عقد مجلس الأعمال اللبناني – السعودي إجتماعاً برئاسة رئيس اتحاد الغرف اللبنانية محمد شقير ورئيس مجلس الأعمال اللبناني – السعودي رؤوف أبوزكي ونائبه المهندس سمير الخطيب ومعظم أعضاء المجلس حيث تداولوا في الأزمة الناشئة عن تصريحات وزير الخارجية والمغتربين في لبنان.
وقد إختتم الاجتماع بإصدار البيان الآتي:
ما أحوج لبنان في هذه المحنة أن ينتهج سياسة خارجية حكيمة خصوصاً مع الدول الشقيقة والصديقة التي وقفت إلى جانبه، وما أحوجنا أن نستلهم تجربة كبار في السلك الدبلوماسي اللبناني الذين وضعوا الدبلوماسية اللبنانية في أرقى أدوارها ومراتبها. لكن للأسف، لبنان يسير عكس هذا الاتجاه، فالممارسات والمواقف التي نشهدها منذ فترة والتي تخرج عن تقاليدنا العريقة، تشبه الانتحار الذي لم يلبث أن قاد لبنان إلى عزلة عربية ودولية غير مسبوقة، في الوقت الذي نحتاج فيه إلى الدول الشقيقة والصديقة، التي لم تتأخر يوماً في مساعدة لبنان على تجاوز محنته.
فعلاقات لبنان بالمملكة العربية السعودية هي علاقات تاريخية منذ تأسيس المملكة حتى اليوم على المستويين السياسي والاقتصادي، وقد مرّت في مراحل عدة مضنية كان آخرها اتفاق الطائف، ومساعدة لبنان على مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، وكذلك الدور الذي لعبته دول مجلس التعاون الخليجي التي فتحت أسواق العمل فيها لنحو 500 ألف لبناني الذين يعيلون أكثر من نصف الشعب اللبناني.
إن دول العالم تتطلّع إلى التواصل مع المملكة نظراً إلى مكانتها الاقتصادية وثقلها السياسي، وتسعى إلى تعزيز علاقات مميّزة بها. فما بال لبنان يعمل بسبب السياسة الخارجية العمياء، على صنع العراقيل لتخريب هذا العلاقات وعزل لبنان عن محيطه العربي.
والأسئلة التي تطرح نفسها، أين مصلحة لبنان وشعبه في ما قام به وزير خارجية لبنان؟ وإلى أي مستوى انحدرت معه الدبلوماسية اللبنانية؟ ومن يتحمل مسؤولية هذه التصريحات التي أدلى بها والتي دفعت علاقات لبنان بالمملكة العربية السعودية وبدول الخليج العربي كافة إلى أدنى مستوياتها؟ هل هذه هي التقاليد اللبنانية بالوفاء لمن وقف إلى جانبنا في المحن كافة؟ هل يكفي الاعتذار عن جريمة بهذا الحجم؟ وما هي مسؤولية من أتى بهذا الوزير الذي لا يفقه الحد الأدنى من دور الدبلوماسية، ولا من تاريخ لبنان الدبلوماسي العريق؟ ما هذا النوع من المسؤولين الذين دمروا علاقات لبنان بالدول التي كانت سبباً بازدهار بلدنا في مراحل طويلة؟ لمصلحة من يجري هذا العبث بسياسة لبنان الخارجية؟ ما هذا النوع الذي لا يلتفت إلى مصالح 500 ألف مواطن لبناني يعيشون في دول الخليج وينعمون بفرص العمل التي تمكنهم من مساعدة عائلاتهم في لبنان؟
إنها بالفعل نكسة على المستويات كافة، فهل نكتفي بتوضيح من هنا وهناك، والقول أن ما أدلى به هذا الوزير لا يمثل لا الدولة ولا رئاسة الجمهورية؟ وماذا يفعل وزير خارجية إذا كانت تصريحاته ومواقفه لا تمثل الدولة ومرجعياتها؟ التداعيات الكبرى التي خلفتها هذه التصريحات المهينة وغير المسؤولة والتي ترقى إلى مصاف الجريمة بحق لبنان وشعبه، لا تتطلب إعفاء هذا الوزير من مسؤولياته وحسب بل واعتذاراً رسمياً من المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي وشعوبها، كما تتطلب وهذا هو أساس المشكلة، العودة إلى سياسة خارجية حكيمة متمرسة ومتوازنة تفك عزلة لبنان وتعيده إلى الحضن العربي الوحيد القادر على مساعدته في لملمة جراحه وإعادة النهوض باقتصاده. آن الأوان لوقف هذا المسار الانتحاري الذي يقود لبنان نحو الهاوية. ننتظر قرارات بحجم الكارثة!
وفي الوقت نفسه نأمل من المملكة كعادتها، أن تتحلّى برحابة الصدر وتتجاوز هذه الجريمة حرصاً على مصلحة الشعب اللبناني الذي أبدى استنكاراً واسعاً لما اقترفته الدبلوماسية اللبنانية.