علقت الدائرة الإعلامية في حزب “القوات اللبنانية”، على كلام النائب جبران باسيل، وقالت في بيان: “عقد رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل مؤتمرا صحافيا عن الحقوق المسيحية زايد فيه على كل الناس ليخلص إلى اعتبار أن هذه الحقوق تتأمن عن طريق وضعها في عهدة السيد حسن نصرالله، وقال إنه يأتمنه على حقوق المسيحيين، ونظرا لأهمية هذا النص الذي يجسِّد بالتمام والكمال مفهوم الذمية السياسية، نورد حرفيا ما جاء على لسان باسيل “انا اليوم بدي استعين بصديق هو سماحة السيد حسن نصرالله، لا بل أكثر من هيك، أنا أريده حكما وأمينا على الموضوع، لأني أثق به وبصدقه وائتمنه على موضوع الحقوق”.
وتعليقا على كل ذلك نورد ما يلي:
أولا: هل من المسموح لرئيس أكبر كتلة مسيحية ولديه رئاسة الجمهورية أن يستعين بالسيد نصرالله ويجعله حكما في موضوع الحكومة؟ ما هو المثال الذي يعطيه باسيل؟ هل الحكم هو السلاح أم الدستور؟.
فلم يصل لبنان إلى ما وصل إليه سوى بسبب الاستقواء إما بالنظام السوري أو بسلاح “حزب الله” في الوقت الذي يجب أن يكون رئيس الجمهورية وحزبه السياسي في طليعة الداعين إلى الاستقواء بالدولة ومؤسساتها والدستور، وليس بهذا الفريق أو ذاك من أجل الاستقواء على الفريق الآخر، والاستقواء يواجه باستقواء، فيما العدالة لا تتأمن سوى عن طريق الدولة.
ثانيا: أي مسيحي في لبنان يملك العزة والكرامة والشهامة، يقبل بأن يكون السيد نصرالله أو غيره مؤتمنا على حقوق المسيحيين؟
لم يقاوم المسيحيون ويسقط لهم آلاف الشهداء رفضا لاحتلالات ووصايات من أجل أن يأتي من يضع مصيرهم وحقوقهم في عهدة شخص، فيما كل نضالهم من أجل أن تصان حقوقهم وحقوق جميع اللبنانيين في عهدة الدولة والدستور والقانون والقضاء والمؤسسات.
ثالثا: لا تخرج مناشدة السيد جبران للسيد حسن عن سياق ما دأب عليه الأول من استقواء بالثاني، بدءا من تحصيل وزارات وحقائب، وصولا إلى تعطيل الانتخابات الرئاسية لحجزها لفريقه السياسي، وجاء كلامه ليؤكد المؤكد بأنه يمتهن الاستقواء بالسلاح من أجل أن ينتزع المواقع والمراكز في مقايضة مكشوفة: نغطي سلاحك، تغطي دورنا وفسادنا ومصالحنا وصفقاتنا.
رابعا: إن قوة المسيحيين وضمانتهم هي الدولة والدستور والمؤسسات، ولم يتراجع دورهم وحضورهم سوى بعد بروز أمثال النائب باسيل يستقوون بالخارج أو بالسلاح غير الشرعي تحصيلا لحقوق خاصة لا علاقة لها بحقوق المسيحيين، ومن تستقوي به اليوم عليك ان ترد الخدمة له غدا بالسكوت عن سلاحه، وهكذا دواليك في تآمر ما بعده تآمر على منطق الدولة والمؤسسات.
ـ خامسا: لو كان السيد باسيل حريصا على حقوق المسيحيين واللبنانيين لتشكلت الحكومة في غضون 48 ساعة، ولكن حرصه هو على حصته ومصالحه ومكاسبه في الوقت الذي يموت فيه المسيحيون والشعب اللبناني جوعا وذلا.
وفي سياق مؤتمره الصحافي نفسه هاجم الوزير باسيل “القوات اللبنانية”، ولا بد في هذا المجال من الرد على بعض ما أورده:
أ- جوابا على سؤال باسيل أين كانت “القوات اللبنانية” من معركة الحقوق في العام 1990، نذكره بأن “القوات” دفعت دما ودما غاليا جدا للحفاظ على هذه الحقوق، وحافظت عليها فعلا في المنطقة الوحيدة التي بقيت حرة في لبنان، إلى أن جاء العماد ميشال عون ودمر هذه المنطقة الحرة بحروب من داخلها وخارجها، واستجر تكتلا دوليا شاملا ضده مما أدى إلى اتفاق الطائف ودخول الجيش السوري إلى المناطق الحرة.
ب- إن أكبر استباحة لحقوق المسيحيين تكمن في جعلهم في ذمة سلاح غير شرعي، وإيصالهم إلى الذل الذي يعيشونه بسبب سياسة المصلحة والسمسرة والفساد، فباتوا من دون كهرباء وبلا بنزين ومازوت ودواء ويعيشون من قلة الموت ويصطفون طوابير وطوابير في السفارات للهجرة من لبنان.
ج- لا نستغرب متاجرة السيد باسيل بالكذب والتضليل، لأنه من هذه المدرسة التي راكمت شعبيتها بالتزوير والفبركة، وفي هذا السياق يأتي اتهامه لـ”القوات” بالتراجع عن الأرثوذكسي، علما أن القاصي يعلم والداني أيضا بأن القيادات المسيحية التي اجتمعت في بكركي في 3 نيسان 2013 اتفقت بحضور العماد ميشال عون والنواب سليمان فرنجية، وسامي الجميل، وجورج عدوان ممثلا الدكتور سمير جعجع، وشخصيات أخرى طبعا، اتفقت على تعليق مشروع “القانون الأرثوذكسي” بانتظار البحث عن قانون توافقي. والإجماع المسيحي نفسه في بكركي جرى على المختلط فقط، فيما نية العماد عون كانت العودة إلى قانون الستين، ولو كان متمسكا بالأرثوذكسي فلماذا طرح وزراؤه مشروع الثلاث عشرة دائرة والنسبية ثم طرح لبنان دائرة واحدة مع النسبية.
د- ندرك أن ممارسة السيد باسيل التي كشفت معنى الإصلاح والتغيير على حقيقته وأوصلت الدولة إلى الفشل واللبنانيين إلى الذل والفقر والوطن إلى الكارثة، تستدعي العودة إلى الماضي لتغطية فشله الحاضر، وبالتالي كل نغمة الخوات ممجوجة وتضليلية وشعبوية ساقطة في الوقت الذي كل العالم يعرف سرقاتك المباشرة من الدولة، والعقوبات الدولية عليك جاءت بسبب فسادك وسرقتك لمال الناس والدولة، وما أدل على ذلك سوى صفقات الفيول وعقود الصيانة والبنزين والمازوت والسدود والبواخر وآلاف التوظيفات الزبائنية التي ساهمت بانزلاق لبنان إلى قعر القعر.
ويبقى أنه لن يكون من قيامة للدولة سوى بإسقاط الذمية السياسية والفساد الذي لا مثيل له في تاريخ لبنان، والذمية والفساد شوها في صورة المسيحيين ودورهم، ونؤكد أن الخط المسيحي اللبناني التاريخي هو المنتصر في نهاية المطاف، لأن لا حقوق خارج نطاق الدولة والدستور والقانون”.