بدأ الوقت ينفد أمام لبنان فيما يواجه أخطر أزمة على الإطلاق تهدد بإصابة البلد صاحب أعلى دينا في العالم، بشلل تام بحلول اذار حيث لن يكون لديه سيولة للسداد مقابل الوقود اللازم لتوليد الكهرباء، فيما هدد البنك الدولي بتعليق تمويله البالغ ملايين الدولارات لحملة التطعيم للوقاية من مرض كوفيد-19 بسبب عدم التزام السياسيين بالنظام، ما ينذر بتفاقم الأزمة الصحية الناجمة عن تفشي فيروس كورونا.
ووفق وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر فإن الأزمة ستكون خطيرة وصعبة ما لم يتم الموافقة على المزيد من التمويل.
وأزمة الكهرباء واحدة من أكبر الأزمات التي تثقل على لبنان منذ سنوات وتفاقمت في ظل الأزمة الاقتصادية والسياسية الراهنة التي يقف فيها لبنان على حافة الإفلاس والإنهيار.
ويفتقر لبنان الذي يكابد أزمة مالية كبيرة ناجمة عن جبل من الديون، بالفعل إلى قدرات توليد الكهرباء لذلك تواجه بعض المنازل والشركات انقطاعات للكهرباء تستمر لعدة ساعات يوميا، مما يجبر الكثيرين على الاستعانة بمولدات خاصة.
وقال غجر: “نحن رايحين على وضع كثير صعب لأنه إذا ما في فيول (وقود) ما في كهرباء”، مضيفا أنه طلب من الرئيس ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب ورئيس البرلمان نبيه بري، الموافقة على قرض طارئ لشركة الكهرباء الحكومية مؤسسة كهرباء لبنان بقيمة 1500 مليار ليرة لبنانية (996 مليون دولار بسعر الصرف الرسمي) لشراء المزيد من الوقود.
وكان غجر قال في وقت سابق من الشهر الجاري، إن لبنان عادة ما يحتفظ بوقود كافية لمدة شهرين إذ إنه من المكلف للبلاد الاحتفاظ باحتياطيات إستراتيجية تكفى ستة أشهر.
وغذت الأزمة المالية اللبنانية وهي الأكبر منذ انتهاء الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين 1975 و1990، الاضطرابات وحالت بين المودعين وحساباتهم وأوقدت شرارة انهيار للعملة، التي خسرت 80 بالمئة من قيمتها مقابل الدولار.
وعلى الرغم من أن بعض المعاملات الرسمية تجري بسعر الصرف الرسمي لليرة قبل الأزمة البالغ 1500 للدولار، فإن قيمة العملة في السوق غير الرسمية هوت إلى ما يزيد عن تسعة آلاف.
ويتولى رئيس الوزراء حسان دياب وحكومته التي استقالت بعد انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب، تصريف الأعمال إذ أخفق السياسيون المنقسمون في الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة، تاركين لبنان بلا دفة بينما تهوي قطاعات واسعة من الشعب إلى براثن الفقر.
ونظرا لأنها حكومة تصريف أعمال، فإنها لا تستطيع عقد جلسات لإقرار الموازنة.
وفي مؤشر آخر على اتجاه الأزمة الراهنة إلى المزيد من التعقيد، هدد البنك الدولي اليوم الثلاثاء بتعليق تمويله البالغ ملايين الدولارات لحملة التطعيم للوقاية من مرض كوفيد-19 في لبنان بسبب عدم التزام السياسيين بالنظام.
وجاءت تصريحات البنك الدولي مع تزايد الإحباط بين اللبنانيين من أن حملة التطعيمات تسير ببطء وربما تنطوي على مخالفات.
وقال سياسيون ووسائل إعلام محلية إن بعض أعضاء مجلس النواب حصلوا على التطعيم في مقر المجلس اليوم الثلاثاء على الرغم من عدم وجود ضرورة تجعل لهم أولوية في ذلك.
وكتب المدير الإقليمي للبنك الدولي ساروج كومار جيها على تويتر: “في حال التأكد من المخالفة، قد يعلق البنك الدولي تمويل اللقاحات ودعم التصدي لكوفيد-19 في جميع أنحاء لبنان”، مضيفا أن ذلك من شأنه أن يخرق الخطة الوطنية المتفق عليها للتطعيم العادل.
وأضاف: “أناشد الجميع، أعني الجميع، وبغض النظر عن منصبكم، أن تسجلوا أسماءكم وتنتظروا دوركم”. ومكّنت إعادة تخصيص البنك الدولي مبلغ 34 مليون دولار لبنان من تلقي أول دفعتين من نحو 60 ألف جرعة من شركة فايزر-بيونتيك هذا الشهر.
وقال البنك إنه سيراقب طرح اللقاح وحذر من المحسوبية في بلد تسببت فيه عقود من الهدر الحكومي والفساد في انهيار مالي شديد.
وقال عضو بالبرلمان، طلب عدم نشر اسمه لرويترز إن بعض النواب الحاليين والمتقاعدين إضافة إلى بعض الموظفين الإداريين تلقوا التطعيم في قاعة البرلمان. وأضاف: “ما كل هذه الضجة؟ هم مسجلون”، مشيرا إلى منصة على الانترنت للقاحات.
وأردف أن جرعات من اللقاح أُرسلت الأسبوع الماضي أيضا لقصر بعبدا من أجل الرئيس ميشال عون ونحو 16 آخرين. وقال مكتب عون إنه سيصدر بيانًا.
وكتب إيلي الفرزلي (71 عاما)، وهو نائب رئيس مجلس النواب اللبناني وليس ضمن المجموعة التي لها أولوية الحصول على التطعيم في المرحلة الأولى على تويتر بأنه تم تطعيمه.
وقال عبدالرحمن البزري الطبيب الذي يرأس اللجنة الوطنية للقاح المضاد لكوفيد-19 إنه لم يكن على علم بأنه سيتم إرسال جرعات إلى البرلمان، مضيفا للصحفيين: “ما حصل اليوم غير مقبول”.
وساد الغضب أنحاء البلاد. وكتب جاد الحموي على تويتر: “جدي رجل مهذب عمره 85 عاما ويعاني من مشاكل في القلب والأوعية الدموية. جدي له أولوية ولم يحصل بعد على اللقاح، مضيفا “من أنتم؟ حفنة من المنافقين، الأنانيين، المجرمين”.
وقال جوناثان داغر على فيسبوك: “بينما يلهث أحبابنا للحصول على الأكسجين في أجنحة كوفيد-19، لم يلتزم النواب بدورهم اليوم وأخذوا اللقاح”.
ولم تعلق وزارة الصحة على الفور وتسبب ارتفاع الإصابات منذ كانون الثاني في زيادة الوفيات في لبنان إلى أكثر من 4300.
مواضيع ذات صلة: