تتجه الأنظار اليوم الى دار الفتوى حيث يعقد المجلس الاسلامي الشرعي الأعلى إجتماعا عاديا برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان، من المفترض أن يشارك فيه الرئيس المكلف سعد الحريري.
وبالرغم من أن مشاركة رؤساء الحكومات في إجتماعات المجلس الشرعي تعتبر أمرا عاديا خصوصا أن رئيس الحكومة العامل ورؤساء الحكومات السابقين والنواب والوزراء السنة يُعتبرون أعضاء حكميين في المجلس، إلا أن خطوة الرئيس الحريري اليوم تحمل دلالات سياسية وطائفية بأن طفح الكيل من ممارسات “فريق العهد” الذي يعمل ما بوسعه لتعطيل تشكيل الحكومة وإحراج الرئيس المكلف الذي يمثل أكبر كتلة نيابية سنية تمهيدا لاخراجه.
تشير المعطيات الى أن الرئيس الحريري سيضع المفتي دريان وأعضاء المجلس الشرعي الذي يشكل أعلى مرجعية سنية في لبنان في تفاصيل مشاورات تشكيل الحكومة، والمحاولات الرامية الى فرض أعراف جديدة على عملية التأليف تهدف الى ضرب إتفاق الطائف ومصادرة صلاحيات رئاسة الحكومة وإستهداف الموقع السني الأول في لبنان، على قاعدة: “ما لنا لنا وما لكم لنا ولكم”..
مشاركة الحريري في إجتماع المجلس الشرعي قد تؤدي الى أكثر من خيار لجهة:
أولا: استفادة الحريري من الزمان والمكان وتقديم إعتذاره عن تأليف الحكومة بعد نحو تسعة أشهر من المعاناة، وهذا أمر تستبعده بعض المصادر، خصوصا أن الحريري يلتزم بوعد مع “الثنائي الشيعي” بعدم إقدامه على خطوة الاعتذار إلا بعد التشاور مع الرئيس نبيه بري بعد إعلانه موت مبادرته..
ثانيا: توجيه رسالة واضحة عبر دار الفتوى والمجلس الشرعي الى من يعنيهم الأمر حول مغبة الاخلال بالتوازنات الوطنية والطائفية، وضرب المؤسسات الدستورية التي من شأنها أن تؤدي الى توترات لن تكون في مصلحة أحد في ظل الظروف العصيبة التي يعيشها لبنان.
ثالثا: محاولة الحريري إنتزاع موقف من المجلس الشرعي بالتمسك بتكليفه إنطلاقا من كونه رئيس أكبر كتلة نيابية سنية، بما يقطع طريق رئاسة الحكومة على أي طامح في الوقت الحالي ويُحرج رئيس الجمهورية ميشال عون الذي لن يجد سوى الحريري للتعاون معه على تشكيل الحكومة.
رابعا: رسالة من الحريري الى البطريرك بشارة الراعي الذي عُهدت إليه خلال الفترة الماضية مهمة إجراء الوساطات التي باءت جميعها بالفشل، ما دفعه الى الاتجاه الى “محضنه السني” لاتخاذ موقف على مستوى المخاطر التي يتسبب بها تعطيل تشكيل الحكومة.
خامسا: أن تكون دار الفتوى والمشاركة في إجتماع المجلس الشرعي خطوة أولى للحريري يتلوها لقاءات مع كل المكونات السنية لوضعهم في أجواء العراقيل المتعمدة التي يضعها العهد أمام تشكيل الحكومة تمهيدا لتقديم إعتذار مدوٍ يفجر الشارع، ويستفيد منه الحريري في الحملة الانتخابية للاستحقاق النيابي المقبل، خصوصا أن المعارضة في زمن الانتخابات “ربّيحة”.
تقول مصادر سياسية مطلعة: إن خطوة الحريري ذات الطابع السني البحت قد تؤدي الى أزمة حكم حقيقية، خصوصا أن إعتذاره سيفتح الأمور على إحتمالات عدة سياسيا وشعبيا، وتمسكه بالتكليف مدعوما من المرجعية السنية سيضع رئيس الجمهورية أمام مسؤولياته، وقد يعيد الطرح القائل أن “سحب التكليف من الحريري يكون بإستقالة الرئيس عون”.
مواضيع ذات صلة: