لا تأبه السلطة لبؤس الشعب اللبناني بقدر سعيها إلى نيل رضى الخارج وفق منطق الوصاية السياسية، هي علة النظام منذ تأسيس فكرة الكيان اللبناني مع إمارة فخر الدين في القرن الخامس عشر إلى عهد ميشال عون ″القوي″.
لا يخفى على احد أن الاستحقاقات الانتخابية تعتبر الباب الفعلي للتدخل المباشر في لبنان، وقد شكلت محطات متفجرة وتحديدا الانتخابات الرئاسية في العام 1982 أو الانتخابات النيابية 2005 مع اختلاف الظروف سوى تغيير شكل البوصلة الخارجية وتبديل الوصاية السياسية.
برزت سلسلة مؤشرات عن استعداد أميركي للتعاطي المباشر مع الازمة اللبنانية، حيث يشكل ملف المفاوضات البحرية مع العدو الصهيوني الاهتمام الأساسي لإدارة جو بايدن والمعطوف على الاتصالات الجارية مع الجانب الايراني حيال الملف النووي وإعادة ترتيب المنطقة.
هنا أتى المرسوم 6433 بصبغة فضيحة سيادية بإمتياز بعدما حجر عليه رئيس الجمهورية في إدراج قصر بعبدا عشية زيارة المبعوث الأميركي ديفيد هيل بعدما اجبر كل الأطراف المعنية على توقيعه، خصوصا ان المرسوم المذكور أعاد لبنان إلى طاولة المفاوضات مع الجانب الاسرائيلي.
الاهتمام الأميركي المضطر يهدف إلى مواكبة الانهيارات لتغيير وجهة النظام بما في ذلك تقويض نفوذ حزب الله وعزله سياسيا وشعبيا، لعل الفرصة السانحة حاليا تكمن بالانتخابات النيابية والرئاسية العام المقبل.
من الواضح بأن فريق عون يتعامل مع صناديق الاقتراع بحذر شديد بعد ثورة 17 تشرين الاول، ولعل آخر الحرتقات الدستورية لسليم جريصاتي التمديد لولاية عون بصورة غير معلنة في حال نجاح تمرير التمديد لمجلس النواب، وهذه “الحرتقات” تكشف عمليا حجم الهلوسة التي يعيشها العهد الحالي في بلد تنهار قطاعاته ويتسول شعبه بكل المقاييس.
بات من المؤكد وفق مصادر سياسية مطلعة بأن الجانب الأميركي القى بالحرم على حفلة التمديد وهو ابلغ المعنيين عدم المس بالاستحقاقات الديمقراطية، ما يعني فرض الانتخابات النيابية بمعزل عن معالجة ثغرات كونها أصبحت أسطوانة معروفة عند أصحاب القرار بالخارج.
الزجر الأميركي انتج خنوعا عند فريق عون والتيار الوطني الحر الذي اتجه عمليا وفق المعلومات نحو محاولات لملمة وضعه الشعبي كما شد العصب الطائفي، فيما يلوذ حزب الله بصمت مطبق خصوصا انه الطرف الأساسي المعني بالقرار الأميركي لكونه ينزع من بين يديه الأكثرية النيابية تمهيدا إلى تجريده من قرار الدولة فيما تشير تقديرات إلى مراهنة الحزب على نتائج المفاوضات مع إيران والتي ستفضي حكما إلى تسوية مفصلية في لبنان كما حدث مع انعقاد إتفاق الطائف العام 1990.
مواضيع ذات صلة: