قراءة في المشهد السياسي.. فساد العهد القوي!… غسان ريفي

كل ما يتعرض له اللبنانيون سواء في السياسة أو في تفاصيل حياتهم اليومية، يرقى الى مستوى ″الخيانة العظمى″ التي من المفترض أن يُنزل القانون بأصحابها أقسى العقوبات، خصوصا أن كل المعنيين من سياسيين ومسؤولين باتوا متهمين بقتل الشعب اللبناني عن سابق تصور وتصميم.

بعدما ثبُت بالوجه الشرعي أن القيادات السياسية المعنية بتشكيل الحكومة تفتقر الى المسؤولية الوطنية، حيث ترقص على عذابات اللبنانيين وتلهو بشروط وشروط مضادة وبحرب بيانات ومصادر بهدف تحقيق مكاسب شخصية.. ثبُت أيضا، أن في لبنان كثيرا من المجرمين المقنعين الذين ينتمون الى فئة التجار والمستوردين وأصحاب الشركات الذين يحتكرون البضائع لتحقيق أرباح مالية طائلة بحمايات سياسية وعلى حساب الشعب اللبناني الذي يمضي ساعات يومه في الانتظار لتعبئة البنزين وفي التفتيش عن الغذاء والدواء وفي التسول على أبواب المستشفيات للحصول على خدمة طبية بسيطة.

في المداهمة التي نفذها وزير الصحة حمد حسن أمس لعدد من المستودعات تبين وجود كميات هائلة من الأدوية تشكل 80 بالمئة من تلك المفقودة في الصيدليات، إضافة الى كميات مماثلة من المعدات والمستلزمات الطبية، وحليب الأطفال.

وتشير الاحصاءات الأولية الى أن ما تم إكتشافه أمس يكفي حاجة البلاد لنحو ستة أشهر، إلا أن أصحاب تلك المستودعات الذين تخلوا عن أخلاقهم وضمائرهم وإنتمائهم الوطني يحتكرونها لبيعها بأسعار مرتفعة، حتى وصل بهم الأمر الى تهريب كميات من الأدوية وحليب الأطفال التي شارفت صلاحيتها على الانتهاء الى السوق السوداء لبيعها بثلاثة أو أربعة أضعاف سعرها الحقيقي، في حين كانت نقابة المستشفيات تعلن بأنها عاجزة عن تأمين مستلزمات غسيل الكلى الذي قد يتوقف في الاسبوع المقبل، ما يعني وضع نحو 4500 شخصا يعانون من قصور كلوي في لبنان على مقصلة الاعدام، علما أن حالات وفاة كثيرة سجلت خلال الأسابيع الماضية نتيجة فقدان الأدوية، ما يجعل المسؤولين عن هذا الاحتكار مهما علا شأنهم متهمين بقتل هؤلاء المرضى.

في غضون ذلك، كان صادما بيان المجلس المركزي في مصرف لبنان الذي عقد إجتماعا مع وزير الطاقة ريمون عجر، حيث كشف أن مستودعات شركات المحروقات تحتوي على 66 مليون ليترا من البنزين، إضافة الى 109 ملايين ليترا من المازوت، عدا عن ملايين الليترات الموجودة في المحطات، ما يكفي حاجة السوق اللبناني مع إمكانية تهريب ثلث هذه الكمية لاسبوعين، وفي حال إعتماد بعضا من التقنين في التوزيع فإن المخزون يكفي الى ما يقارب الشهر ونصف الشهر، في وقت تحاول فيه هذه الشركات الضغط على مصرف لبنان باستقدام بواخر المحروقات وتركها في عرض البحر لفتح إعتمادات لها وتفريغها ومن ثم تهريبها الى سوريا لتحقيق أرباح طائلة على حساب المواطنين الذين يتقاتلون على أفضلية الدور أمام المحطات التي تصطف السيارات أمام أبوابها في مسافة تصل في بعض المناطق الى أكثر من كيلومتر.

والأمرنفسه ينطبق على المواد الغذائية، فإذا كانت الضائقة المالية والاقتصادية تشتد على خناق المواطنين الذين باتوا يفتشون على كفاف يومهم، فأين تذهب كميات المواد الغذائية، ومن يشتريها طالما أن 90 بالمئة من الشعب دخل نادي الفقراء بشكل أو بآخر، ما يؤكد أن هذه المواد تُسحب كلها الى المستودعات لتخزينها بانتظار إرتفاع سعر صرف الدولار لاعادة طرحها بأسعار مضاعفة.

وما يزيد الطين بلة، هو قيام عدد من إدارات المصارف بتخفيض سقف السحوبات الشهرية وعدم إعطاء الموظفين كامل رواتبهم في حال كانت تتخطى هذا السقف ما ينذر بأزمة جديدة من شأنها أن تضاعف من معاناة المواطنين الذين يحتاجون الى كل ليرة اليوم ليسدوا العجز الذي يواجهونه.

تؤكد مصادر سياسية مطلعة أن “الفساد في عهد الرئيس القوي بات أفقيا، وأنه بدل أن يستخدم قوته في حماية شعب لبنان العظيم، يسخرها لحماية الفاسدين الذين يمارسون كل أنواع الموبقات والسرقات الموصوفة والاحتكارات وصولا الى القتل العمد بحجب الأدوية عن مجتمع المرضى الذي يواجه الموت البطيء.

وترى هذه المصادر أن رئيس الجمهورية لا يحرك ساكنا تجاه معاناة اللبنانيين وكأنه غير معني بها، بل يعمل ما بوسعه على كسر العزلة التي يواجهها بإستقبال نواب تياره السياسي على مدار أيام الاسبوع، وينشغل في كيفية إضعاف المؤسسات الدستورية لمصادرة صلاحياتها، حيث يستفيد مع صهره جبران باسيل من ضعف رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب المستقيل من كل المهام لتكريس نظام رئاسي يترجم في كثير من الممارسات، فيما يفتح باسيل معركة رئاسة الجمهورية ويخوض حرب إلغاء ضد الرئيس المكلف سعد الحريري، فيما البلاد تواجه كل أنواع المخاطر من الفوضى الأمنية الى المجاعة وصولا الى الزوال عن الخارطة.

هذا السلوك الباسيلي، إستدعى دق نواقيس الخطر من كثير من النواب وكان آخرهم أمس نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي الذي حمّل “صهر العهد” مسؤولية تعطيل تشكيل الحكومة، والنائب جهاد الصمد الذي “بق البحصة” واصفا باسيل “بالشرير الذي لا يعرف الله”.


مواضيع ذات صلة:


Post Author: SafirAlChamal