لم توفّر الأزمة الاقتصادية والمالية الأسوأ في تاريخ لبنان الحديث قطاعاً أو مؤسسة إلا وتسلّلت إليها، في وقت لا حلول تلوح في الأفق والصراع السياسي على أشدّه بين أركان الحكم الذين يحمّلهم اللبنانيون مسؤولية ما آلت إليه أوضاع البلد.
وتأتي في الإطار المعلومات المتداولة عن خطر يُهدد استمرار عمل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي تم إنشاؤها لمحاكمة قتلة رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري ورفاقه بسبب نفاد التمويل و”عجز” لبنان عن تسديد حصّته المتوجّبة عليه سنوياً نتيجة أزمة الدولار الحادة التي يرزح تحتها وتدهور الليرة.
رفض دولي
فقد أكد مصدر رسمي رفيع أن “لبنان لم يعد يستطيع تسديد المبلغ المتوجّب عليه للمحكمة سنوياً والبالغ 22 مليون دولار بسبب الأوضاع الصعبة التي يمرّ بها، وقد أرسل منذ فترة كتاباً إلى الأمم المتحدة مطالباً بأن تكون حصته من مصاريف المحكمة لعام 2021 “رمزية” (5 بالمئة من الموازنة) مع التمسك باستمرار عملها”.
ونتيجة كتاب الحكومة اللبنانية، قدّمت الأمم المتحدة بحسب المصدر الرسمي طلب “إعانة” Subvention بقيمة 15 مليون دولار من أجل تغطية حصّة لبنان، غير أن ذلك لم ينجح، بسبب تعثّر الدول المساهمة في تسديد حصّتها أيضاً.
وفي السياق، أوضح المصدر “أن المشكلة ليست فقط في عدم قدرة لبنان على تسديد المتوجّب عليه، وإنما في الدول المساهمة أيضا، إذ يبدو أنها ترفض تجديد مساهمتها لأسباب عدة منها مرتبط بتراجع اقتصادها نتيجة جائحة كورونا”.
تخفيض عدد موظفيها بالتزامن، باشرت المحكمة الدولية باتّخاذ إجراءات تلاقي تراجع الأوضاع الإقتصادية في الدول المساهمة بإنشائها، خصوصاً لبنان، فعمدت إلى تخفيض عدد موظفيها من 400 إلى 200.
وأكدت الناطقة بإسم المحكمة وجد رمضان أن “لبنان مُلتزم بتأمين 49% من موازنة المحكمة، ولجنة الإدارة في الأمم المتحدة أقّرت بأن تكون حصّته لهذا العام نحو 17 مليون يورو، لكن يبدو أن الأمور تسير نحو تخلّفه عن السداد بسبب تعثّر وضعه الاقتصادي والمالي”.
وضع مُقلق
كما كشفت “أن الأمين العام للأمم المتحدة استطاع الحصول على قرض بقيمة 15 مليون يورو لتغطية جزء من الموازنة، لكن يبقى هذا المبلغ غير كافٍ، لأن المحكمة لم تصلها هذا العام أي مساهمة رئيسية من الدول المانحة لتمويل موازنتها، لذلك فإن الوضع المالي للمحكمة “مُقلق” وحرج ومبلغ 15 مليون يورو لا يكفي كي تواصل عملها حتى نهاية العام 2021″.
ننتظر تحقيق العدالة
أما أهالي الضحايا فيؤكدون أنهم لم يتبلغوا أي شيء فيما يتعلق بتلك النقطة. وفي السياق، قالت إحسان فايد، أرملة طلال ناصر الذي قضى بانفجار الرابع عشر من شباط: “لم نتبلّغ كأهالي ضحايا حتى الآن بإمكانية توقّف عمل المحكمة”. إلا أنها تمنّت في أن تكون المعلومات المتداولة بهذا الشأن غير صحيحة.
وأضافت “منذ 16 عاماً ونحن ننتظر تحقيق العدالة كاملةً، فلا يجوز أن تذهب هذه السنوات سدى لأسباب مادية على رغم معرفتنا بالأوضاع الاقتصادية والمالية السيّئة التي يمرّ بها بلدنا”.
يذكر أنه في منتصف حزيران المقبل تنطلق محاكمة العضو في حزب الله سليم عياش بقضية ضلوعه في تنفيذ اغتيال أمين عام الحزب الشيوعي الأسبق جورج حاوي الذي اغتيل في حزيران 2005، ومحاولة اغتيال كل من الوزير السابق مروان حمادة (تشرين الاول 2004) والوزير السابق إلياس المرّ (تموز 2005)، وذلك بعد إدانته منفرداً باغتيال الرئيس رفيق الحريري في شباط 2005.
ويعوّل أهالي ضحايا جريمة 14 شباط 2005 على تحقيق العدالة عبر المحكمة الدولية التي ناضلوا من أجل إنشائها بعدما فقدوا الثقة بالقضاء اللبناني.
المصدر: العربية
مواضيع ذات صلة: