حياد لبنان.. خيار استراتيجي بين نقيضين (4).. صبحي عبدالوهاب

تنشر “سفير الشمال” على حلقات كل يوم ثلاثاء دراسة حول طرح “الحياد” أعدها الباحث صبحي عبدالوهاب، وفيما يلي الحلقة الرابعة..

تابع البطريرك الراعي شارحاً: “عاش لبنان على الرغم من كل ذلك فترة بحبوحة على الرغم من كل الخضّات التي شهدتها المنطقة لأنه كان محايدا. وبحكم نظام لبنان التعددي والثقافي والديني هو مكان للتلاقي والحوار وهو مكان العيش المسيحي والإسلامي غير الموجود في اي مكان وخصوصا انه قائم على الإنتماء للمواطنة. في كيانه الأساسي لبنان دولة مدنية تفصل بين الدين والدولة ولكنهم شوّهوا هذه الدولة بممارساتهم الطائفية. نظامه ديمقراطي يعتمد الحريات العامة والإنفتاح على الدول انه رسالة حرية وتعددية للشرق والغرب. مؤسساته المالية ونظامه الإقتصادي الحر يشكلان حاجزا في وجه الانظمة التوتاليتارية.

نعم لبنان حيادي بهويته وكيانه. الامير طلال بن عبد العزيز آل سعود مع ما يمثله من صوت عربي قال عن لبنان: “ان حياد لبنان قوة له وللعرب وابعاده عن التجاذبات الإقليمية التي تهدد وحدته وسلامة اهله هو ضرورة. هذا الحياد يعصم لبنان عن التداعيات الخطيرة للصراعات المحتدمة في المنطقة. للبنان وضع خاص باعتباره في وضع نزاع مع اسرائيل ولكن حياده يحول دون تحويله الى ساحة نزاع للدول على ارضه”.

ولفت الراعي الى أنه “يجب ان يكون لبنان حياديّا ناشطا. اي عدم دخوله في احلاف ومحاور وصراعات اقليمية او دولية ومنع اي تدخل اقليمي او دولي في شؤونه او استخدام اراضيه. لذلك يجب تعزيز الدولة اللبنانية كما ارادها الشيخ بشير الجميل بجيش قوي ومؤسسات تخضع للقانون ووحدة داخلية تمكن لبنان من مواجهة اي خطر من اي دولة سواء اسرائيل او غيرها. كلنا نتذكر انتخاب الشيخ بشير وكيف انه في خلال 21 يوما انتظمت امور البلد والإدارات والوزارات لقد استعمل شخصيته فقط ولطالما كمن سره في شخصيته لم يستخدم  السلاح او اي منطق ترهيب او تهويل اخر. اين نحن اليوم من هذا الانتظام. كل واحد يفتح على حسابه فنرى العدالة الاختيارية الكيدية الانتقائية والسلاح المتفلّت وغيرها من الشوائب”.

وشدد البطريرك الراعي على اهمية فك ارتباط قضية لبنان بقضية الشرق الأوسط لافتا الى ان الحل بسيط بتنفيذ القرار 425 والقرارات ذات الصلة. اما حل قضية الشرق الأوسط فهي تستند الى القرار 242  في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 1967، لذلك قضية لبنان لا علاقة لها بقضية الشرق الأوسط. اين هي القضية الفلسطينية اليوم وعودة اللاجئين الى ارضهم؟ ما من حل. لماذا ادخلونا بالقوة في قضية الشرق الاوسط؟ لبنان في حياده لا يدخل في هذه القضية فنحن لا نفاوض اسرائيل بل هناك قرارا دوليا بخروجها من ارضنا. وموقع لبنان الجغرافي بين سوريا واسرائيل هو مهم ايضا سيما وان الدولتين لديهما اطماعهما في لبنان. لقد صمد لبنان في وجه مشروع اسرائيل الكبرى وسوريا الكبرى ولذلك يريد الحياد ليكمل رسالته وعلى الأسرة الدولية مساعدته ليكون محايدا ليستعيد قيمته ودوره في المنطقة.”

ورأى الراعي “ان لبنان مريض ولكن علينا مساعدته والحفاظ عليه لانه كرامتنا ومستقبلنا وتاريخنا وقيمة الحياد الناشط في لبنان انه يولّد الإستقرار السياسي وهذا يؤّمن اطارا للنمو الإقتصادي. والحياد ينقذ وحدة لبنان ارضا وشعبا ويحيي الشراكة المسيحية الإسلامية المتصدعة بسبب حروب المنطقة. الحياد يساهم في استقرار وسلام المنطقة. في الماضي كان لبنان خزنة الشرق الأوسط اي ان البلاد العربية كان لديها الثقة بالمصارف اللبنانية اضافة الى المستوى الطبي والإستشفائي والتعليمي العالي المستوى والسياحة وكل هذا يرتكز على حياد لبنان”.

ومن ثم أطلق البطريرك  الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي خلال مؤتمر صحافي عقده في المقر البطريركي الصيفي في الديمان “مذكِّرة لبنان والحياد النَّاشط” وقال: لقد وضعنا هذه الوثيقة لتوضيح مضمون الحياد الذي لاقى ردود فعل اغلبها ايجابي رغم بعض الاسئلة والإستفسارات حول مضمونها .

 

Post Author: SafirAlChamal