أم مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان صلاة العيد في مسجد الحاج بهاء الدين الحريري في صيدا، في حضور شخصيات وفاعليات سياسية، وسط إجراءات الوقاية من فيروس كورونا، في وقت غابت المشاهد الاحتفالية بسبب الظروف الصحية والتطورات في فلسطين المحتلة.
وألقى خطبة قال فيها: “يا أيها الذين تخلوا عن مسؤلياتهم الوطنية، لبنان واللبنانيون أثناء حكمكم وتمرسكم للمسؤولية، يعيش أقسى الظروف السياسية والاجتماعية والصحية والمعيشية بل يعيش الانهيار الاقتصادي والمالي، وربما خطر الانفجار الاجتماعي المرعب والمخيف. ماذا فعلتم بالبلد جراء تصاعد صراعكم السياسي الذي طاول المؤسسات الحيوية والقضائية وكل المؤسسات الدستورية والأمنية والوطنية، ولمصلحة من تضرب هذه المؤسسات؟ لمصلحة من الحدود سائبة وتهريب السلع المدعومة الاستهلاكية والبترولية والحيوانية ناشطة على طرفي الحدود؟ لمصلحة من تهرب المخدرات بطرق شيطانية لإغراق الدول الشقيقة والصديقة بأنواع المخدرات؟ من يحمي اللبنانيين من المهربين ومن مروجي العملات المزورة ومن سارقي السيارات في وضح النهار؟ أيها المسؤولون الذين تقاعسوا عن حمل المسؤولية، ألم تشعروا أن المواطن بكل أطيافه يطحن طحنا تحت وطأة الغلاء والجوع؟ الرواتب والأجور جامدة ولا تتحرك مع الغلاء الفاحش. أصبح المواطن في القطاعين العام والخاص تحت خط الفقر المدقع ومع ذلك كل يوم يبشرنا الساسة أننا نسير من سيء إلى الأسوأ ومن الانهيار الى الكوارث ومن جهنم الى الدرك الأسفل منها؟”
وسأل: “أيها المسؤولون ماذا قدمتم للشعب في هذا العهد الميمون؟ دمار وأشلاء في المرفأ، ومآس لم يشهدها لبنان أيام الحرب الأهلية المشؤومة. لا كهرباء ولا محروقات، بطالة مرعبة، فساد سياسي ومالي، نهب لأموال المودعين، ارتفاع في أسعار السلع وهبوط قيمة الليرة وغياب الضمانات للمواطن وجشع بعض التجار وتفلت الأسعار واختلافها من دكان الى دكان من دون رقيب او حسيب، مع تفشي وباء كورونا ومشاكل المستشفى الحكومي الوحيد في صيدا وعدم تجهيزه بالكامل، مع المماطلة في تأليف حكومة وطنية ترعى شؤون البلاد والعباد وغيرها. نعيش في ظروف أزمة سياسية واجتماعية وصحية ومعيشية واقتصادية حقيقية، وربما نكون أمام انفجار اجتماعي مرعب ومخيف. هل هذا الذي يجري في البلد يحرك ضمائر أهل السلطة والمسؤولين ويدعوهم للخروج من حساباتهم الخاصة ورهاناتهم الداخلية والخارجية فيعودوا الى اتفاق الطائف ويشكلوا حكومة وطنية من أهل الاختصاص بدون ثلث معطل لتعيد ثقة العالم بلبنان وتعيد ثقة اللبنانيين بوطنهم واقتصادهم الوطني وتنقذ ما تبقى من مؤسسات وطنية وأمنية لترعى شؤون البلاد والعباد؟”
وقال: “أيها المسلمون، في صبيحة هذا اليوم المبارك ندين بكل قوة وحزم الاعتداءات الصهيونية على المسجد الأقصى والقدس الشريف، ولا يمكن أن ننسى قضية العرب والمسلمين فلسطين والقدس الشريف وأكناف الأقصى والثائرين والمرابطين على مداخل الأقصى وباب العمود الذين يواجهون الاحتلال النازي بصدورهم العارية ليأدوا صلاة التراويح في المسجد الأقصى المبارك. إنهم يدافعون عن عروبة القدس والمسجد الأقصى وكنيسة القيامة وكل المقدسات في فلسطين. انتفاضة أهل بيت المقدس هي من أجل المسلمين وكرامة العرب ومن أجل أن يرفع صوت الحق على مآذن الأقصى وفي جنبات القدس وكل فلسطين. وستبقى هتافات الله أكبر تشق عنان السماء، وستبقى القضية الفلسطينية في وجدان الشعوب العربية والإسلامية مهما طال الزمن، ولن يطويها النسيان أبدا”.
أضاف: “أيها المسلمون، صيدا مدينة الحب والعطاء، مدينة البذل والسخاء، مدينة التكافل والتضامن الاجتماعي والتعاون الأسري والتآلف والتعاون. أثلج صدري ما سمعته ورأيته من دور فعال لجمعيات المجتمع المدني والجمعيات الإسلامية وصندوق الزكاة من رعاية الفقراء والمحتاجين ودفع الضرر عنهم ومواساتهم في شهر رمضان المبارك”.
وختم: “بارك الله بهذه الهمة العالية وبمن أنفق من ماله، وبارك الله بمن بذل من جهده ووقته لتفريج كربة المكروبين ويسر على المعسرين لتكون فرحة العيد شاملة للجميع. تقبل الله صيامكم وقيامكم وزكاة أموالكم وجعلنا جميعا من عتقاء شهر رمضان”.
بعد ذلك توجه سوسان الى ساحة الشهداء وقرأ الفاتحة لأرواح الشهداء، معتذرا عن عدم استقبال المهنئين بالعيد، داعيا أن “يرحم الله شهداءنا الأبرار ويعيد الأعياد المباركة علينا وعلى الأمة العربية والاسلامية بالخير والوحدة ونبذ الفتن والفرقة ويرفع البلاء والوباء والغلاء عنا جميعا، انه سميع مجيب”.