دوحة 2 بعد دوحة 1 لإخراج لبنان من أزماته؟… عبد الكافي الصمد

كسرت الزّيارة التي قام بها نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أمس إلى بيروت، الرّتابة التي خيّمت بقوّة على السّاحة السياسية مؤخّراً، وجعلت أبواب الحل ومخارج لبنان من أزماته تبدو وكأنّها مسدودة، وسط انهيار خطير غير مسبوق، وعلى كلّ المستويات، جعل مصير البلد ومستقبله على كفّ عفريت.

فالزّيارة التي كان الإعلان عنها مفاجئاً، طُرحت حولها تساؤلات ما إذا كانت قطر تقوم بطرح مبادرة وتسوية ما تشبه المبادرة التي طرحتها في عام 2008، وأثمرت حينها ما يُسمى بـ”اتفاق الدوحة” الذي أنهى الأزمة السّياسية، وخصوصاً الفراغ الرئاسي، فضلاً عن التوتّرات الأمنية، وأبرزها أحداث 7 أيّار.

فقبل ما يقرب من 13 عاماً، إستضافت العاصمة القطرية الدوحة، بين 16 و21 أيّار عام 2008، الأطراف اللبنانية المتنازعة لإنهاء الإزمات اللبنانية المتشعبة، وأبرزها الفراغ في منصب رئاسة الجمهورية منذ انتهاء ولاية الرئيس الأسبق للجمهورية إميل لحود في 23 تشرين الثاني عام 2007، حيث توصّل الأطراف اللبنانيون، بدعم من دول إقليمية ودولية مؤثرة في السّاحة اللبنانية، إلى التفاهم على انتخاب قائد الجيش حينها ميشال سليمان رئيساً توافقياً للجمهورية، وهو تفاهم ترجم على أرض الواقع في جلسة عقدها مجلس النواب لهذه الغاية في 24 أيّار 2008، أيّ بعد 3 أيام من إنجاز إتفاق الدوحة.

إتفاق الدّوحة لم يقتصر على ملء الفراغ الرئاسي، بل أثمر إنهاء الإعتصام في ساحة رياض الصلح وسط العاصمة بيروت، الذي نظمته المعارضة، منذ 1 كانون الأول في عام 2006، وتأليف حكومة جديدة على أساس قواعد إعتبرها البعض أنّها نسفت إتفاق الطائف، إذ أصبح إتفاق الدوحة منذ ذلك الحين هو المرجع في تأليف الحكومات، بعد إعطاء فريق 14 آذار 16 وزيراً من أصل 30، وفريق 8 آذار 11 وزيراً، على أن يُمنح رئيس الجمهورية 3 وزراء.

التحرّك القطري الجديد تجاه لبنان ترك خلفه أسئلة عديدة تنتظر الإجابة عليها في الأيّام المقبلة، أبرزها: هل أنّ الدوحة باتت المكان الذي يجتمع فيه اللبنانيون ليحلّوا خلافاتهم، وهل أنّ هناك ضوءاً أخضراً أُعطي للقطريين للتحرّك في هذا الإتجاه، وأنّ تحرّكهم قد حظي، مسبقاً، بدعم وقبول وعدم إعتراض من القوى المؤثرة في لبنان، من إيران إلى سوريا إلى الولايات المتحدة والسعودية تحديداً، في ضوء متغيّرات كثيرة في المنطقة والعالم، بدءاً من المصالحة القطرية ـ الخليجية، ومع السعودية تحديداً، وبعد انتخاب جو بايدن رئيساً جديداً للولايات المتحدة، وهل أنّ التحرّك القطري يأتي بديلاً من المبادرة الفرنسية أم مكمّلاً لها، وهل أنّ الدوحة سوف تتحوّل مكاناً لحلّ الأزمات اللبنانية، أم لعقد مؤتمر تأسيسي جديد كثر الحديث عنه في الآونة الأخيرة، وهل أنّ أيّ حلّ جديد للأزمات اللبنانية سيكون مؤقتاً، كما جرت العادة، أم سيُعمّر طويلاً هذه المرّة؟

الأجوبة على هذه الأسئلة وغيرها يحتاج إلى بعض الوقت، برغم بعض ما كشفه الوفد القطري من مواقف ولو بالتلميح، أولاً لمعرفة ما حمله معه القطريون خلال زيارتهم إلى بيروت أمس، وثانياً مواقف القوى الإقليمية المؤثّرة في لبنان من الخطوة القطرية، وثالثاً مواقف القوى اللبنانية المختلفة والمتضاربة المصالح والولاءات والتوجهات.


مواضيع ذات صلة:


Post Author: SafirAlChamal