كانت بلدة سير الضنية على موعد بعد ظهر السبت مع زيارة راعوية لراعي أبرشية طرابلس المارونية المطران يوسف سويف الذي تفقد أحوال رعية مار جرجس، وحمل الى عاصمة الضنية الخير والمحبة والشراكة والرعاية والاحتضان، وشدد على أن سير هي نموذج لبناني عن الوحدة الوطنية والعيش الواحد والانفتاح والحوار والسلام.
مسلمون ومسيحيون من مختلف أنحاء الضنية توافدوا الى سير لاستقبال المطران سويف الذي يزور الضنية ضمن زيارات راعوية يقوم بها بعد تسلمه سدة المطرانية خلفا للمطران جورج ابو جودة، وتأكيدا على التنوع الذي تختزنه هذه المنطقة التي تعبر عن صورة لبنان الجميل.
على صدى أنغام الفرقة الموسيقية لكشافة حرف أردة، وصل المطران سويف الى سير حيث زار دارة المحامي طلال الفاضل (جار الكنيسة) وقد كان في إستقباله مع أفراد العائلة، وإطلع على المنزل التاريخي الذي كان يشكل محطة دائمة للمطران أنطون عبد.
وبعد إستراحة قصيرة، إنتقل المطران سويف والمحامي الفاضل والحضور الى كنيسة القديس جرجس حيث إحتفل بالذبيحة الالهية بحضور النائب جهاد الصمد والنائب السابق أحمد فتفت، وحشد من أبناء المنطقة.
بعد تلاوة الانجيل المقدس، وجه المطران سويف الشكر الى خادم الرعية الخوري جوزيف أيوب وابنائها وفاعلياتها السياسية والبلدية والاجتماعية على حسن الاستقبال، سائلا الله ان يمن بالسلام والأمان على سير الضنية كما كل لبنان”.
وعبر عن “سعادته وامتنانه من ترحيب الأهالي، الذي يعكس محبة أهل المنطقة التي يزورها كرعية واحدة بمسلميها ومسيحييها”.
ورأى سويف ان “الوقت الحالي هو للصلاة والتأمل والمحافظة على الرجاء المسيحي، فمن يتمسك بالرجاء لا بد له من ان يختبر التجدد المبني على الحب والسلام، اللذين دعا اليهما السيد المسيح، وقد تكون هذه المنطقة خير شاهد على ثقافة المحبة والسلام عبر تاريخها الحديث والقديم فهي صورة جميلة عن لبنان بثقافته المتنوعة وبقبوله للتعددية”.
وأضاف “في هذا المجال ومن هذه البلدة الحبيبة لا بد لي من ان ادعو الجميع لتجديد انتمائهم للبنان الغني بعائلاته الروحية التي تعيش وتختبر التعددية في ظل الوحدة. كما أدعو الجميع للعمل على العيش بسلام وللانتفاض على الواقع المرير الذي نعانيه متمسكين برجائنا وايماننا بفجر جديد لا بد من ان يدركه لبنان واللبنانيون”.
أكد المطران سويف ان “صورة التلاقي التي تجسدها بلدة سير الضنية حيث يعانق المسجد الكنيسة، هي خشبة الخلاص الوحيدة التي قد تنقذ لبنان من محنته، فاتحاد ابناء الوطن هو الكفيل بتخطيهم صعابهم وأزماتهم”. وتوجه الى الحضور قائلا: “لن أنسى هذه الزيارة، لا بل ستحفر هذه الصورة في قلبي فتزيدني ايمانا بلبنان الذي لا يمكن له ان يستمر الا بجناحيه المسلم والمسيحي”.
وفي ختام عظته سأل سويف “الله ان يبارك كل المؤمنين الذين يثابرون على الحضور الى هذه الكنيسة المقدسة التي يعود تاريخ بنائها الى أكثر من مئة سنة”، داعيا “المغتربين الى العودة الى أرضهم وديارهم ولو لفترة وجيزة”.
ووجه السلام الى “البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، الذي يكن كل المحبة والتقدير للمنطقة وابنائها”، ورفع مع الحاضرين الصلاة على نية “الحبر الأعظم البابا فرنسيس الذي يمضي قدما نحو الحوار والانفتاح وتقبل الآخر المختلف”.
الاحتفال
بعد القداس أقيم إحتفال في باحة الكنيسة إستهل بكلمة ترحيب من رئيس بلدية سير أحمد علم فأكد على العيش المشترك الذي تتميز به سير، لافتا الى أن هذه الزيارة “تفتح باب الأمل بعد الأزمات العصيبة التي مرت بها كل المناطق اللبنانية”.
ثم ألقى المحامي طلال الفاضل كلمة رحب فيها بالمطران سويف “الوالد الروحي الذي يكرمنا بزيارته فتغمرنا الغبطة والسعادة والحبور”.
وقال الفاضل: “أعترف أمام هذه الكوكبة الوقورة وأمام سيادة المطران أنني تخلفت وعجزت عن تضمين كلمتي معان تعبر عن محبتي وإحترامي لشخصكم الكريم لأن وجداني يمتلئ رهبة إجلالا لهذه الزيارة المميزة. وأعترف ايضا أن جميع طقوس الترحيب وإن إتسعت الكلمات للمعاني لن ترقى الى مستوى ما أكنه من إعجاب وتقدير لمن كنز العلم والمعرفة والصدق والتواضع والرؤية الانسانية الشاملة. وبعد الاعتراف تأتي الشهادة بأن خيرا وفيرا حلّ علينا وبيننا راع قلبه كبير وعقله منير وهذه الزيارة شرف لسير وأبناء سير”.
وأضاف المحامي الفاضل: في هذه الظروف القاسية والأوقات العصيبة يشكل حضوركم أملا مستجدا تطيب معه النفوس وتفرح معه القلوب وتاريخ هذه المنطقة يزهر بمعرفة قدر الكبار ونستذكر كثر منهم ولا مجال للتعداد، ولكن كان لهم أثرا إجتماعيا وإيمانيا لا يزال راسخا في الضمير حتى اليوم.
وتابع: إن أهمية الزيارة لا تتوقف عند البعد الراعوي، بل تتخطاه لتكون بركة على كل أهل هذه البلدة مسلمين ومسيحيين وكأني أرى صدى جرس الكنيسة يوم الأحد يمتزج مع أصوات آذان المساجد في السماء فتمطر ألفة ومحبة وإيمانا وتنبت السلام.
وختم الفاضل: يسعدني باسم عائلتي الصغيرة وباسم عائلتي الكبيرة أن أقدم لكم أسمى مشاعر المودة والاحترام، وقد تحققت الفرحة بحضور رأس العائلة التي تجسدون.
ثم تحدث عضوا وقف الرعية بدوي نعوس ونقولا دعبول فرحبا بالراعي الصالح في بلدة سير، وإعتبرا أن حضوره الى الضنية في هذه الظروف الصعبة شهادة حية عن لبنان الرسالة وتلاهما الدكتور منذر فتفت الذي نقل للمطران سويف تحية أبناء سير المغتربين في أميركا.
بعد ذلك تسلم المطران سويف درعا باسم بلدية سير وهدية باسم الوقف، كما قدم سويف درعا الى الاختين نهاد ومريم الأرو تقديرا لهما.