجة الراحل المناضلة السيدة ليلى بقسماطي الرافعي كلمة المناسبة وهذا نصها :

“ايّها الاصدقاء، ايّها الرفاق، يا أحبّاءَ القائد المناضل الدكتور عبد المجيد،

مع ذكراه الرابعة، يكون الزمن قد انطوى على ما تَتّسع له حقبةٌ كاملةٌ من الضياع القومي والبؤس الوطني.

في السنوات الاربع الماضية، كنا نعيش وايَّاكم، صنوفَ القهرِ الوجداني والنفسيّ، ليس فقط لاننا فقدنا رِفْقَة الحبيبِ عبد المجيد في الحياة، بل لان حياة امَّتنا ووطننا، عوَّدوها القهر، ولم يعد لها وليفًا الا الايامَ والسنواتِ السود.

اعذروني ايها الاصدقاء والاحبّاء ان كنت قد قدَّمتُ تحيتي، الى القائدِ الرَّاحلِ بسطورٍ من القلقِ على الحاضرِ والرُّعب من المستقبل، فنحن وايَّاكم أهلُ ثقافةٍ تُشَجِّع على قول الحقائقَ كما هي، وإنْ كانت مُرَّة، لانَّنا اهلُ ايمانٍ لا يُطأطئ الرأسَ طوعًا لمهابَةِ السَّلاطين والملالي واولياء الانحرافِ والتزويرِ، ودفْعِ العقل الى القبولِ بالاحشاء المعكوسة للتاريخ والمبادئ والقيَم.

قيَمُنا ومبادئُنا هي ان إسلامَنا العظيم وِعاؤه عربيٌّ، وعروبتُنا اسلامُها ثقافةٌ وحضارةٌ وقيَمٌ، فلا يحسبنّ احدٌ ان الانتصارَ عليها اوعلى دورِها، الا ذِهابًا الى الجحيم الذي نعيش، في وطننا لبنان وامتنا العربية، من المحيط الى الخليج.

عندما نتذكر حبيبنا، نعود الى هذه المعاني، نستقوي فيها، على الطُغيان والظُّلم، فالاحساس بهما يجب ان يتجاوزَ مناعةَ بعضنِا الشخصيَّة والاجتماعيَّة، وصولا الى الاحساس بما تتعرَّض له مجتمعاتَنا من تصفيةٍ وتهجيرٍ وجوعٍ واضطهادٍ، وتدميرِ الأهمّ من دولنا الوطنية العربيَّة، التي لم تعد قادرةً على الإيفاء بشروط الحياةِ المتواضعةِ، لا لمجتمعاتنا ولا للافراد فيها.

ويريدوننا ان نحسبَ ذلك انتصارا وتحريرًا !!

لقد عرفَ العربُ في تاريخهم المعاصرِ والقديم، ظروفًا لا تقِلُّ صعوبةً، ولم تكن هذه الظروفُ افتراضيَّةً، لكنها كانت تُبقي على الدليل الى النهضة، وتُبقي في الزوايا مصابيح للانوار، تَحملُها النُّخَب، وتطوفُ فيها فكرًا وصِدقًا والتزامًا وثقافةً وتضحياتٍ ونضالٍ، لم تُغادره هذه النُّخب الا الى جوارِ ربِّها، والى علياءٍ يُحسَب فيها خيرُ الارض والحياة، بحساباتِ السماءِ والعطاءِ والتضحية.

كان الحبيبُ والرفيقُ عبد المجيد، من هؤلاء الأماجد، تألمّتُ لفراقه وما زلتُ، لكنني انتصرت في استحضاره وإيَّاكم معنا على الدوام، كما انني وإياكم نقوى بما تركَه لنا من ارثٍ في سجلِّ جيله وأمَّته وبلده لبنان ومدينته طرابلس.

في ذكراهُ، نَحِنُّ الى جيله، والى تجارِبٍ لم تُستَنْسَخ فيها القيادات التاريخية، ونَحلمُ بأحزابِ تقوى على قطعان المذهبيَّة والطائفية،

في ذكراهُ، نَحِنُّ الى فلسطين القضية المركزية عند العرب، نهتُفُ باسمِها، في بيروتَ ودمشقَ وبغدادَ والقاهرةَ، وسائرِ عواصِمِ العَرَب، لا نُغادرها ولا تُغادرنا، الى عالم الحاقدين في التاريخ والمُحيطين في الجغرافيا،

في ذكراهُ، نُحيِّي غزَّة البطلةَ، المناضلةَ والمقاتلةَ، ونطالبُ أبطالَها الذين فَرَضوا توازنَ الرُّعبِ مع العدو الصهيوني، ان يرفضوا بنفس العزيمةِ والاصرار، سرقَةَ هويَّتِهم العربية، وقيمَة دمائهم، التي فاضت وصولا الى اعلى مراتب الشهادة،

في ذكراهُ، نُحيِّي ساحاتَ بغدادَ وكربلاءَ والناصريَّة والبصرةَ وسائرِ المدن العراقيَّة ونقول باسمه، لقتلة قادة الانتفاضة، لقد امتهنّتُم قتلَ الشرفاء منذ عام 2003 ولم يستسلم العراق والعراقيون،

في ذكراهُ، نلتفت الى شعب سوريا العظيم، يقاوم صنوفَ الذُلِّ والتقهقر في مخيمات التهجيرِ وداخل المدن المنكوبة، ونردِّد ما كان يدعو اليه قائدنا وحبيبنا عبد المجيد: أنَّ لا خيارَ امام هذا الشعب وامام نُخَبه، سوى الحوارِ الصَّادقِ، وصولا الى الدولة القومية الوطنية الديمقراطية.

ولبناننا الحبيب الذي يقفُ في منتصف الطريق، الى الانهيار الكامل، لن يصدِّقَ ابناؤه اليومَ ولا في المستقبلِ، ان ما يتعرَّضَ له هو قدرٌ، بل أنَّه من صُنعِ سياساتِ هذه المجموعةِ الحاكمةِ، التي توجّت أعلى مراتب سوئها وارتكاباتِها في السنوات الاربع الماضية.

كُنّا في مثل هذه المناسباتِ، نتحدثُ عن المظالمِ الاقتصاديَّةِ والاجتماعيَّة الواقعةِ على مدينتنا طرابلس، مُطالبين بالانصاف والتساوي مع المناطق الاخرى، وبدَلَ من أن يحصل ذلك، أخذونا الى مساواة سائر المناطق بمظالم مدينتنا طرابلس.

ايها الاصدقاء، لم يبقَ لنا سوى عهد عبد المجيد، وعهدنا لكم، بالوقوف الى جانب اهلنا وانتفاضة شعبنا وجيله الواعد، في هذه المدينة، وفي كلِّ لبنان، لنرفع الصوت بوجه أعداء الوطن والحياة الحرة الكريمة.”

ليلى عبد المجيد الرافعي

وفي نهاية لقاء التكريم توجه الحاضرون لقراءة الفاتحة على ضريح الراحل الدكتور عبدالمجيد الرافعي.


مواضيع ذات صلة:


Post Author: SafirAlChamal