إستقبل البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قبل ظهر اليوم، في الصرح البطريركي في بكركي، المحامين بول كنعان، أكرم صفا ونصري لحود، في زيارة شددوا خلالها على “ضرورة التفاف الجميع حول هذا الصرح الوطني الذي لم ينادي يوما الا بحق الشعب اللبناني بعيش كريم”، لافتين الى ان “البطريرك الراعي هو محط آمال اللبنانيين في لبنان ودول الإنتشار وهم يدعمون مواقفه كافة ويثقون بحكمة نظرته ورؤيته لكل ما تشهده الساحة المحلية والإقليمية والدولية من تطورات”.
ثم التقى الراعي الوزير السابق مروان حمادة الذي قال بعد اللقاء:” لقد زرنا اليوم هذا الصرح الوطني الذي كان له اليد الأولى في تأسيس لبنان الكبير. وها هو اليوم يواجه كل الذين يحاولون تدمير هذا اللبنان ومؤسساته وشعبه وطاقاته وطريقة عيشه. يكفي ان نعلم بأن غبطة البطريرك يحاول جملة وتفصيلا المساعدة على حل المشكلة الأساس التي لم تعد تنحصر بتشكيل الحكومة بل تجاوزت الأمر الى مصير بلد ووجود شعب”.
بعدها استقبل العميد الدكتور علي عواد الذي عرض لأجواء مؤتمر جنيف الدولي الثاني الذي”سيتناول ثقافة الحوار والإنسان وبناء السلام ومواجهة النزاعات الداخلية.”
وبعد الظهر استقبل الراعي رئيس مجلس إدارة “الشركة اللبنانية العالمية للصناعات الغذائية – ليفيكور” ايلي رزق الذي عرض للمشاكل التي تعاني منها مجموعة من الصناعيين اللبنانيين لناحية إدخال منتجاتهم الى المملكة العربية السعودية.
واشار رزق الى أن “غبطته يتمتع بثقة ومصداقية السلطات السعودية،” ونحن نعلق آمالنا على مساعيه لإيجاد حل لهذا الموضوع العالق والذي يؤثر سلبا على عدد كبير من العائلات اللبنانية الموجودة على ارض المملكة”.
ثم التقى النائب المستقيل نعمة افرام يرافقه أسعد الراعي، وقد اشار افرام الى أن “الوضع المأساوي المتدهور الذي يعيشه اللبنانيون مع ما يوجد من مشاكل وخصوصا موضوع الكهرباء والدعم والأدوية وسعر صرف الدولار ومعاناة المختبرات الطبية، وتهريب للمخدرات على نحو ما حصل مؤخرا، مع ما كان ينوى ادخاله الى المملكة العربية السعودية من ممنوعات والذي من شأنه ان يؤثر مباشرة على العلاقات مع الدول العربية ومع السعودية بشكل خاص، ما سيكون له تداعياته على الاقتصاد اللبناني في حال استمر قرار منع التصدير الى السعودية، وهنا نأمل أن يتم التعاطي مع هذا الموضوع بجدية أكبر من قبل المسؤولين اللبنانيين”.
وأضاف: “لقد وضعنا صاحب الغبطة في أجواء المشروع الذي نعمل على اطلاقه بعنوان “نحو لبنان جديد” ونحن نعمل على وضع خارطة طريق تتضمن مرشحين للانتخابات النيابية مع خطة متكاملة، للوصول ليس فقط لمجلس نواب جديد وانما الى لبنان جديد”.
وختم افرام:”كذلك بحثنا مع غبطته في موضوع المؤتمر الدولي والحياد، وفي الآلية التي يجب اتباعها كي يبصر هذا المؤتمر النور في أقرب وقت ويكون بمثابة باب أمل وخشبة خلاص، وفرصة أخيرة للحد من الزحف البشري نحو الهجرة من لبنان، وخاصة مع بدء انحسار فيروس كورونا”.
ثم استقبل الراعي وفدا من “الإتحاد المسيحي الديمقراطي اللبناني” برئاسة رئيس الإتحاد الشيخ غنطوس ادوار الجميل الذي قال:” شاءت العناية الإلهية أن نزور بكركي اليوم في الذكرى العاشرة لانتخابكم بطريركا على انطاكية و سائر المشرق. إن عمل الروح القدس هذا هو دليل ساطع على أن الله لم يترك لبنان. فكيف نخاف على الوطن وعلى رأس الكنيسة راعيا صلبا مؤمنا بالشركة والمحبة ، انتفض على ما آلت اليه الامور فدوى صوته وهز ضمائر العالم. معكم نقول بصوت عال أن الكنيسة المارونية كانت عبر تاريخها الطويل دار انفتاح ومساحة احتضان للتنوع وداعية سلام وراعية وفاق بين مكونات هذه الأرض. وهي التي بذلت الجهود والتضحيات في العام 1920 لتأمين ولادة لبنان الكبير المتنوع بأرضه برا وجبلا وسهلا وبسكانه مسيحيين ومسلمين ودروز.”
وأضاف:” نأتيكم بإسم الإتحاد المسيحي الديمقراطي اللبناني لنعلن وقوفنا إلى جانبكم في دعم المؤسسات الدستورية وصون إستقلالية قرار الدولة و سيادتها. و نقول لكم أننا لم و لن نسكت على كل التجاوزات و الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب اللبناني كل الشعب اللبناني و على كل الويلات التي حلت عليه. إن الإتحاد المسيحي الديمقراطي اللبناني يدرك عمق الأزمات ومخاطرها على الهوية والكيان وهو حريصٌ على احتساب كل خطوة ترسم مصير الوطن. ومن هنا نعرب مجدد”ا عن دعمنا الحياد متمنين ألا يتحول هذا الخيار إلى نقطة خلاف تضعف وحدة اللبنانيين بل نريده إجماعا حول معادلة لبنانية قوية تجعل الدول الخارجية المعنية تعترف بالحياد وتضمنه كخيار استراتيجي. فالحياد اصبح ضرورة ملحة لحماية لبنان من اي تدخل خارجي و لمنع اي فريق داخلي من الالتحاق باي محور خارجي او الانجرار اليه.”
وتابع:” إن سياسة المحاور هذه ونذكر منها حملة ابراهيم باشا في 1831 في عهد الأمير بشير الثاني ، والوحدة المصرية – السورية يقابلها حلف بغداد في 1958 ومن ثم الوجود الفلسطيني من 1969 – 1975 ودخول الجيش السوري من 1976 والغزو الإسرائيلي 1982، كانت تداعياتها على لبنان خطيرة جدا لا بل كارثية أنهكت البلاد وغيرت معالمها. والحياد هو احد مبادئ الإتحاد المسيحي الديمقراطي اللبناني وقد رفعنا هذا الشعار و طالبنا به منذ عقود خلال كل مؤتمرات مجموعة الاحزاب الديمقراطية المسيحية. وقد أرسلنا منذ سنة تقريبا كتابا إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة Antonio Guterres ومن مجموعة الأحزاب الديمقراطية الوسطية العالمية IDC – CDI يتضمن المطالبة بحياد لبنان بدعم من المجتمع الدولي. كما يجب ان نتدارك الخلل الديموغرافي الذي يتهدد لبنان من جراء وجود اللاجئين الفلسطينيين و النازحين السوريين والعمل جاهدا على اعادتهم الى بلادهم”.
واردف: ” لا يمكن أن ننسى الوضع الداخلي المتردي والأزمات غير المسبوقة التي تشكل خطرا على الديمقراطية والتعايش وكرامة الناس. وقد رفعتم الصوت عاليا وتكرارا ودفعتكم الظروف إلى صرخات ضمير. لقد اصبح انعدام الاخلاق و الفساد والجشع معيارا للشأن العام يتربص و يتحكم بمصير الناس، والحل الوحيد لاقتلاع هذه الآفات هو بثلاثية جوهرية: المراقبة والمحاسبة والقضاء. فمن هذا الصرح الوطني الكبير نطالب بحكومة تعوض على اللبنانيين خسارة الوقت الضائع فتجري الإصلاحات المطلوبة وتوقف الإنهيار وتمارس العدالة و الشفافية وتنهض بالإقتصاد وتؤمن حياة لائقة وكريمة لشعب تعب من الحروب ومن الإذلال”.
وختم الجميل:” لا خلاص للبنانيين وللمسيحيين بشكل خاص، إلا بالعودة الى الجذور والتسلح بالايمان. وينظر إليكم المسيحيون في لبنان راعيا لوجودهم التاريخي وواحدا من البطاركة العظماء الذين تعاقبوا على هذا الكرسي، فكانت قلوبهم من ذهب وعصيهم من خشب، تفوقوا بالعلم والتقوى والصلاة وبشروا بيسوع وأطلقوا قدرات مجتمعهم في مغامرة بناء دولة اصبح عمرها مئة عام، وهي تطل على المئوية الثانية، بأصالة تاريخها وبمشروع الحداثة والحياد”.