كان تصريح وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، أمس، عن أنّ ″الرياض مستعدة لدعم أيّ شخص في لبنان سيتمكن من تبنّي أجندة إصلاحية″، ردّاً على سؤال عمّا إذا كانت السّعودية مستعدة لدعم رئيس الحكومة المُكلّف سعد الحريري، كافياً لإعادة ملف تأليف الحكومة إلى نقطة الصفر.
وجاء هذا التصريح من قبل رئيس الديبلوماسية السّعودي ليقضي على الآمال القليلة التي علّقها البعض، في الدّاخل والخارج، على إمكانية تأليف الحكومة اللبنانية المجمّدة مساعي تشكيلها منذ تكليف الحريري تأليفها في 22 تشرين الأول الماضي، والحديث عن مؤشرات إيجابية محددة يمكن البناء عليها لإخراج البلد من أزماته.
فقبل أيّام قليلة جرى إتصال بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، قيل إنّهما توافقا ـ مبدئياً ـ على ضرورة تشكيل حكومة لبنانية “ذات مصداقية” في أقرب وقت، لمنع حصول مزيد من التدهور في لبنان، ما فسّره البعض بأنّه تساهل سعودي نسبي تجاه الحريري، وإعطاء الضوء الأخضر لمساعي وجهود ولادة الحكومة.
تزامن ذلك مع تسوية حكومية مبدئية عمل على تسويقها عدّة أطراف في الدّاخل، تضمنت تجاوز أحد شروط الحريري للتأليف، وهو أن يكون عددها 18 وزيراً، بعدما تضمّنت التسوية المقترحة رفع عدد أعضاء الحكومة المرتقبة إلى 24 وزيراً، وأن لا يحصل أي طرف على الثلث المعطل، وسط توافق مبدئي على توزيع الحقائب الوزارية لم يكن ينقصه سوى وضع اللمسات الأخيرة على التشكيلة المنتظرة.
هذه الأجواء التفاؤلية المبدئية ترافقت مع تسريبات عن مساعدات كبيرة للبنان من أجل تجاوز أزماته، سواء من فرنسا ومن دول مانحة أخرى، ومن ألمانيا التي أعلنت جهات خاصّة وشركات خاصة فيها مؤخراً عن تقديم ما بين 5 ـ 15 مليار دولار أميركي لإعادة إعمار مرفأ بيروت وجواره، الذي دمّر إنفجار 4 آب أجزاء كبيرة منهما، لكنّ هذه الأموال مشروط تقديمها بتشكيل الحكومة وإنجاز إصلاحات تشريعية ضرورية وسريعة.
واللافت أنّ تصريح وزير الخارجية السّعودي تزامن مع مؤشّرات لا تعكس دعماً للحريري في تأليفه الحكومة، منها كلام نقل عن مصادر مقرّبة من القصر الجمهوري أفادت أنّ “بديل الحريري لتأليف الحكومة جاهز”، إضافة إلى القطيعة السّعودية مع الحريري منذ احتجازه قسراً في الرياض 14 يوماً في كانون الأول عام 2018، وهي قطيعة ما تزال مستمرة حتى الآن، إلى حدّ أنّ السّفير السّعودي في لبنان وليد البخاري، الذي زار واستقبل شخصيات سياسية عديدة من مختلف المشارب، ما يزال مقاطعاً الحريري، فلم يقم بأيّ زيارة له، كما أنّه ما يزال يقفل باب السفارة أمام استقبال أي شخصية من تيار المستقبل.
وإذا كانت حجّة السّعودية عدم دعمها الحريري إشتراطها عليه مسبقاً عدم مشاركة حزب الله في أي حكومة سيشكلها، وهو ما أشار إليه وزير الخارجية السعودي أمس، فإنّه لم يعد خافياً أنّ المملكة ليست متمسكة بالحريري، وأنّ المظلة السّعودية للحريري لم تعد موجودة كما كانت في السّابق، وأنّ مرحلة جديدة من العلاقة بين الطرفين بدأت ترتسم، مختلفة شكلاً ومضموناً عن العلاقة السّابقة، سيكون لها إنعكاسات على مختلف المستويات، تحتاج إلى مقاربة لبنانية لها ما تزال غائبة حتى السّاعة.
مواضيع ذات صلة: