تقارير متعددة ومتضاربة تتحدث عن تدهور الحالة الصحية للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، وصل بعضها إلى الحديث عن وفاته، وهو الأمر الذي نفاه الحزب، ولكن لم ينفِ توعكه الصحي، الأمر الذي يطرح تساؤلاً: هو من يكون خليفة نصر الله في قيادة حزب الله، وما مصير الحزب في حال غيابه.
تداولت مساء الثلاثاء 1 حزيران، بعض المواقع خبراً مفاده أن نصرالله توفي نتيجة مضاعفات إصابته بفيروس كورونا، فيما نقلت مواقع أخرى، مساء الأحد الماضي، خبراً يزعم أن “مصادر طبية موثوقة كشفت عن تدهور خطير لصحة نصر الله، وقد دخل في غيبوبة منذ منتصف ليل اليوم السابق”، وهو ما نفاه الحزب.
وقبل ذلك أثار هذا الظهور يوم 25 أيار 2021 قلق جمهوره، حيث كثر سعاله، وتحدّث بصوت خافت بشكل ملحوظ، ليس هو المعتاد له، واعتذر لجمهوره من كثرة السعال.
وقد لازمت الكحّة المتقطعة نصرالله خلال كلمته، التي قرأها من ورقة هذه المرة، بخلاف عادته في الخطابة.
“نصر الله يُعالج من مرض التحَسّس الربيعي والتهاب رئوي يصاب به سنوياً في مثل هذه الأيام”، حسبما ذكر مصدر مقرب من حزب الله لـ”عربي بوست”.
وأكد المصدر في تقرير سابق لـ”عربي بوست”، أنّ صحة حسن نصرالله آخذة في التحسن، وأنها أصبحت أفضل مما كانت عليه خلال إطلالته السابقة.
ويلفت المصدر إلى أنها ليست المرة الأولى التي يعاني فيها نصر الله من هذا التحسس وتفاعلاته، لكنه كان يُعالج دون الحديث عن مرضه، ولأنّ مرضه لم يكن يترافق مع مناسبات عامة كان يظهر بها للجمهور، خلافاً لما حدث في هذه المرة، حيث صودِف أنه تعرض لموسم الحساسية والالتهابات خلال فترة الاحتفال بذكرى التحرير التي لا يستطيع أن يغيب عنها لدلالاتها الرمزية الكبيرة.
رغم أن حزب الله ذو طابع شديد المؤسسية، كما أنه يعتمد على الدعم المعنوي والمادي الإيراني بشكل هائل، فإنه يظل من المحتمل أن يكون أي غياب لنصر الله له تأثير هائل على الحزب، حيث يحظى بمكانة تُقارب التقديس لدى أعضاء الحزب، وكذلك لدى كثير من أبناء الطائفة الشيعة.
واستطاع نصر الله بطلّته الإعلامية، التي تجمع بين اللغة العربية الفصحى وقليل من العامية اللبنانية، وكثير من التهديد مع بعض المزاح، أن يصبح شخصية استثنائية لدى الشيعة اللبنانيين والشيعة عامة، مستحضراً التراث الشيعي الذي يميل إلى تمجيد رموز المذهب.
وضاعف ذلك أن نصر الله له ابن قُتل خلال الحرب مع إسرائيل.
هذه الشعبية التي يتمتع بها نصر الله، بالإضافة إلى التلويح بالبطش، والمكانة التي حققها الحزب لشيعة لبنان، مكّنت حزب الله بقيادة نصر الله من الحفاظ على السيطرة التامة على الطائفة الشيعية، رغم تدهور أوضاع لبنان الاقتصادية، والذي يتحمل الحزب جزءاً كبير من المسؤولية عنه.
ومن شأن غياب كاريزما نصر الله فقدان الحزب جزءاً من الهيمنة الأيديولوجية والنفسية على الطائفة الشيعية، والاعتماد أكثر على التعصب الطائفي، والتلويح بالقوة، خاصة في ضوء تراجع المساعدات المالية التي يقدمها الحزب، والتي كانت دوماً إحدى وسائل تعزيز نفوذه.
لا يُعرف ما هي الآلية التي على أساسها يتم اختيار الأمين العام لحزب الله، الذي هو أعلى منصب قيادي للحزب.
وعندما أطيح بأول أمين عام للحزب، صبحي الطفيلي، تولى عباس الموسوي المنصب، وبعد مقتل الأخير جاء نصر الله خلفاً له.
وفي الأغلب سيكون الدور الإيراني الأساسي في اختيار خليفة نصر الله، ظل تبعية الحزب لولاية الفقيه، كما أنه لا يشترط بالضرورة أن الشخص الذي يتولى أعلى منصب معروف في الحزب هو المرشح لخلافة نصر الله، مثل الشيخ نعيم قاسم، الأمين العام المساعد للحزب، الذي سبق أن تخطاه نصر الله ووصل لقيادة الحزب رغم أن قاسم كان يتولى المنصب الذي يشغله حالياً.
ففي مثل هذه المؤسسات التي يندمج فيها الطابع الاستخباراتي والعسكري مع الديني، قد تكون هناك مناصب خفية أعلى شأناً من المناصب المعلنة، كما أن الأجنحة العسكرية عادة ما تتولى دوراً أكبر مما يظهر في العلن في صنع القرارات المصيرية.
وحزب الله لا يعتمد آلية مكشوفة في تعيين أمين عام، دائماً يُختار الخليفة من المجلس الجهادي للحزب، هذا المجلس الذي يرأسه صورياً نصر الله، لكن عملياً كان يرأسه عماد مغنية، ولذا يتوقع بشكل كبير أن يتم اختيار خليفة نصر الله منه، بحسب ما قاله المحلل السياسي المهتم بالتنظيمات السياسية اللبنانية علي حيدر لموقع “ساسة بوست”.
سبق أن ذكرت صحيفة خورشيد الإيرانية، أن صفي الدين اختير ليكون خليفة نصر الله في حال اغتياله.
ويبلغ صفي الدين من العمر 57 عاماً، ويلقب بالرجل الثاني في الحزب، إذ يعد أحد القادة البارزين، كما أنه رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله (حكومة حزب الله)، وتجمعه صلة قرابة بحسن نصر الله (ابن خالته).
ومتزوج من ابنة محمد علي الأمين، عضو الهيئة الشرعية، في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى.
درس صفي الدين في مدينة قم الإيرانية مع ابن خالته نصر الله، وهو على علاقة وثيقة معه، ومن الداعمين لفكرة ولاية الفقيه.
ويعتبر موقع رئيس المجلس التنفيذي الذي يشغله صفي الدين، ثاني مواقع القيادة في حزب الله، إذ يتولى متابعة التفاصيل اليومية في العمل الحزبي والإجراءات التنظيمية، كما أنه يتحكم في مفاصل الحزب كافة، ويوصف بأنه المتابع المباشر للملفات المؤسساتية، وهو محسوب على تيار الأمن في الحزب.
كما أن رئيس المجلس التنفيذي للحزب هو تلقائياً من أعضاء مجلس الشورى، القيادة الفعلية للحزب.
وساعد إشراف صفي الدين على الشؤون السياسية والبرامج الاجتماعية والاقتصادية للحزب في إنشاء علاقات قوية مع قيادات في الجناح العسكري، حسبما ورد في تقرير لموقع “إرم نيوز”.
ويدير صفي الدين -أيضاً- مجموعة استثمارات هائلة الحجم، تهدف إلى تأمين الاستقلالية المالية لحزب الله، وتأمين تمويل جسده التنظيمي الهائل.
وأدرجت الولايات المتحدة الأميركية والسعودية صفي الدين في عام 2017، على القائمة السوداء للإرهاب، على خلفية مسؤوليته عن عمليات لمصلحة الحزب في أنحاء الشرق الأوسط، وتقديمه استشارات حول تنفيذ عمليات إرهابية.
ويعكس زواج زينب سليماني بعد نحو 6 أشهر من مقتل والدها، قائد فيلق القدس السابق، قاسم سليماني، من رضا هاشم صفي الدين، العلاقة المتينة بين هاشم صفي الدين والقيادة الإيرانية.
ويصف الأشخاص الذين يعرفون صفي الدين، بأن شخصيته هي امتداد لشخصية نصر الله، وأن خبرته التنظيمية وعلاقاته الممتازة مع العسكر داخل الحزب تجعله خليفة نموذجياً لنصر الله، كذلك هو امتداد لخياراته السياسية.
يعتبر نعيم قاسم -نظرياً- الرجل الثاني في الحزب، إذ يشغل منصب نائب الأمين العام، لكن وجوده في موقعه هذا لم يجعله يتولى الأمانة العامة للحزب، عندما اغتيل عباس الموسوي في عام 1992، وهذا ما يقلل فرصه لأن يكون خليفة نصر الله.
يبلغ قاسم من العمر 68 عاماً، ودرس الكفاءة في الكيمياء باللغة الفرنسية من الجامعة اللبنانية، كما أن دراسته الدينية تزامنت مع الدراسة الأكاديمية، حيث حصل على المراحل العليا من الدراسة الحوزوية.
عمل مع موسى الصدر في بداية تأسيس حركة المحرومين، وانخرط في حزب الله مع بداية انطلاقته في عام 1982، لكنه لم يكن من المؤسسين، وإن كان من الذين عملوا بجهد في عملية انطلاق الحزب.
ويشغل منصب نائب للأمين العام لحزب الله، منذ سنة 1991 لخمس دورات متتالية.
وقاسم على علاقة مميزة مع رئيس كتلة نواب الحزب، محمد رعد، لاعتبارات تتعلق بقدومهما من حزب الدعوة.
طلال حمية من مواليد 27 تشرين الثاني 1952، منحدر من بلدة طاريا، الواقعة في البقاع الأوسط، وهو من الشخصيات القليلة التي تتواصل بشكل مباشر مع نصر الله، حسب تقرير لموقع مجلة “المجلة”.
وهو من أبرز المرشحين ليكون خليفة نصر الله في حال غياب الأخير.
وينتمي حمية للجناح العسكري للحزب، لذا فإنه متوارٍ عن الأنظار، ويعمل بالخفاء، كما يعتبر حمية من الجيل الأول للحزب، حيث انضم إليه في منتصف الثمانينات حين تولى مسؤولية تنشئة عناصر من الحزب في برج البراجنة بضاحية بيروت الجنوبية، وكان حمية مقرباً من القيادي العسكري الأول للحزب عماد مغنية، الذي قتل في عام 2008 في سيارة مفخخة في دمشق.
ويحمل حمية عدّة أسماء مستعارة منها “طلال حسني” و”عصمت ميزاراني”، وهو واحد من الشخصيات الصلبة والغامضة في حزب الله اللبناني، إذ يوصف بأنّه يتمتع بذكاء شديد، ويوصف كذلك بـ”الشبح” لابتعاده عن الحياة الاجتماعية، والتزامه بقواعد أمنية متشدّدة، إذ لا توجد لديه أيّ أوراق رسمية في لبنان، رغم أنّ حميّة قبل أن يصبح في صفوف حزب الله عمل موظّفاً إداريّاً في مطار بيروت حتى عام 1982، حسبما ورد في تقرير لموقع “ساسة بوست”.
ويقود حمية (الوحدة 910)، المسؤولة عن العمليات الخارجية السريّة للحزب، خاصة أن مهمّته في التنسيق منحته خبرة كبيرة في هذا المجال، ولذلك تولّى -حسب الاستخبارات الغربية- رئاسة المجلس الجهادي للحزب في العام 2016، وهو يشغل “خلايا نائمة” في جميع أنحاء العالم، حسب مصادر إسرائيليّة، خاصة في أميركا الجنوبية وأوروبا الغربية، وكذلك أنشأ بعضها في دول الخليج وإفريقيا، مرتكزاً على الحاضنة الشعبية الشيعية التي تتعاقد مع المتعاونين والوكلاء لجلب الدعم المالي واللوجستي للحزب، علاوة على دوره في تجنيد متطوعين للعمليات بالخارج، وأبرزها توظيف المتطوّعين وإرسالهم إلى العراق.
ووفقا لموقع “المكافآت من أجل العدالة” (وهو كناية عن برنامج أمريكي يقدم مكافآت لكل من يدلي بمعلومات عن قيادات مطلوبة ومصنفة إرهابية) يعتبر التشكيل الذي يقوده حمية مسؤولاً عن تخطيط وتنسيق وتنفيذ الهجمات خارج لبنان، لاسيما تلك التي استهدفت في المقام الأول إسرائيليين وأمريكيين. وارتبط اسمه بالعديد من الاعتداءات، وهو المتهم بالمشاركة في خطف طائرة TWA، في يونيو/حزيران 1985.
ترتفع أسهم حمية لتولي قيادة الحزب من منطلق توليه مواقع متقدمة في الجناح العسكري، حيث تشير المعلومات إلى شغله منصب مساعد رئيس المجلس العسكري الذي يترأسه نصر الله.
المصدر: عربي بوست
مواضيع ذات صلة: