يتمّ الحديث في الآونة الأخيرة عن فرض عقوبات أوروبية على مسؤولين لبنانيين بسبب تعطيل وعرقلة تشكيل الحكومة واختلاس الأموال العامة، فيطرح التساؤل عن ماهية هذه العقوبات؟ وما الآلية المعتمدة لفرضها؟
في معرض الاجابة عن هذه الاسئلة، أعدّ المحامي الدكتور بول مرقص والباحثة مهى داغر من مؤسسة JUSTICIA الحقوقية، دراسة في هذا الشأن تنشر “نداء الوطن” موجزاً عنها وجاء فيها:
طبيعة العقوبات الأوروبية وأهدافها:
قد يطبق الاتحاد الأوروبي عقوبات لتنفيذ قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أو لتعزيز أهداف السياسة الخارجية والأمنية المشتركة، كدعم الديموقراطية وسيادة القانون وحقوق الانسان والدفاع عن مبادئ القانون الدولي.
يعمل الاتحاد الأوروبي على توجيه عقوباته بعناية وتصميم بطريقة تتناسب مع الأهداف التي يسعى الى تحقيقها. فهي تستهدف المسؤولين عن السياسات أو الإجراءات التي يريد الاتحاد الأوروبي التأثير فيها.
هناك مجموعة واسعة من الإجراءات التقييدية المحتملة التي يمكن أن يفرضها الاتحاد الأوروبي، فهي تتوزّع بين عقوبات ديبلوماسية كقطع العلاقات الديبلوماسية وتعليق الزيارات الرسمية، أو عقوبات تجارية عامة أو قيود الدخول كمنع السفر، وعقوبات مالية كتجميد الأموال وحظر المعاملات المالية، وغيرها أيضاً.
* آلية فرض العقوبات في مجلس الاتحاد الأوروبي: إن فرض العقوبات يندرج ضمن مجال السياسة الخارجية والأمنية المشتركة في الاتحاد الأوروبي، ويستند إلى المادتين 30 و31 من معاهدة الاتحاد الأوروبي، وحق القيام بالمبادرات من اختصاص أي دولة عضو وللممثل الأعلى للاتحاد للشؤون الخارجية وشؤون السياسة الأمنية، والتي يمكنها العمل أيضاً بدعم من المفوضية الأوروبية.
بعد تقديم اقتراح فرض العقوبات تتم مناقشته بدايةً بعبارات عامة في مجلس الشؤون الخارجية، ثم يناقش بمزيد من التفصيل من قبل اللجنة السياسية والأمنية، وبعد ذلك يقدم الى فريق عمل المجلس المسؤول عن المنطقة الجغرافية التي ينتمي إليها البلد المستهدف، لفحص ومناقشة الإجراءات المقترحة (في حالة لبنان: فريق عمل المشرق العربي) وأخيراً، يتفاوض مندوبو الدول الأعضاء في المجلس ويقرّرون بالإجماع من سيتم إدراجه. كما يجوز لأي عضو في المجلس أن يحدّ من امتناعه عن التصويت بإصدار إعلان رسمي.
في هذه الحالة، لن تكون الدولة الممتنعة عن التصويت ملزمة بتطبيق القرار، ولكنّها تقبل أنّ القرار يلزم الاتحاد. بالإضافة الى أنّها يجب أن تمتنع عن القيام بأي عمل من المحتمل أن يتعارض مع أو يعوق عمل الاتحاد بناءً على هذا القرار وتحترم الدول الأعضاء الأخرى موقفها.
إذا كان أعضاء المجلس المؤهّلين لامتناعهم عن التصويت بهذه الطريقة يمثّلون ما يقل عن ثلث الدول الأعضاء التي تشكّل ثلث سكان الاتحاد على الأقل، فلن يتم اعتماد القرار.
سوابق للعقوبات الأوروبية شبيهة بالتي ستفرض على مسؤولين لبنانيين: في 1 تشرين الأول 2015، فرض الاتحاد الأوروبي إجراءات تقييدية هادفة ضدّ أولئك الذين يقوّضون الديموقراطية أو يعرقلون البحث عن حلّ سياسي في بوروندي.
وفي 31 كانون الثاني 2011، قرّر مجلس الاتحاد الأوروبي اتخاذ إجراءات تقييدية ضدّ المسؤولين عن اختلاس أموال الدولة التونسية. والهدف من هذه الإجراءات كان استرداد الأصول المختلسة من تونس.
المصدر: نداء الوطن
مواضيع ذات صلة: