خاص ـ سفير الشمال
بالرغم من تزايد أعداد المصابين بفيروس كورونا، والحاجة الى الكثير من الأسرة في المستشفيات التي إمتلأت عن بكرة أبيها، يبدو أن المستشفى الميداني في طرابلس لن يبصر النور قريبا، وربما لا يبصر النور، كونه غير مطابق للمواصفات التي يحتاجها علاج مرضى كورونا، وهذا الأمر ظهر ذلك جليا في سير الضنية التي توقف فيها المستشفى، وفي مدينة صور التي إستغنت بالكامل عنه وتم وضعه بتصرف مستشفى رفيق الحريري الجامعي.
تشير المعلومات التي حصلت عليها “سفير الشمال” الى أن الهبة القطرية المتمثلة بمستشفى ميداني مؤلف من ألف سرير جاءت بالأساس بعد إنفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020، للمساعدة في علاج الجرحى الذين فاق عددهم القدرة الاستيعابية لمستشفيات بيروت والجوار، وهذا الأمر كان ممكنا، خصوصا أن الجريح يحتاج الى سرير والى مصل والى تضميد الجراح وأدوية محددة، وكان يمكن نصب الخيم في أي مكان لوضع هذه الأسرة وطبعا كان الطقس ( آب وأيلول وتشرين) يساعد على وضع هذا المستشفى في الخدمة.
لكن الهبة القطرية لم تستخدم في معالجة جرحى إنفجار مرفأ بيروت، وتم تخزين الأسرة في مستودع المدينة الرياضية، الى أن تم إتخاذ القرار بوضعها في خدمة الجهود التي تصب في مواجهة جائحة كورونا، وتم تقسيمها الى قسمين: مستشفى ميداني في صور بخمسمئة سرير، ومستشفى آخر في طرابلس بخمسمئة سرير تتقاسمهم مع الضنية.
رفضت صور المستشفى لعدم جدواه، وبدأت الأعمال في سير الضنية لوضع المستشفى في الخدمة قبل أن يكتشف المعنيون أنه لا يمكن إستخدامه وأنه لا يتضمن التجهيزات التي يحتاجها مرضى كورونا، أما في طرابلس فتم إعداد الأرض قرب مستشفى القبة الحكومي وهي تحتاج الى تأهيل وتجهيز على صعيد البنى التحتية، وقد سارعت بلدية طرابلس الى رصد 300 مليون ليرة للقيام بذلك تمهيدا لوضع المستشفى في الخدمة، قبل أن يتبين أن كل الجهود التي بذلت ذهبت سدى، فالأرض تحتاج الى مبالغ ضخمة جدا لتجهيزها بالبنى التحتية، كما أن الطقس البارد لا يسمح بوضع مرضى كورونا في أماكن غير مجهزة بالتدفئة المطلوبة، وكذلك، لا يمكن وضع عدد كبير من مصابي كورونا في مكان واحد (ضمن خيمة كبيرة) لتلقي العلاج لأن ذلك يعرضهم للخطر الشديد، وأيضا لأن الهبة القطرية تقتصر على الأسرة الحديدية وبعض التجهيزات البسيطة التي لا تفي بالغرض، اما أجهزة التنفس التي تم إرسالها ضمن هبة قطرية ثانية مخصصة لكورونا، فهي كما أشارت وزارة الصحة الى أنها تستخدم لنقل المرضى من مكان الى آخر، وليست للاستخدام الدائم ضمن غرف العناية الفائقة.
تشير مصادر مطلعة لـ”سفير الشمال” الى أنه من الصعب أن يبصر المستشفى الميداني في طرابلس النور، بعدما تم التأكد أن المال الذي سيصرف عليه سيذهب سدى ومن دون منفعة، كونه لا يمكن أن يقدم العلاجات اللازمة لمرضى كورونا الذين يحتاجون الى عناية خاصة وتجهيزات متطورة لا يمكن أن تتأمن ضمن المستشفى الميداني ما يتطلب البحث عن حلول أخرى، وبالتالي فإن ما حصل في صور رفض، وما تلاه في سير الضنية من توقف أكبر دليل على ذلك.