فشل القضاء يعيد تفجير المرفأ مرة اخرى

على وقع عبارة “أسمع كلامك أصدقك أشوف أفعالك أتعجب”، انطلق المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار في رشق الاتهامات على من هو مسؤول او غير مسؤول في ملف الانفجار الذي اغتال العاصمة واهلها، لتقرأ بين سطور الاستدعاءات التي كتبها القاضي خبايا وخفايا سياسية مكتوبة بحبر شفاف لكن أهدافها واضحة.

وبين التعتيم عند الواجب والبطش عند الضرورة، طلب القاضي بيطار استدعاء المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، وليس بصفته شاهدا، بل للتحقيق معه باعتباره متورطا ومدعى عليه في قضية ترتقي الى أعلى درجات الارهاب وتوازي أضخم الاغتيالات وجرائم الحرب.

لكن المكتوب الذي ارسله القاضي بيطار الى وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي، والذي طلب من خلاله الحصول على اذن لملاحقة اللواء ابراهيم أسقط نفسه بنفسه، حيث وقع القاضي ضحية تباينات وتناقضات واضحة بين الأسباب خلف طلبه والنتيجة التي توصل اليها.

ففي العام 2014، اللواء ابراهيم وباعتراف القاضي بيطار قام بواجباته كاملة ورفع تقريرا عن خطورة المواد وان القضاء وضع عليها الحجز الاحتياطي، واليوم القاضي البيطار يريد الادعاء بعد التقرير الثاني الذي رفعه امن عام مرفأ بيروت في العام 2020 بان الامن العام لم يراقب عمل أمن الدولة الذي كلف بالمهمة ولم يراقب ايضا عمل النيابة العامة التمييزية، الفكرة هنا تكمن بأن الامن العام يعلم ان هناك تحقيقا يقوم به أمن الدولة، وتحول الى القضاء، فأين يقع الذنب على الامن العام واللواء ابراهيم؟ فهل عمل اللواء ابراهيم على مراقبة عمل امن الدولة والقضاء؟ واذا فاذا كان هذا فعلا هو مضمون الادعاء فيمكن الاعتبار ان لا ادعاء فعليا من الاساس، لا بل حقيقته انه ادعاء سياسي، وفي حال لم يكن سياسيا، فسيكون ما اسوأ من ذلك بكثير، اذا عندها يمكن اعتباره ادعاء طائفيا. وهنا يطرح السؤال الأهم، ماذا فعل القضاء من بعد هذه الخطوات؟ فبالمنطق الطبيعي لسير الأمور لا يمكن للأمن العام ان يتعدى على صلاحيات القضاء، ورفع المواد الخطرة ليس من صلاحيات.

بعد هذا الشرح وهذه التساؤلات، يمكن القول ان استدعاء اللواء ابراهيم للتحقيق معه سخّف من مسار التحقيقات والتدابير المتخذة، واغتال العاصمة وابناءها خصوصا واللبنانيين عموما مرة جديدة، لأنه من غير المقبول توزيع الاتهامات عشوائيا لغايات سياسية وربما طائفية. نحن لن ندافع عن اي مجرم ساهم في هذا العمل الاجرامي، ونطالب بمحاسبة كل من ساهم في دمار بيروت واستشهاد اهلها، ونقف بشكل تام مع اهالي الضحايا المفجوعين، الذين قتل ابناءهم مرة ثانية بعد اطلاق هذا الاتهام بحق من حاول ان يكشف الحقيقة ويمنع حصول الكارثة. المطلوب العدالة اليوم وتحقيق العدل لترتاح نفوس الشهداء واهاليهم لان الجريمة باتت اليوم اكبر من قبل مع هذه التحركات المشبوهة.

المصدر: ربيع رياشي – ليبانون فايلز

 

 

Post Author: SafirAlChamal